1425582
1425582
عمان اليوم

رسالة دكتوراه تناقش الإكراه البدني «حبس المدين ومنعه من السفر»

30 يناير 2020
30 يناير 2020

دراسة تحليلية مقارنة بين القانونين العماني والمصري -

إيقاف قرار المنع من السفر في حالة مرض المدين لتمكينه من العلاج خارج السلطنة -

«عمان» حصل الدكتور عبدالرحيم بن سيف القصابي رئيس قسم البحوث والدراسات القانونية والقضائية بالمعهد العالي للقضاء على رسالة دكتوراه تناقش موضوع الإكراه البدني «حبس المدين ومنعه من السفر» دراسة تحليلية مقارنة بين القانونين العماني والمصري، وتكمن أهمية الرسالة في أنها تناولت موضوع الإكراه البدني كوسيلة من وسائل تنفيذ الأحكام نظرًا لما أثارته هذه الوسيلة من خلافٍ وجدلٍ فقهي وذلك من حيث جدوى الوسيلة ومشروعية الأخذ بها من الناحية الفنية.

نتائج الدراسة

وتوصل الباحث من خلال الدراسة لعدد كبير من النتائج يصعب حصرها أنه يختلف الأمر بالمنع من السفر عن الأمر بالحبس، في أن الأخير يُعدُّ من إجراءات وأدوات التنفيذ التي لا يجوز إتباعها إلا بمقتضي حكم نهائي قابل للتنفيذ الجبري، ومن ثم يدور وجودًا وعدمًا مع هذه القابلية للتنفيذ. أما أمر المنع من السفر فإنه يعد إجراء تحفظيا يُقصد به بصفةٍ أساسية منع المدين من الفرار من الدين، ومن ثمّ يظل ساريًا حتى ينقضي الدين بأي سببٍ من أسباب انقضاء الالتزام، أو أن يُسقط الأمر قانونًا.

ويعتبر الحبس من وسائل قهر المدين؛ لإجباره على الوفاء بما التزم به، عن طريق الضغط على شخصه، وهو ليس من قبيل العقوبة الجزائية؛ لكونها لا توقع إلا بحق من يرتكب جريمة، إذ لا يُعُّد الامتناع عن الوفاء مع القدرة عليه، جريمة يعاقب عليها القانون، ويختلف الحبس الإكراهي عن الحبس الجزائي من حيث السبب والغاية، فسبب الحبس الإكراهي هو الدَّيْن، بينما الحبس الجزائي هو الجريمة التي يقترفها، أما الغاية من الحبس الإكراهي فتتمثل في التضييق على المدين لإكراهه على الوفاء بديونه، بينما الغاية من الحبس الجزائي فهي عقاب المجرم وإصلاحه وردع الغير، ويجب لحبس المدين أن يكون لدى الدائن سند تنفيذي وأن يتوافر في الدين الذي يجوز الحبس من أجله, ذات الشروط التي يجب توافرها في الديون، التي يجري التنفيذ لاقتضائها، مع شرط أن يطلب الدائن من القاضي حبس مدينه، مع الاعتبار أن شرط يسار المدين وقدرته على السداد، شرطًا أساسيًا لجواز حبسه، وأن يكون المدين أهلًا للعقوبة، كما أن كلًا من المشرعين العماني والمصري قد أحسنا صنعًا في عدم النص على استثناء الموظفين من الحبس، وبالتالي يجوز حبس المدين سواءً كان موظفًا أو غير موظف؛ لإجباره على تنفيذ التزامه، كما أن الطبيعة القانونية لمنع المدين من السفر، في قانون الإجراءات المدنية العماني، تتمثل في أنه وسيلة وقتية من ناحيةٍ، ووسيلة مستقلة دائمة لإكراه المدين من ناحيةٍ أخرى.

التوصيات

أوصت رسالة الدكتوراه المشرّع العماني، عدم إعطاء قاضي التنفيذ السلطة التقديرية، في تأجيل الحبس ومدة التأجيل، في حالة المرض؛ لأن إعطاء سلطة تقديرية لقاضي التنفيذ في غير محله، إذ أنه قد يرفض التأجيل، على الرغم من قرار اللجنة الطبية بعدم قدرة المدين على الحبس، في ظل أن المسألة طبية مطلقة ومتخصصة، واللجنة هي الأكثر علمًا وقدرة في هذا المجال، لذا يرى الباحث ضرورة تعديل القانون ليصبح النص كما يلي «على قاضي التنفيذ تأجيل حبس المدين لأجلٍ آخر...»، لما كانت بعض التشريعات كالقانون اللبناني قد منعت حبس المرأة الحامل إلا بعد فترة من الوضع وذلك لرعاية الرضيع، والمشرع المصري قرر تأجيل حبس المحكوم عليها، إذا كانت حامل في الشهر السادس حتى تضع حملها، وينقضي شهران من الوضع لذلك يقترح الباحث على المشرع العماني النص عليها حتى لا تحدث واقعة الميلاد في السجن، وحتى تتمكن الأم من رعاية الرضيع بعيدًا عن أسوار السجن.

ويهيب الباحث المشرعين العماني والمصري منع إصدار أمر الحبس بحق المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس أو المدين طالب الصلح الواقي من الإفلاس، وذلك تماشيًا مع ما أوصت به الشريعة الإسلامية من الرفق بالمدين المعسر ومراعاة للظروف المحيطة بالمدين المفلس، التي يلتمس فيها للمدين العذر الطارئ والاستثنائي، الذي قد يكون على وشك الزوال، ويقترح الباحث على المشرع العماني التعرض للفرض الذي يتقرر فيه إخلاء سبيل مدين وأثناء الإخلاء وصل أمر حبس جديد، وذلك بوضع حكم يقضي بأنه يجب عدم الإفراج عنه، ومواصلة حبسه في هذه الحالة، ويقترح الباحث على المشرع العماني، بأن يضع تنظيمًا تشريعيًا يقضي، بأن مرض المدين هو أو أحد أصوله أو فروعه، سببٌ لإيقاف قرار المنع من السفر، ولابد من وجود تقرير طبي صادر عن جهة حكومية، ولابد من تقديم كفالة كوْن سفر المدين إلى الخارج، ينهي الغاية الرئيسة منه، والمتمثلة بالحفاظ على حقوق الدائن، وعدم السماح للمدين من المغادرة؛ لعدم عرقلة تنفيذ أي قرار قد يصدر بحقه.

المنع من السفر

أما الباب الثاني من رسالة الدكتوراه فقد خصصه الباحث لدراسة المنع من السفر عرّف من خلاله المنع من السفر بأنه (إجراءٌ وقتي, يُصدره القاضي، يتمثل بحرمان شخص من مغادرة إقليم الدولة الصادر فيها الإجراء، كوسيلة لإجباره على تنفيذ التزاماته؛ خشية فراره من التزامه وتهريب أمواله).

واستعرض القصابي في مطلب مستقل شروط منع المدين من السفر، وفقًا لقانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني ثم خصص المطلب الذي يليه لشروط منع المدين من السفر في التشريعات المقارنة ومنها التشريع الكويتي والإماراتي، وناقش الأحكام الإجرائية لمنع المدين من السفر، وهي طلب المنع من السفر والجهة المختصة بنظر الطلب والفصل فيه وإجراءات المنع من السفر وفقًا لقانون الإجراءات المدنية والتجارية وإجراءات المنع من السفر وفقًا للتنفيذ الجبري.