1413900
1413900
عمان اليوم

توصيات بمراعاة قيم الخطورة الزلزالية في منطقة الدقم عند تصميم وتنفيذ المنشآت

07 يناير 2020
07 يناير 2020

في دراسة تفصيلية قام بها مركز رصد الزلازل بجامعة السلطان قابوس -

كتبت : نوال الصمصامية -

أوصت نتائج دراسة قام بها مركز رصد الزلازل بجامعة السلطان قابوس لمنطقة الدقم حول الاستخدام الأمثل لأراضي هذه المنطقة والتأمين الأقصى لمنشآتها وتحديد المناطق الأكثر تضررا والأولى بعمليات الإنقاذ في حالة حدوث اهتزازات قوية - لاقدر الله- ، بضرورة مراعاة قيم الخطورة الزلزالية عند تصميم وتنفيذ المنشآت الخاصة بالمنطقة .

وأولى مركز رصد الزلازل بالجامعة ـ بما يمتلكه من شبكة رصد متطورة تضم 20 محطة تغطي جميع أنحاء السلطنة وتعمل على مدار الساعة ـ عناية خاصة لتقييم المخاطر الزلزالية لمنطقة الدقم؛ حيث يشكل ميناء المنطقة العملاق نقلة تنموية هائلة بما تشهده المنطقة من تنمية عمرانية شاملة وما تمتلكه من خطط طموحة في كافة المجالات، كونها تمثل محطة لأنظار المستثمرين بالقطاعين العام والخاص المحلي والدولي.

دراسة حقلية وتفصيلية

وأوضح الدكتور عيسى الحسين مدير مركز رصد الزلازل بجامعة السلطان قابوس أنه على الرغم من النشاط الزلزالي المحدود داخل سلطنة عُمان إلا أنها محاطة بمناطق ذات نشاط زلزالي عال نسبيا بطول جبال زاجروس ونطاق مكران وصدع أوين المتحول وخليج عدن، بالإضافة إلى ما سجل من نشاط زلزالي محدود بجبال عُمان مما شجع على إجراء هذه الدراسة وحساب قيم الخطورة الزلزالية والتي قد تنتج من أي من هذه المكامن.

وأشارت الدراسات الحقلية إلى ان الجيولوجية السطحية لمنطقة الدقم تتميز بتباينها الكبير حيث تغطي الصخور القوية نسبيا المناطق الغربية والشمالية بينما تكسو الرسوبيات الضعيفة مناطق الشرق والوسط بالإضافة لوجود مساحات كبيرة بالجنوب والشمال الشرقي تغطيها سبخات بأعماق متفاوتة وهي تعد من أضعف أنواع التربة وتحتاج إلى معالجات هندسية معقدة قبل الشروع في إقامة أي منشآت عليها، في حين أثبتت المشاهدات والدراسات الزلزالية أن التربة الضعيفة تميل إلى تضخيم الاهتزازات الزلزالية مما يجعلها كذلك تستمر لفترة أطول، وبذلك تتفاقم الأضرار للمنشآت والمباني المقامة عليها، لذلك فقد أصبح الأمر يستلزم تقييم تأثير التربة في مواقع متقاربة ورسم خرائط لقيم تضخيم الموجات الزلزالية وإضافته للموجات الزلزالية عند صخور القاعدة ورسم خرائط لقيم الحركات الأرضية عند سطح الأرض وتحديد المواقع التي يتوقع أن يحدث بها تدمير أشد من سواها، ولذلك فقد أجريت دراسة تفصيلية لتحديد أنواع التربة المختلفة وسماكتها وسرعة موجات القص داخلها وهي العوامل التي تتحكم في مقدار التضخيم للموجات الزلزالية بالإضافة إلى أهميتها الكبرى لسلامة المنشآت المزمع إقامتها بالمنطقة. ولأن تكبير الموجات الزلزالية يبلغ ذروته عند التردد الأساسي للتربة، فقد تم استخدام عدد من الطرق الجيوفيزيقية لتعيين التردد الأساسي بالمنطقة. وفي هذه الدراسة أجريت أولا حسابات المخاطر الزالزلية عند صخور القاعدة باستخدام الطريقة الاحتمالية لزمني عودة 475 و2475 سنة، ثم حددت خصائص التربة وحساب إمكانية تضخيمها للترددات المختلفة للموجات الزلزالية، وأخيرا تم حساب قيم التسارع الزلزالي عند سطح الأرض لكل الترددات الهامة للمنشآت الهندسية.

وعن آلية تجميع هذه الدراسة، أردف مدير مركز رصد الزلازل : بدأت هذه الدراسة بتجميع كل الزلازل التي حدثت خلال الفترة من 734م حتى 2018م ولها قوة أكبر من أو تساوي 4.0 درجات، كذلك فقد تم تحديد 28 مكمنا زلزاليا يمكن أن تؤثر بأي شكل على منطقة الدراسة آخذين في الاعتبار تأثيرات جميع الزلازل، الصغيرة منها والكبيرة المتولدة من جميع المكامن الزلزالية وحساب تكرارية حدوث الزلازل وقوة أكبر زلزال يمكن أن ينطلق من كل مكمن.

