1428377
1428377
العرب والعالم

ماكرون يزور لندن لمنحها «وسام جوقة الشرف» - بريطانيا تبدأ عهدًا وتحديات جديدة خارج الاتحاد الأوروبي

01 فبراير 2020
01 فبراير 2020

لندن - باريس - (أ ف ب): بدأت بريطانيا أمس عهدًا جديدًا خارج الاتحاد الأوروبي بتحديات جديدة تتمثل في نسج علاقات جديدة مع التكتل الذي يضم 27 دولة وتحديد مكانها الجديد في العالم.

وأمام البرلمان في لندن، تبادل بريطانيون التهاني وغنوا «ليحمي الله الملكة» احتفالا باستعادة استقلالهم، وفي شمال إنجلترا المشكك في جدوى الاتحاد، أطلقت الألعاب النارية. لكن في أدنبرة، أضيئت الشموع حزنا على الانفصال مع حلم عودة اسكتلندا مستقلة يوما ما إلى الحضن الأوروبي.

وأمضى آخرون الدقائق الأخيرة في الاتحاد الأوروبي على متن عبارة بين مرفأي كاليه ودوفر ليلا في بحر المانش.

وقد سادت أجواء من الحزن في واحدة من آخر رحلات العبارات التي تقطع عادة 42 كيلومترا بين البلدين.

وقال الإيطالي اليسيو بورتوني الذي عاش قي بريطانيا عشر سنوات: إن «ما يحدث اليوم مؤسف جدا».

واحتفل بعض البريطانيين في إسبانيا في عدد من الحانات. لكن كثيرين من المؤيدين لأوروبا كانوا يتمنون ألا يأتي هذا اليوم.

وبعد ثلاث سنوات ونصف السنة من التقلبات، أصبح بريكست الذي أيده 52 بالمائة من الناخبين البريطانيين في استفتاء 2016، واقعا. وبعد 47 عاما من العمل الأوروبي، خسر الاتحاد للمرة الأولى دولة عضوا ومعه 66 مليون نسمة.

وقد وعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الأشهر الأخيرة بعصر ذهبي جديد لبلده، لكن ما زالت أمامه مهام كبيرة لجعل شعاره «بريطانيا عالمية» الذي يفترض أن يرمز لبلد مستعد لمواجهة العولمة، حقيقة.

هل يلتفت إلى الولايات المتحدة التي تمد له يدها؟ هل يصبح منافسا جديدة على أبواب الاتحاد الأوروبي؟ أم بالعكس، يتقرب بقوة من الأوروبيين الذين يبقون شركاء لا يمكن الالتفاف عليهم؟.

يفترض أن يقدم رئيس بلدية لندن السابق الاثنين رؤيته في خطاب، بينما سيعرض كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه أولويات المرحلة الجديدة للمفاوضات التي تفتتح في لندن.

«حزين قليلا»

في خطاب بُث قبل ساعة من بريكست، وعد رئيس الوزراء المحافظ البالغ من العمر 55 عاما وراهن على بريكست «بنجاح تتردد أصداؤه ... أيا تكن العقبات».

وقال: إن «أهم شيء يجب أن نقوله مساء اليوم (أمس الأول) هو أن هذا ليس النهاية بل البداية، لحظة الفجر ورفع الستار على فصل جديد». ووعد «ببداية عصر جديد من التعاون الودي» مع الاتحاد الأوروبي.

ويشكل الحدث التاريخي فصلا جديدا يجب كتابته، لكنه ليس نهاية الانقسامات التي مزقت بريطانيا، إذ أن مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي يشعرون بالمرارة خصوصا في المناطق التي صوت معظم ناخبيها مع البقاء في الاتحاد، في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية.

وقال كوري (29 عاما) الذي كان يحتفل مع أشد المؤيدين لبريكست أمام البرلمان البريطاني بدعوة من المشكك في جدوى الوحدة الأوروبية نايجل فاراج «إنني سعيد لأن هذا حدث فعلا».

