العرب والعالم

القضاء اللبناني يمنع غصن من السفر ويطلب ملفه من طوكيو

09 يناير 2020
09 يناير 2020

بيروت - (أ ف ب): قرر القضاء اللبناني أمس منع رجل الأعمال كارلوس غصن من السفر، وطلب ملفه من طوكيو، بعد الاستماع إليه بشأن «النشرة الحمراء» الصادرة بحقه عن الانتربول، إثر فراره الجريء من اليابان، في خطوة قال إنه أُجبر عليها لأنه ما كان ليحصل على محاكمة عادلة.

وجاء قرار النيابة العامة التمييزية غداة مؤتمر صحفي مطول عقده غصن (65 عاماً) في بيروت أمام حشد من الصحفيين المحليين والأجانب، دافع فيه بشراسة عن نفسه من التهم الموجهة إليه في اليابان، حيث كان قيد الإقامة الجبرية وينتظر بدء محاكمته في تهم بمخالفات مالية وتهرب ضريبي.

وحضت وزيرة العدل اليابانية غصن، الرئيس السابق لتحالف رينو-نيسان-ميتسوبيشي على أن يعرض قضيته «في محكمة يابانية وأن يقدم أدلة دامغة»، غداة تأكيد الادّعاء العام أنّ اتهامه من غصن بـ«التواطؤ» مع مجموعة نيسان هو «ادّعاء كاذب بشكل قاطع ومنافٍ للحقيقة».

وفي بيروت، استمعت النيابة العامة التمييزية أمس إلى غصن الذي وصل إلى قصر العدل قرابة العاشرة صباحاً وبعيداً عن أعين الصحفيين حول مسألتين: «النشرة الحمراء» التي تسلمها القضاء الأسبوع الماضي من منظمة الانتربول إثر فراره من طوكيو، والاخبار الذي تقدم به ثلاثة محامين لبنانيين إلى القضاء قبل أيام بشأن زيارته إسرائيل عام 2008، البلد الذي يعد رسمياً في حالة حرب مع لبنان.

وقال مصدر قضائي لبناني لوكالة فرانس برس إن «النيابة العامة التمييزية أصدرت قراراً بمنع سفر غصن وطلبت الحصول على ملفه من السلطات اليابانية» في ما يتعلّق بمذكرة الانتربول، وقد سلم جواز سفره الفرنسي للسلطات اللبنانية.

وقررت النيابة العامة، وفق ما أوضح مصدر قضائي ثان لفرانس برس، «تركه بسند إقامة، على أن يبقى ممنوعاً من السفر إلى حين ورود ملفه القضائي من اليابان»، وتابع «بناء على مضمون الملف، إذا تبين أن الجرائم المتهم بها في اليابان تستوجب ملاحقته في لبنان، فستتم محاكمته، واذا كانت لا تستوجب الملاحقة وفق القوانين اللبنانية، عندها يُترك حراً».

ولا يمكن لمنظمة الانتربول إصدار أوامر اعتقال أو الشروع في تحقيقات أو ملاحقات، لكن يمكن للمحاكم الدولية أو للدول الأعضاء طلب نشر «النشرة الحمراء»، فيما لا تبيح القوانين اللبنانية تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم.

وتعتبر السلطات اللبنانية أن غصن، الذي يحمل الجنسيات اللبنانية والفرنسية والبرازيلية دخل لبنان بصورة «شرعية». وهو استخدم جواز سفر فرنسي وبطاقة هويته اللبنانية.

وبعد الاستماع الى غصن بشأن زيارته اسرائيل، قرر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تركه بسند إقامة، وفق المصدر القضائي، على أن يتم استكمال التحقيق معه لاحقاً.

وأوضح غصن امس الاول أنه ذهب بصفته «فرنسياً بناء على اتفاق موقّع بين رينو وشركة إسرائيلية»، مقدماً اعتذاره إلى الشعب اللبناني.

ووجّه القضاء الياباني الى غصن أربع تهم تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي. ويبلغ إجمالي المبلغ الذي لم يصرح به أكثر من تسعة مليارات ين (85 مليون دولار) على امتداد ثماني سنوات، بحسب طوكيو.

وأمضى غصن الجزء الأكبر من مؤتمره الصحفي الذي استمر ساعتين ونصف الساعة، في التأكيد على أن العدالة كانت مستحيلة له في اليابان. وقال إن الاتهامات ضده ومنها تهمة عدم الكشف عن كامل مداخيله وتحويل أموال من شركة نيسان لاستخدامه الخاص، كانت مسعى لإسقاطه لأسباب سياسية.

وندّد بما وصفه بعملية «تواطؤ» ضده بين شركة «نيسان» والادعاء العام الياباني، أدت الى توقيفه «الاستعراضي»، مؤكداً أنه كان «رهينة» وسينصرف في الفترة المقبلة إلى «تبرئة» ساحته من الاتهامات الموجّهة إليه.

وقالت وزيرة العدل ماساكو موري امس إن اتهامات غصن «لا أساس لها»، معتبرة أنه «إذا كان يدعي البراءة عليه أن يمثل أمام المحاكمة بموجب النظام القضائي في اليابان، حيث كان يجري تعاملاته التجارية، ويتعين عليه أن يقدم أدلة تثبت ادعاءاته».

وخرج الرئيس التنفيذي السابق لشركة نيسان هيروتو سايكاوا، الذي أُجبر على تقديم استقالته بعد توقيف غصن، عن صمته امس. وقال للصحفيين إن غصن «فر لأنه كان خائفاً من إدانته».

وأحدث فرار غصن، الذي أمضى 130 يوماً في السجن منذ توقيفه في نوفمبر 2018 قبل أن يتم اطلاق سراحه بكفالة صارمة الشروط في أبريل، صدمة في اليابان حيث كان قيد الاقامة الجبرية.

وبعدما أكد في وقت سابق أنه تدبر فراره بمفرده، رافضاً أي دور لأفراد عائلته لا سيما زوجته التي أصدرت طوكيو مذكرة توقيف بحقها بتهمة الادلاء بشهادة زائفة، رفض غصن خلال مؤتمره الصحفي كشف أي تفاصيل عن كيفية هروبه.

كما امتنع عن ذكر أسماء من يعتبر بين المسؤولين اليابانيين أنهم متورطون في توقيفه، حرصاً على عدم الإضرار بالعلاقة بين اليابان ولبنان. إلا أنه قال إن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي غير متورط فيها.

وقال غصن إثر وصوله إلى بيروت «لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي». وهو ما كرره خلال مؤتمره الصحفي، مبدياً استعداده للمحاكمة «في أي مكان شرط أن تكون عادلة».