Untitled-1
Untitled-1
تقارير

سعيّد أمام المحك بعد مرور 100 يوم على توليه رئاسة تونس

30 يناير 2020
30 يناير 2020

تونس - (أ ف ب): تمر الخميس مائة يوم على وصول الرئيس التونسي قيس سعيّد الى سدة الحكم تميزت بتجاذبات سياسية حادة دفعته ليصبح في وسط المعترك السياسي في ظل عدم تشكيل حكومة جديدة حتى الآن.

لم تكن علاقة قصر قرطاج بالإعلام جيدة منذ أن وصل سعيّد (61 عاما) الجامعي المتخصص في القانون الدستوري الى الحكم، ويطل الخميس المقبل أمام الصحافة في حوار يبثه التلفزيون الحكومي يتحدث فيه لأوّل مرّة منذ أدائه اليمين الدستورية في 23 أكتوبر الماضي عن حصيلة عمله.

لم يخاطب سعيّد التونسيين الا في مناسبات قليلة وهو الذي ركز حملته الانتخابية على الدفاع عن لامركزية القرار السياسي وانتقاد طبقة سياسية حاكمة لم تنجح في إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في تونس منذ ثورة 2011.

وبرز اهتمامه الشديد بهذين الملفين بالرغم من أن صلاحياته الدستورية تقتصر على العلاقات الدبلوماسية والأمن القومي حصرا.

«بطء عجلة الدولة»

أمسك سعيّد بملف ليبيا وقابل في خصوصه ممثلين دبلوماسيين ورؤساء دول فاعلين فيه على غرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ولكن لم يغفل في المقابل فتح أبواب الرئاسة لاستقبال شباب عاطلين عن العمل من المناطق الداخلية في تونس يبحث معهم مقترحاتهم لحل أزمة انتاج الفوسفات في قفصة (جنوب). لم تتخذ اجراءات عملية اثر لقائهم لكنه طمأنهم في انتظار حسم تشكيل الحكومة المقبلة التي توكل لها هذه المهام.

يقول المحلل السياسي يوسف الشريف لفرانس برس «ليس لدينا فكرة محددة على استراتيجيته، وليس هناك حكومة وبذلك فإن هناك بطئا في عجلة الدولة».

الى ذلك فان غياب برنامج سياسي واضح المعالم خصوصا اثر الانتخابات النيابية التي أفرزت برلمانا بكتل نيابية مشتتة يزيد في تعقيد الوضعية في تونس.

وجد سعيّد نفسه ملزما دستوريا بتكليف شخصية لتشكيل الحكومة إثر فشل مرشح حزب «النهضة» الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان مطلع يناير لـ«يفرض لعبته» في العملية السياسية في تقدير الشريف.

اشترط الرئيس التونسي خلال دخوله في مشاورات سياسية مع الأحزاب قبل ترشيح وزير المالية الأسبق إلياس الفخفاخ، ان تقدم الأحزاب والكتل السياسية مقترحاتها «كتابيا» في محاولة لتجنب إهدار الوقت.

لم يكن الفخفاخ مرشحا من حزب «النهضة» ذي المرجعية الاسلامية (54 مقعدا من أصل 217) وحزب «قلب تونس» (38 مقعدا)، ولكنه أكد منذ أول ظهور له في الاعلام أنه يستمد شرعيته من الرئيس سعيّد دون سواه.طلب سعيّد من الفخفاخ ان يأخذ بالاعتبار في برنامج عمله «معاناة العاطلين عن العمل ومعاناة الفقراء».

يبقى سيناريو رفض البرلمان لحكومة الفخفاخ قائما وأمام سعيّد امكانية حل البرلمان والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة بداية من منتصف مارس المقبل على ما ينص الدستور التونسي في فصل 89.

«الحفاظ على السيادة»

دبلوماسيا: من الصعب الوقوف على تغيير واضح المعالم في سياسة تونس. يعتبر الشريف «بدأنا نرى نوعا من الحفاظ على السيادة»، معلّلا ذلك برفض تونس الدخول في حلف مع أنقرة في خصوص الملف الليبي بالاضافة الى رفض دعوة برلين في منتصف يناير الحالي للمشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا لأنها وصلت «متأخرة».

لم يقم الرئيس التونسي بأية زيارة رسمية في انتظار تشكيل الحكومة، انما زار مسقط فقط لأداء واجب العزاء إثر وفاة جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - ومن المرتقب أن يزور الجزائر الأحد المقبل.

ظهر حرصه على الحفاظ على السيادة الوطنية جليّا في حملته الانتخابية وفي خطابه خلال أداء اليمين.غير أن رفض دعوة برلين أثار انقساما لدى الرأي العام، اعتبره البعض مفخرة للدبلوماسية التونسية وآخرون وصفوا القرار بالمتسرّع.

كما أثار استقبال سعيّد لمجموعة من اليتامى من أبناء المتطرفين التونسيين في ليبيا انتقادات واسعة وأظهر في المقابل التزاما من قبل السلطات بهذا الملف الذي طالما تجنبت الخوض فيه. وطالبت منظمات المجتمع المدني منذ مدة بتسلم هؤلاء الأطفال وأمهاتهم العالقين في ليبيا.لم يحظ هذا الجدل بمكانة في نقاشات البرلمان نتيجة لاحتدام الصراعات بين النواب والكتل حول تشكيل الحكومة المقبلة.

يقول عنه المحلل السياسي والباحث من «مجموعة الأزمات الدولية» مايكل العيّاري «كل الأحزاب تحفر قبورها ما عدا هو...قيس سعيّد ظاهرة جديدة». مضيفا «الكل ينتظر رجلا قوّيا...وعليه أن يظهر ذلك».