1421299
1421299
الاقتصادية

السلطان قابوس: رفاهية المواطن غاية التنمية

20 يناير 2020
20 يناير 2020

البناء على الإنجازات .. والمضي قدما نحو المستقبل -

كــــــــتب : أمل رجب -

تواصل السلطنة طريقها إلى المستقبل بثبات عبر البناء على ما تم من إنجازات منذ بداية النهضة العمانية المباركة وعلى مدار 50 عاما من حكم جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- وقد حققت جهود التنويع الاقتصادي في السلطنة طوال العقود الماضية نتائج مثمرة في كافة المجالات، إذ أدرك جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- منذ وقت مبكر أهمية التوجه نحو التنويع الاقتصادي: «درءًا لمخاطر الاعتماد على سلعة وحيدة هي النفط وضرورة السعي الحثيث من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للرؤية المستقبلية، التي ترمي إلى بلوغ غاية محددة واضحة، هي تعزيز المستوى المعيشي للمواطن، وضمان استفادته من ثمار التنمية، والمحافظة على مكتسبات النهضة، والعمل على صيانتها وتطويرها».

وجاءت إنجازات النهضة العمانية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية وقد عززت مستوى الرفاه الاجتماعي وأدت إلى تصنيف السلطنة ضمن فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة تقديرًا للتقدم الذي تم إحرازه في مؤشرات من بينها متوسط العمر المتوقع ومتوسط سنوات الدراسة والدخل القومي الإجمالي.

ويمثل 2020 آخر أعوام خطة التنمية الخمسية التاسعة وهو أيضا العام الأخير للرؤية المستقبلية للسلطنة 2020، وتستعد السلطنة خلال العقدين المقبلين لبدء تطبيق الرؤية المستقبلية عُمان 2040 وستكون الخطة الخمسية العاشرة 2021 - 2025 أول خطة تنفيذية للرؤية المستقبلية والتي هي استمرار لنهج السلطنة في المضي قدما في التخطيط للمستقبل.

وأكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور -حفظه الله- أنه «ينبغي لنا أن نعمل جميع من أجل رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه وأن نسير قدما نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل»، ودائما كان جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- يستشرف المستقبل وقد أسند رئاسة اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية عمان 2040 لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله.

وانعقد المؤتمر الوطني للرؤية المستقبلية عمان 2040 بداية العام الماضي بهدف تعزيز المشاركة المجتمعية ومناقشة الملامح التفصيلية الأولية في إعداد وبلورة الرؤية المستقبلية تمهيدًا لإعداد الوثيقة النهائية للرؤية وفي كلمته بمناسبة المؤتمر أكد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله - قائلا: «لقد حرصنا على أن يكون المجتمع بمختلف شرائحه وفي كافة محافظات السلطنة، حاضرا ومساهما في إعداد مشروع الرؤية، وشريكا أساسيا وأصيلا في صياغة أولوياته وتطلعاته، ومن هذا المنطلق باشرت لجان وفرق العمل المختصة بتحديد محاور وركائز للرؤية كإطار ينظم العمل، وبدأت بتشخيص الوضع الراهن، ثم انتقلت إلى مرحلة استشراف المستقبل وإعداد السيناريوهات المستقبلية، بالاستناد إلى فهم واستيعاب ترابط المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في السلطنة مع محركات التغيير العالمية، وبناء على مخرجات تلك المراحل العملية، تم تحديد التوجهات الاستراتيجية وفق أهداف أولية تضمنت التعليم، والبحث العلمي، وتمكين القدرات الوطنية، وتحقيق رفاه مستدام عماده الرعاية الصحية الرائدة، وإدارة اقتصادية تدعم التنويع الاقتصادي، وتطور بيئة سوق العمل والتشغيل، وتتيح للقطاع الخاص أخذ زمام المبادرة لقيادة اقتصاد وطني تنافسي مندمج مع الاقتصاد العالمي، والمحافظة على استدامة البيئة، وتنمية جغرافية شاملة قائمة على مبدأ اللامركزية، والشراكة وتكامل الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، ولا ريب أن جميع هذه الأولويات تتسق مع التوجه الاستراتيجي نحو مجتمع معتز بهويته وثقافته، وملتزم بمواطنته، لتكون وثيقة الرؤية انعكاسًا حقيقيًا لتطلعات ورؤى أبناء عمان، نحو آفاق المستقبل الذي ننشد إليه».

