1426565
1426565
المنوعات

جمعيات الفنون والآداب بالسلطنة.. حاضنات للفن والإبداع وتنمية المواهب

29 يناير 2020
29 يناير 2020

من ثمار اهتمام جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- بالطاقات الشبابية -

«عمان»: اهتم جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- بالشباب العماني كما اهتم بمواهبه وقدراته منذ بداية النهضة، فقال جلالته من ضمن أقواله النيرة في عام 1976: «إننا سنعطي الأولية لتحسين مستوى شعبنا، وإننا أصدرنا الأوامر لوزرائنا بأن يولوا شبابنا عناية خاصة وأن يتيحوا لهم كافة الفرص لكي يؤدوا دورهم على الوجه المرضي في مستقبل بلادهم..».

وتواصل اهتمام جلالته - طيب الله ثراه - بالشباب العماني، حتى أصدر أوامره السامية بإطلاق مسمى «عام الشبيبة» على عام 1983، وتم حينها تكريم 13 شابا عمانيا تميزوا في مختلف المجالات منها المجالات الفنية، حيث كان من بينهم الفنان العماني القدير صالح بن زعل الفارسي، مما يدل أن الفنون بشتى أنواعها كانت محل اهتمام جلالته منذ بناية مسيرة بناء الوطن، فكان بناء شاملا في شتى المجالات بطريقة متوازية ومسيرة متزنة.

وليس أدل على هذا الاهتمام من وجود جمعيات الفنون والآداب التي تحتضن مختلف الشباب والطاقات العمانية لتأخذ بأيديهم نحو صقل المهارات وإبرازها وتنميتها، فتأسس عدد من الجمعيات تتبع ديوان البلاط السلطاني في بداية الأمر، إلى أن اصدر جلالته - طيب الله ثراه- العام الماضي أوامره السامية بإنشاء مظلة مستقلة للفنون بإشهار وزارة شؤون الفنون لتكون الحاضنة للفنون والفنانين، ومن بين تلك الجمعيات الجمعية العمانية للفنون التشكيلية والجمعية العمانية لهواة العود، والجمعية العمانية للتصوير الضوئي، ومركز عمان للموسيقى التقليدية.

وإضافة إلى تلك الجمعيات، فإن جلالته - طيب الله ثراه- كان مهتما بجمعيات المجتمع المدني الأدبية والفنية منها جمعية الصحفيين العمانية، والجمعية العمانية للكتاب والأدباء والجمعية العمانية للسينما والمسرح، وغيرها من الجمعيات.

الجمعية العمانية للفنون التشكيلية

جاءت التوجيهات السامية في عام 1993 بإعلان إشهار الجمعية العمانية للفنون التشكيلية، لتكون بمثابة البيت الذي يحتضن الفنان التشكيلي العماني تحت سقفه، ويشمل اهتمام الجمعية بالمجالات الفنية ومنها الرسم والتصوير الزيتي، والتصوير الضوئي، والخط العربي والتشكيلات الحروفية، والنحت، والفنون الميديا، والكاريكاتير، والتصميم الجرافيكي، الطباعة والحفر، والأعمال التشكيلية، والأعمال الفنية الصغيرة والعديد من أفرع الفنون التشكيلية.

ومنذ ذلك الحين والجمعية تقوم بتأدية رسالتها ودورها في تعزيز مهارات الفنانين العمانيين وغير العمانيين، فتقيم المعارض والمسابقات وتستدعي رواد الفنون التشكيلية من السلطنة وغيرها من الدول لتقييم تلك الأعمال الفنية وقراءتها فنيا ودراستها وتوصيلها إلى خارج حدود السلطنة لتبرز مكانة الفنان العماني وما وصل إليه الفن في السلطنة، كما توفر الجمعية المناخ المناسب وتقدم الدعم المادي والمعنوي للفنان العماني ليأخذ دوره وموقعه الريادي في بناء الصورة الفعليّة الحديثة للحركة التشكيلية العمانية بمختلف مجالاتها.

كما سعت الجمعية منذ بداية إشهارها إلى تحقيق الانتشار في الخدمات المقدمة، فافتتحت فروعا لها في كل من محافظة ظفار وذلك في عام 2000م، وفي محافظة البريمي عام 2009م، وفي عام 2015 افتتحت الجمعية مرسمها في محافظة شمال الباطنة بولاية صحار.