وأضاف «إنه أمر محزن قليلا لأنه كان من الأفضل للاتحاد الأوروبي أن يولي مزيدا من الاهتمام للدول الأعضاء». أما الصحف البريطانية فقد بدت منقسمة بشأن الحدث.

وكتبت صحيفة «تايمز» أمس «نقطة البداية: المملكة المتحدة تغادر الاتحاد الأوروبي». أما صحيفة «ديلي إكسبرس» الشعبية فقد عنونت «مملكة متّحدة جديدة مجيدة».

من جهتها، رأت صحيفة «ديلي تلغراف» المؤيّدة لبريكست والمقرّبة من جونسون فقالت في افتتاحيتها «حسنًا فعل الشعب البريطاني، وأخيرًا خرجنا»، مؤكّدة أنّ رئيس الوزراء يعتزم فرض رقابة جمركية على المنتجات الأوروبية.

منافسة ضارة

بالتأكيد هذه اللحظة تاريخية لكنها لن تؤدي إلى تغييرات كبيرة على الفور. فلإنجاز الانفصال بهدوء، ستواصل المملكة المتحدة تطبيق القواعد الأوروبية حتى 31 ديسمبر. وبدون أي تصريحات، اختفى علم بريطانيا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

ويفترض أن يتم تحديد مجالات التعاون في التجارة وصيد السمك والأمن وغيرها، بحلول نهاية العام الجاري. وفي الأسابيع المقبلة، ستبدأ مفاوضات تبدو شاقة ونتائجها غير مؤكدة.

وتأمل لندن في التوصل إلى نتيجة في زمن قياسي قبل نهاية العام وتستبعد تمديد المرحلة الانتقالية إلى ما بعد 2020. وتعتبر المفوضية الأوروبية هذه الفترة الزمنية غير كافية.

ويزور ماكرون بريطانيا في يونيو لتقديم أعلى تكريم رسمي في بلاده «وسام جوقة الشرف» لمدينة لندن للتأكيد على قوّة العلاقات بين البلدين بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال الرئيس الفرنسي في رسالة مفتوحة نُشرت أمس في صحيفة «ذي تايمز أوف لندن» «أصدقائي البريطانيين الأعزّاء، تغادرون الاتحاد الأوروبي لكنّكم لا تغادرون أوروبا».

ويتم هذا العام إحياء ذكرى مرور 80 عامًا على دعوة شارل ديغول في 18 يونيو 1940 من لندن التي هرب إليها مع من تبقى من الجيش الفرنسي، للمواطنين الفرنسيين للمقاومة بانتظار الحصول على مساعدة بريطانيا والولايات المتحدة لمحاربة ألمانيا النازية.

وكتب ماكرون «يعرف الفرنسيون ما الذي يدينون به للبريطانيين الذين منحوا جمهوريتنا فرصة لتعيش. أنا قادم إلى لندن في يونيو لمنح المدينة وسام جوقة الشرف تكريمًا للشجاعة الهائلة التي أظهرها البلد بأسره والشعب». وأشار إلى أن «بريطانيا كانت لاعبًا رئيسيًا في المشروع الأوروبي .. لاعب أكثر تأثيراً مما تخيّل البريطانيون أنفسهم».

لكن ماكرون أقر بأنه لم تتم تسوية نقاط الغموض التي تحيط ببريكست، وأبرزها الخلافات بشأن العلاقات التجارية.

وقال «سهولة الوصول إلى السوق الأوروبي سيعتمد على درجة قبول قواعد الاتحاد الأوروبي إذ لا يمكننا السماح بتطور أي منافسة مضرّة بيننا».

ووصف ماكرون بريكست في خطاب متلفز أمس الأول بـ«إشارة تحذير تاريخية» مؤكدًا «نحتاج لأن تتوسع أوروبا».