وتستهدف الرؤية 2040 إيجاد اقتصاد بنيته تنافسية وقيادة اقتصادية بصلاحيات واضحة وملزمة ومنظومة تشريعية تواكب المتغيرات، وإدخال آليات جديدة ومنها ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي لجذب شراكات عالمية تساعد في جذب المعرفة وأيضا رؤوس الأموال، وتنادي الرؤية بقيم الإنتاج والتصدير وتسعى إلى صقل المهارات وسوق عمل جاذب للأيدي العاملة الوطنية ومنظومة تشغيل وحوافز تشجع التميز والإبداع. والمقومات لدى السلطنة كثيرة ويبقى استغلالها بالشكل الأمثل والرهان القادم نقلها لقطاع التصنيع، وتركيز وثيقة الرؤية أيضا على بناء اقتصاد أخضر، والتوجه لقطاع الطاقة المتجددة، والإصلاحات المالية والتوجه أكبر للقطاعات الإنتاجية ومزيد من تعزيز ثقافة الترشيد والادخار والعمل الحر.

ولأن نهج السلطنة دائما هو البناء على ما تحقق من إنجازات، فقد كانت الخطة الخمسية التاسعة هي المكملة للرؤية المستقبلية 2020، ومهدت الخطة التاسعة أيضا لإعداد الرؤية المستقبلية عمان 2040، واستهدفت الخطة التاسعة أربعة تحولات رئيسية، هي التحول في هيكل الاقتصاد العماني من اقتصاد يعتمد أساسا على مصدر واحد وهو النفط إلى اقتصاد متنوع، وذلك بتوسيع القاعدة الإنتاجية لتشمل القطاعات الواعدة التي تتمتع فيها السلطنة بميزة نسبية واضحة، والتحول في محركات النمو بتمكين الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي من القيام بدور رائد مع تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمل الحكومة على إيجاد المناخ الداعم لنمو اقتصاد قادر على المنافسة، والتحول في إدارة المالية العامة لتكون أكثر فاعلية وذلك بترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية، والتحول في هيكل سوق العمل بإحداث نقلة نوعية في تأهيل المواطن العماني، وخاصة الشباب، ليقوم بدور رئيسي في التحول من العمل الحكومي إلى العمل الحر المنتج.

وتستهدف الخطة التاسعة 5 قطاعات واعدة ذات أولوية للنهوض بالتنويع الاقتصادي هي قطاع الصناعات التحويلية، قطاع النقل والخدمات اللوجستية، قطاع السياحة، قطاع الثروة السمكية، قطاع التعدين، ووفق ما أعلنته وزارة المالية، تشير النتائج المحققة إلى أن مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي المحققة في عام 2018 تتقارب مع ما هو مستهدف تحقيقه في نهاية الخطة الخمسية التاسعة 2020م وتتجاوزها في بعض القطاعات.

وفيما يتعلق بنمو الناتج المحلي لعام 2019م فإن النتائج الأولية الصادرة من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تشير إلى نمو الناتج المحلي بالأسعار الثابتة في نهاية يونيو من عام 2019م بنسبة 1.3 بالمائة ونمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 2.8 بالمائة، وبناءً على المؤشرات الأولية فإنه من المتوقع أن يرتفع النمو ليحقق معدل لا يقل عن 2 بالمائة لعام 2019م، ويستمر في الارتفاع ليصل إلى 3 بالمائة في العام الجاري، ويتماشى ذلك مع معدلات النمو المستهدفة في الخطة الخمسية التاسعة، وفي إطار توسيع ودعم دور القطاع الخاص في التنمية تستهدف الخطة الخمسية التاسعة مشروعات شراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة 2,5 مليار ريال عماني.

وتسعى الخطة التاسعة إلى تحقيق معدل نمو حقيقي نحو 2.8 بالمائة في المتوسط، في حين بلغ متوسط معدل النمو الحقيقي خلال السنوات الثلاث الأولى من الخطة الخمسية التاسعة 2016 - 2018م نحو 2.4 بالمائة. كما استهدفت الخطة أن يبلغ معدل النمو الحقيقي للأنشطة غير النفطية 4.3 بالمائة في المتوسط مقارنة بمتوسط قدره 0.2 بالمائة للأنشطة النفطية، إلا أن متوسط النمو الحقيقي قد وصل إلى 3.4 بالمائة خلال السنوات الثلاث الأولى من الخطة، مما يعكس الأثر الإيجابي لتنفيذ البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ».

وفي بداية العام الجاري أعلنت السلطنة عن موازنتها للعام المالي الجديد، ويستهدف الإطار المالي لميزانية عام 2020م تحقيق مجموعة من الغايات والأولويات تأتي في مقدمتها الاستدامة المالية لتمكين الاقتصاد الوطني من الاستمرار في تحقيق معدل النمو المستهدف، وإنجاز برامج التنويع الاقتصادي، ومستهدفات الاستثمار المحلي والأجنبي، وتمكين القطاع الخاص القيام بدور أكبر في إدارة عجلة الاقتصاد وتوفير فرص العمل.