وفضلا عن ذلك، تقوم الجمعية في العديد من فعالياتها بطباعة الإصدارات الفنية لتكون وثيقة فنية ترصد الأعمال الفنية المشاركة في المعارض والفعاليات موثقة بالتاريخ واسم الفعالية، وما زالت الجمعية في عطائها المتواصل ونجاحاتها المحققة عاما بعد عام وفعالية بعد فعالية.

الجمعية العمانية لهواة العود

واهتماما من لدن جلالة السلطان الراحل -طيب الله ثراه- بالموروث الموسيقي، فقد أمر جلالته في عام 2005 بإنشاء جمعية متخصصة لهواة العود وذلك حرصًا من لدن جلالته برعاية المواهب الفنية لعازفي العود في السلطنة وإبرازها وصقل مواهبها لدعم الحركة الفنية في السلطنة بشكل عام والعزف على العود بشكل خاص ليشكل منظومة فنية كمثيلاته من الفنون التي تم دعمها ورعايتها من قبل حكومتنا، وجاء إنشاء الجمعية العمانية لهواة العود في ديوان البلاط السلطاني، والتي تتبع اليوم وزارة شؤون الفنون، كأول جمعية من نوعها على مستوى الوطن العربي وكصرح جديد لهذا الفن تتويجًا للنظرة الثاقبة لجلالة السلطان الراحل في الاهتمام بمجال الفنون بشكل عام وبآلة العود بشكل خاص، وبرعايته الكريمة بالمواهب الفنية في مجالات مختلفة ومن ضمنها العزف على آلة العود، هذه الآلة المتميزة وذات الطابع الفني الخاص.

ومنذ إشهار الجمعية وإلى الوقت الحالي تقدم الجمعية لمنتسبيها العديد من البرامج التي تسهم في تطوير مستواهم الفني، وتقدم لهم كذلك مساحة أمام الجمهور لإبراز مواهبهم الفنية من خلال المشاركة في مختلف البرامج والمحافل في السلطنة.

وتسعى الجمعية إلى الإسهام الفعال في إثراء مجالات الفكر والثقافة والعلوم والبحث والتواصل الحضاري والثقافي محلياً وعالمياً، وتوطيد الهوية العمانية والفكر العماني، ودعم البحوث والدراسات العلمية ونشرها، وتقديم خدمات تعليمية، وإيجاد علاقات تعاون ثقافية وعلمية مع المؤسسات والمراكز المتخصصة المماثلة داخل السلطنة وخارجها.

كما تقوم الجمعية بين فترة وأخرى بإلحاق منتسبيها في البرامج التدريبية وتتيح لهم الالتقاء بمختلف العازفين العالميين، إضافة إلى ورش صناعة العود والعديد من الأنشطة التي تسهم في إثراء ثقافة العود.

مركز عمان للموسيقى التقليدية

وقبل إشهار الجمعية العمانية لهواة العود بحوالي 20 عاما، تم إشهار مركز عمان للموسيقى التقليدية وذلك في عام 1984، وقد نشرت «عمان» في وقت سابق معلومات وافية عن المركز، حيث يؤكد مركز عُمان للموسيقى التقليدية على أهمية الواقع الموسيقي العُماني الذي تشكل متأثرًا بفكر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وعلى أهمية دور المركز في بلورة هذا الواقع الموسيقي المعاصر منذ تأسيسه في يناير من عام 1984، ويهتم المركز منذ تأسيسه على ثلاثة مجالات رئيسية شملت الجمع والتوثيق، والبحوث والدراسات الموسيقية، إضافة إلى والأنشطة والفعاليات، وبرامج بناء القدرات والمهارات الموسيقية،وبلغ عدد المواد المحفوظة في أرشيفه بعد عام من تأسيسه أكثر من 21930 من التسجيلات السمعية والمرئية والصور الضوئية. ولم يقتصر اهتمام المركز على الموسيقى التقليدية العمانية فحسب بل احتلت الموسيقى العربية مكانة خاصة من إصدارات المركز وفعالياته المختلفة. وفي هذا المجال نشر في عام 2004 كتاب بعنوان: «التوجهات المستقبلية في الموسيقى العربية» ضم البحوث المقدمة للمؤتمر الدولي الذي نظمه المركز بالتعاون مع المجلس الدولي للموسيقى (اليونسكو)، وفي عام 2006م نشر كتاب بعنوان: « آلة العود بين دقة العلم وأسرار الفن» من تأليف الأستاذ الدكتور محمود قطاط، وينظر إلى هذا الكتاب اليوم باعتباره واحدا من أهم المصادر والمراجع العربية عن هذه الآلة العريقة، وفي عامي 2014 و2015 نشر المركز كتابين هامين ضما البحوث المقدمة في ملتقيي المؤرخين الموسيقيين العرب (الأول والثاني) الذي نظمه المركز بالتعاون مع المجمع العربي للموسيقى بجامعة الدول العربية، إضافة إلى عدد كبير من الإصدارات الأخرى.

