242063_OMN_29-01-2020_p04-4
242063_OMN_29-01-2020_p04-4
عمان اليوم

الصناعات الحرفية رافد خالد للثقافة العمانية

28 يناير 2020
28 يناير 2020

جلالة السلطان الراحل عدّها رمزا ثابتا للهوية الحضارية العمانية -

كتب :خالد بن راشد العدوي -

خلّف جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- إرثًا خالدًا في مجال الصناعات الحرفية التي تمثل أهم الروافد التراثية المستوحاة من واقع الطبيعة العمانية، وقد أفرد -طيب الله ثراه- جُل الاهتمام بهذا القطاع منذ بواكير النهضة الحديثة لـ(عمان)، مما كان له الأثر الكبير في النهوض بالقطاع الحرفي والحفاظ على الصناعات الحرفية باعتبارها أحد المكونات للهوية الحضارية العُمانية.

وقد برهن الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- للصناعات الحرفية على مدى أهمية الحرف باعتبارها رمزًا ثابتًا من رموز الهوية الحضارية للمجتمع العماني.

مميزات الهوية العمانية، كما أنها تشكل مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل، وهي عامل من عوامل الانتعاش الاقتصادي للمناطق الريفية.

تأصيل مسابقة سامية منذ 2010 ليبقى اسمه وإنجازاته خالدة ومتواصلة -

وعلى مدار فترة حكمه ومواصلته للبناء والتعمير والتطوير في السلطنة، أصدر جلالة المغفور له المرسوم السلطاني رقم (24/‏‏2003) الصادر في الثلاثين من ذي الحجة سنة 1423 الموافق الثالث من مارس سنة 2003م لإنشاء وتأسيس هيئة تعنى بالإشراف والمتابعة وتطوير القطاع الحرفي والإنتاجي تحت مسمى الهيئة العامة للصناعات الحرفية، وأول ما تم تعيين رئيسا لها هي امرأة لقربها من طبيعة عمل هذا القطاع وهي معالي الشيخة عائشة بنت خلفان بن جميّل السيابية.

وعلى مرور سنوات العهد السابق فقد قامت وما زالت الهيئة تقوم بالعديد من المهام والأدوار، وهي وضع الخطط والبرامج التنفيذية للسياسات المعتمدة في مجال الصناعات الحرفية، وحصر وتوثيق كافة الصناعات الحرفية وخاماتها واستخداماتها التي تمتاز بها كل محافظات ومناطق السلطنة، والاهتمام بالأنشطة البحثية للاحتياجات الحالية والمستقبلية من الحرفيين في مختلف الصناعات الحرفية واستحداث صناعات حرفية أخرى ذات جدوى اقتصادية، وتوفير خدمات التوجيه والإرشاد للعاملين في مجال الصناعات الحرفية في النواحي الإدارية والفنية وكافة الأنشطة.

فضلا عن الاهتمام بتدريب الموهوبين على أعمال الصناعات الحرفية لتطوير قدراتهم الفكرية والابداعية والفنية وكافة الأنشطة، وإذكاء الدافع التسويقي للحرفيين عن طريق إيجاد منافذ تسويقية داخلية وخارجية وتشجيع القطاع الخاص لدعم القطاع الحرفي في مختلف الأنشطة التسويقية، وإعداد دراسات لمشاريع نموذجية في مختلف الأنشطة الحرفية، وتنمية مجالات التعاون وتبادل الخبرات والتجارب مع الهيئات ومراكز الصناعات الحرفية في الدول الأخرى.

ومن المناقب والمآثر التي خلفها السلطان الراحل في هذا القطاع، أن جعل لهذا القطاع الحرفي مساهمة في التنمية الشاملة في السلطنة من خلال تنمية وتطوير الصناعات الحرفية والعاملين فيها، والسعي نحو توفير كافة الإمكانات والموارد اللازمة والمتاحة لدعم هذه الصناعات من كافة الجوانب التسويقية والتمويلية والإدارية، وأن تصبح الهيئة مركز امتياز إقليمي من حيث جودة التدريب والتأهيل، وجودة الخدمات الموفرة للحرفيين، ومن حيث معرفة واقع الصناعات الحرفية ووسائل تطويرها ودعمها في جميع الجوانب التسويقية والتمويلية والإدارية.

مسابقة السلطان قابوس للإجادة الحرفية

وقد تم تدشين مسابقة للقطاع تحمل اسم صاحب الجلالة -المغفور له- تحت مسمى مسابقة السلطان قابوس للإجادة الحرفية، في عام 2010 كترجمة لما أكد عليه النطق السامي للمغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله أثره- والتي تدعو لأهمية الاعتزاز بالهوية الحضارية في مسيرة صنع التقدم والرخاء للبلاد.

وتعمل على إيجاد جو من التنافسية في الإنتاجية والتطويرية للحرف العُمانية وفق أحدث المعايير والآليات المتبعة عالميًا بما يتناسب مع الأساس الأصيل في عملية المزج بين ما هو معبّر عن الهوية الوطنية للموروثات الحرفية والمطور من الملامح الابتكارية.

وقد استطاعت مسابقة جائزة السلطان قابوس للإجادة الحرفية بفضل التوجيهات السامية لجلالة السلطان الراحل أن ترسخ ثقافة الإجادة في القطاع الحرفي، وعززت فرص الارتقاء بمستوى الصناعات الحرفية ودورها لترجمة غايات استدامة التنمية وأهدافها بما يعزز من توجه السلطنة نحو تنويع مصادر الدخل الوطني وتحقيق أهداف وخطط التنمية الشاملة.

إنشاء كلية الأجيال

ومن بين الآثار الخالدة أيضا لجلالته -طيب الله ثراه- خلال لقائه بشيوخ ورشداء ولايات محافظتي الداخلية والوسطى بالمخيم السلطاني بسيح الشامخات بولاية بهلا بمحافظة الداخلية في عام 2013 في إطار جولة جلالته الكريمة في ربوع البلاد، أمر بإنشاء كلية في ولاية بهلا تسمى «كلية الأجيال»، وقال -طيب الله ثراه- «ومن هذا المنطلق فإن ولاية بهلا التي لها هذا التاريخ وأيضا هي حاضنة لهذه الحرف التقليدية والموروثات الطيبة الجميلة فنود أن نعلمكم اليوم بأننا قررنا أن ننشئ كلية هنا في ولاية بهلا تسمى «كلية الأجيال».

ومن كلماته الخالدة أيضًا «لا شك أنه من دواعي سرورنا أن نجتمع بكم اليوم على أرض ولاية بهلا التي لها تاريخ عريق ومعروف في التاريخ العماني وهي أيضا من أهم المدن العمانية التي تزخر بالكثير من الموروثات والحرف التقليدية المعروفة للعمانيين جميعا والتي يعتز بها كل العمانيين».

ومن الاهتمام والرعاية التي كان يوليها جلالته -طيب الله ثراه- رفد القطاع الحرفي بمنتجات ومشاريع حرفية جديدة وذات كفاءة عالية، جـــعلها في مصاف الدول الأخرى التي تفخر بمنتجاتها، وحصلت على إشادات دولية من اليونسكو ومجلس الحرفي العالمي المنظمة الدولية للملكية الفكرية بمستويات الإجادة الحرفية التي تحققت للصناعات الحرفية العُمانية بما يؤهلها لدور حضاري رائد.