وفي البيان الرسمي للموازنة من المقدر أن يتم الصرف على المشروعات الاستثمارية، لا سيما المشروعات المولدة لفرص العمل وذات العائد الاقتصادي، بما يقدر بنحو 5.3 مليار ريال عماني، منها 2.7 مليار ريال عماني سيصرف من قبل الشركات الحكومية لتنفيذ مشروعات صناعية وخدمية، ومبلغ 1.3 مليار ريال عُماني سيصرف من قبل الوزارات والوحدات الحكومية لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية، بالإضافة إلى 1.3 مليار ريال عماني للمصروفات الاستثمارية لإنتاج النفط والغاز.

وأشار بيان موازنة السلطنة العام الجاري إلى أن «الجهود مستمرة في التنويع الاقتصادي من خلال تسهيل الإجراءات في المؤسسات الحكومية وتهيئة المناخ المناسب لجذب المزيد من الاستثمارات بما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الناتج المحلي للبلاد خاصة للأنشطة غير النفطية من خلال رفع مساهمة القطاعات الخمسة المستهدفة في الخطة الخمسية التاسعة، كما تعمل الحكومة على تعزيز وتمكين القطاع الخاص ليكون له دور أكبر خلال المرحلة القادمة ليساهم بشكل فاعل في تسريع وتيرة النمو في الاقتصاد الوطني، إلى جانب تقديم الدعم اللازم للمضي قدما في استكمال وتنفيذ المشروعات الاستراتيجية خلال الفترة القادمة والتي من أبرزها المشروعات الاستراتيجية الجاري تنفيذها حاليا في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة، وبلغ حجم الاستثمار الحكومي في مشروع تطوير المنطقة حتى نهاية عام 2019م نحو 2.6 مليار ريال عماني، في حين بلغ حجم الاستثمار الملتزم به في القطاع الصناعي ما يقارب 4.3 مليار ريال عماني توزعت ما بين الاستثمار في مجال النفط والبتروكيماويات، وفضلا عن مشروعات واستثمارات الدقم تتوزع مشروعات استراتيجية مهمة في مختلف محافظات السلطنة منها مشروع الأمونيا بصلالة، ومشروع محطة تخزين النفط برأس مركز، ومشروع صلالة للغاز البترولي المسال، ومشروع الواجهة البحرية لميناء السلطان قابوس، ومشروع مجمع لوى للصناعات البلاستيكية، ومشروع مدينة خزائن، ومشروع مدينة العرفان، ومشروعات الشركة العُمانية القابضة للاستثمار الغذائي، ومشروع تعدين النحاس بولاية المضيبي.

ومن جانب آخر، تعمل وحدة دعم التنفيذ والمتابعة على توفير الدعم والمساندة للجهات المختلفة خلال مرحلة تنفيذ المشروعات والمبادرات التي تشرف عليها هذه الجهات، حيث تم تطوير هذه المشروعات والمبادرات للإسهام في بناء اقتصاد مستقر ومستدام، وهذه المشروعات والمبادرات منبثقة من عدة برامج وهي: البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ»، فضلا عن مشروعات وبرامج أخرى تم التوصية بها من خلال جهات معنية للدفع بالاقتصاد مثل برنامج بيئة الأعمال التجارية والمالية وبرنامج المشروعات الاستراتيجية، وتقدم الوحدة المساندة والدعم لتسهيل إجراءات التنفيذ لأكثر من 120 مبادرة ومشروعا من خلال تحليل البيانات ومعالجة التحديات واعتماد نظام متابعة ورصد فعال لضمان التنفيذ الناجح للمبادرات والمشروعات وفقًا لإطار زمني محدد ومؤشرات أداء واضحة.

ومن المتوقع أن تقدم حزمة التشريعات التي صدرت خلال العام الماضي إطارا مرنا يشجع دخول المزيد من الاستثمارات في السلطنة، حيث صدر قانون الاستثمار الأجنبي المباشر قانون استثمار رأس المال الأجنبي وقانون الإفلاس وقانون الشراكة بين قطاعي الدولة العام والخاص وتفتح هذه القوانين آفاقا جديدة للاستثمار وإيجاد شراكات استراتيجية تدعم التنمية، حيث تهدف إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة بين القطاعين العام والخاص وتحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المهمة المتعلقة بممارسة الأعمال والاستثمار وتتضمن العديد من الحوافز والمزايا الاستثمارية والتي ستنعكس على تدفقات الاستثمارات الأجنبية واستقرارها.