الجمعية العمانية للتصوير الضوئي

من الجمعيات الفنية جمعية العمانية للتصوير الضوئي، والتي وُلِدت تحت مظلة ديوان البلاط السلطاني، واليوم هي واحدة من أعمدة وزارة شؤون الفنون، وقد حققت الجمعية إنجازات مشرفة كثيرة في مجال التصوير الضوئي، سافرت بالأعمال الضوئية العمانية إلى العالم وعادت بعدد كبير من الميداليات، وأصبح للمصور العماني موطئ قدم في الاتحاد الدولي للتصوير الضوئي «الفياب»، إضافة إلى المعارض والفعاليات المتنوعة التي تقيمها لمنتسبيها أو للمهتمين عموما في مجال التصوير الضوئي لتكون أبوابها مفتوحة للجميع للاستفادة من المحاضرات ومختلف الفعاليات.

تأسست الجمعية عام 2012 بناء على أوامر من جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، الذي كان مهتما ومحبا للتصوير الضوئي، فكانت الجمعية إحدى ثمار هذا الاهتمام.

وبدأت الجمعية قبل أوامر جلالته كنادٍ للتصوير الضوئي بدأ أعماله عام 1993.

وتعتبر الجمعية عضو في الاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي «الفياب» وتم اختيارها لتكون مركزا لمعارض الفياب في منطقة الشرق الأوسط بتاريخ 20 أكتوبر 2014م. ويشارك أعضاء الجمعية في البيناليات والمسابقات والمعارض الدولية التي تقيمها جمعيات وأندية التصوير الضوئي المنتسبة للاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي«الفياب»، كما تنظم الجمعية أنشطة أسبوعية ودورية لصقل المواهب ورفع مستوى التذوق الفني للأعضاء والمهتمين، ومتابعة المستجدات الفنية والتقنية في مجال التصوير الضوئي من خلال المحاضرات والمعارض الفنية والرحلات العلمية والمسابقات والدورات التدريبية.

وخلال مسيرة الجمعية العمانية للتصوير الضوئي الحافلة بالعطاء، كانت هناك محطات كثيرة مشرفة، ومن أواخر تلك المحطات ما نشرته جريدة «$» من حصول الجمعية على الميدالية الفضية في بينالي الفياب للصور الملونة بأسبانيا، وذلك في محور الصور المطبوعة في دورته الثامنة والعشرين، وذلك عقب إعلان النتائج من قبل الاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي في مدينة برشلونة الإسبانية، حيث شاركت السلطنة بـ 10 صور ضوئية حاملة مسمى «أرواح متوهجة» لـ 10 مصورين.

الإعلان جاء بحصول السلطنة على الميدالية الفضية بمعدل 164 نقطة، فيما حصلت أسبانيا على كأس العالم في البينالي لمحور الصور المطبوعة بعدد 169 نقطة، وحصلت روسيا على الميدالية الذهبية بمعدل 168 نقطة، فيما حصلت إيطاليا على الميدالية البرونزية بمعدل 162 نقطة، وشاركت السلطنة بمجموعتها «أرواح متوهجة» وهي عبارة عن صور لوجوه رجال كبار في السن رسم الزمان على ملامحهم خطوط وتفاصيل زمنية لا يمكن قياسها بعدد الأيام فأرواحهم لا تزال متوقدة ومبتهجة. مثل السلطنة في هذا البينالي عشرة من المصورين وهم: مجيد الفياب ماجد العامري ومجيد الفياب حمد الغنبوصي ومجيد الفياب محمد الحجري وسعيد الشكيلي وأحمد القيوضي وأحمد البطاشي وحسن العامري وحاتم الراشدي ومحمد البلوشي ومحمد خالد العظم.

كما شاركت السلطنة في محور الصور الرقمية بمجموعة تحمل اسم «أفراح ملونة» تضم صورا لأطفال بأعمار مختلفة تبدو في ملامحهم السعادة والبهجة يتوشحون أزيائهم العمانية بمناسبات متعددة كالأعياد والأفراح الوطنية التي تعكس العادات والتقاليد العمانية المستمدة من وحي ثقافة المجتمع. وحصلت السلطنة في هذا المحور على المركز الحادي عشر على مستوى الدول المشاركة والتي تميزت بالتنافس وتقارب الدرجات بين المراكز.

وقبل ذلك حققت الجمعية العديد من الإنجازات، منها حصولها على كأس العالم في التصوير الضوئي للشباب تحت 16 سنة عامي 2013 و 2014م، كما حصلت على كأس العالم في فئة تحت 21 سنة عام 2014م والميدالية الذهبية بنفس الفئة عام 2012م، في بينالي التصوير بالأسود والأبيض حصلت السلطنة ممثلة بالجمعية العمانية للتصوير الضوئي على مجموعة من الجوائز منها الميدالية البرونزية 2012م بإسبانيا، كما حصل أعضاء الجمعية على مجموعة كبيرة من الجوائز و الإنجازات الفردية في مختلف المسابقات والمعارض الدولية المقامة تحت رعاية الاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي الفياب، وكذلك حصل أعضاء الجمعية على مجموعة من الألقاب الدولية في مجال التصوير الضوئي وتعتبر السلطنة من أكثر الدول العربية الحاصلة على هذه الألقاب الدولية والتي تمنح بناء على المستوى العالي للمصور في المشاركات الدولية حيث حصل أعضاء الجمعية في عام ٢٠١٦م فقط على 443 لقبا دولي من الاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي الفياب، واتحاد المصورين العالميين.

الصحفيون والأدباء والسينما

وشمل اهتمام جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- بجمعيات المجتمع المدني الفنية والأدبية، ومن أبرز مظاهر اهتمام جلالته أنه أهدى كلا من جمعية الصحفيين العمانية، والجمعية العمانية للكتاب والأدباء، والجمعية العمانية السينما والمسرح - التي كانت حينها جمعية للسينما فقط - أهداهم مبنى يضم الجمعيات الثلاث، بحيث يكون كل طابق من المبنى مخصصا لإحدى الجمعيات، كما يضم المبنى مسرحا كبيرا لاحتضان فعاليات الجمعيات الثلاث على حد سواء، لولا بعض الإشكالات الحاصلة.

وكان لـ «$» قبل مدة من الآن لقاء مع المكرم المهندس سعيد الصقلاوي رئيس جمعية الكتاب والأدباء، والذي تحدث عن اهتمام جلالة السلطان الراحل بالجمعية، فقال حينها: «السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- قدم للثقافة الشيء الكثير، فقد كان الداعم للثقافة في الفترة السابقة، وهو الذي يحرك هذه الثقافة، وهو الذي كان يسعده أي فعل ثقافي يتم على هذه الأرض وخارجها.. وكان دعمه يطال الجمعيات الأدبية والثقافية مثل جمعية الكتاب والأدباء، وجمعية الصحفيين العمانية، وجمعية السينما والمسرح، وكذلك النادي الثقافي، الذي قدم لهم مقراتهم الحالية، وهذا يدل على دعم جلالته طيب الله ثراه للثقافة، وإدراكه لأهمية هذه الثقافة ودورها الفاعل، وكذلك مكرمة صاحب الجلالة لجمعية الكتاب والأدباء والتي تهدف إلى تنشيط الحركة الثقافية، وكان رحمه الله متابعا لأعمال الساحة الثقافية وأعمال الجمعية وإنجازاتها..».

كذلك كان لـ «$» وقفة مع الدكتور محمد بن مبارك العريمي، رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية، إذ قال: «اهتمام جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- بمؤسسات المجتمع المدني كان مبكرا جدا، حيث أولاها اهتمامه السامي، وخاصة جمعية الصحفيين العمانية لما لها من دور تنويري داخل البلاد وخارجها، وقد اجتهدت هذه المؤسسة العريقة الرائدة بمنتسبيها لتكون عند حسن ظن القائد الباني طيب الله ثراه، حيث حاولت واجتهدت خلال السنوات الماضية لتكون صوت عمان النابض بالداخل والخارج، وما كان ذلك ليتحقق لولا الدعم المباشر والسخي والمتواصل من لدن السلطان قابوس، الأمر الذي ساعد جمعية الصحفيين العمانية كثيرا في تأدية مسؤولياتها في شتى المجالات، الدعم السنوي الذي تفضل به باني عمان كان يأتي لأبنائه الصحفيين والإعلاميين المنتسبين للجمعية وعددهم قرابة 585 صحفيا وإعلاميا، والذي وظفته إدارة الجمعية في أمور كثيرة منها تدريب الصحفيين والإعلاميين في أعرق المؤسسات العالمية المعنية بالتدريب المتخصص بالإعلام الحديث..».