إن الحركة الأرضية الناتجة عن الزلازل تقل قوتها مع المسافة وتبعا لطبيعة الوسط الذي تنتشر فيه الموجات الزلزالية. وأشار الى انه لا يوجد في عُمان نماذج لاضمحلال الحركة الأرضية الناتجة من حدوث الزلازل مع المسافة، وهي النماذج التي يمكننا بواسطتها توقع قيمة تلك الحركة الأرضية في المواقع محل الدراسة، لذلك فقد تم استخدام نماذج اضمحلال مستنبطة بمناطق أخرى تشبه بيئة حدوث الزلازل فيها تلك في عُمان وما حولها، حيث تم انتقاء ثلاثة نماذج على الأقل لتمثيل اضمحلال الحركات الأرضية المتولدة من من كل مكمن زلزالي. وباستخدام كل ماسبق فقد تم حساب الخطورة الزلزالية عند صخور القاعدة بمنطقة الدقم للعديد من الترددات الهامة من وجهة النظر الهندسية وذلك باحتمالية حدوث 2% و10% خلال خمسين عاما، وهي تقابل أزمان عودة 475 و 2475 على الترتيب.

حماية أكبر للمنشآت

واستعرض الدكتور أحمد ضيف رئيس قسم البحوث والدراسات التوعوية بالمركز الطريقة المتبعة حيث استخدمت طريقة ناكامورا (1989) والتي تستخدم النسبة الطيفية بين متوسط المركبتين الأفقيتين إلى المركبة الرأسية لتحديد التردد الأساسي في 90 موقعا. وقد أثبتت تلك الطريقة والتي تستخدم على نطاق واسع عالميا نظرا لقلة تكلفتها وسرعة تحليلاتها وسهولتها نجاعة بالغة في حساب التردد الأساسي. ينتج من استخدام طريقة ناكامورا (1989) عند المواقع ذات التربة الهشة منحنى يحتوي على قمة واحدة أو أكثر عند التردد الأساسي للموقع تبعا للتتابع الطبقي للتربة، فالتربة الهشة ذات السمك الكبير تتميز بترددات طبيعية صغيرة، أما التربة ذات السمك الصغير فتكون تردداتها الطبيعية كبيرة. وتتميز المواقع الصخرية والمكسوة بتربة ذات سمك صغير جدا بمنحنيات مستقيمة تقريبا بلا أي قمم، وتتذبذب حول قيمة الواحد الصحيح. توضح قيم التردد الأساسي أن الترددات العالية (أكبر من 10 هرتز) تسود في المناطق الغربية حيث تبرز الصخور فوق سطح الأرض. أما المناطق الساحلية الشرقية وكذلك الأودية فإنها تتميز بتردداتها الأساسية الأقل نسبيا، وذلك لوجود تربة ضعيفة ذات سمك أكبر في هذه المناطق. تكمن أهمية التردد الأساسي للتربة في حالة توافقه مع ترددات المنشآت المزمع إقامتها ومع ترددات الموجات الزلزالية المتوقعة والذي يؤدي إلى حدوث ظاهرة الرنين وتضخيم موجات الزلازل وزيادة خطورتها. إن معرفة التردد الأساسي للتربة قد يتيح لمصممي المنشآت في هذه المنطقة الحيوية تجنب هذه الترددات لتوفير حماية أكبر للمنشآت.

وتعتبر سرعة موجات القص التي تستخدم كثيرا في معايير البناء وتصميم المنشآت أكثر معاملات المرونة تعبيرا عن صلابة المواد التي تمر خلالها، وتم حساب سرعة موجات القص في الدراسة الحالية باستخدام طريقة التحليل متعدد القنوات للموجات السطحية واعتمادا على البيانات الجيوتقنية التي توافرت بعد حفر 55 بئرا بأعماق تتراوح بين 10 إلى 25 مترا بمنطقة الدراسة. وفي تلك الطريقة تحسب سرعة موجات القص في قطاع رأسي بالموقع وعند تعدد هذه القطاعات في موقع الدراسة يمكن إدماجها لتوليد قطاعات ثنائية الأبعاد لسرعة موجات القص. وقد اتفقت نتائج الدراسات الجيوفيزيقية إلى حد كبير مع بيانات الآبار في منطقة الدراسة مما يشير إلى نجاعة الطريقة المستخدمة وكفاءة تطبيقها. كذلك تم إنشاء خريطة لمتوسط سرعة موجات القص في الثلاثين مترا السطحية من التربة VS30 وهي معامل هاما في تصنيف المواقع في معظم معايير البناء الحديثة.

استخدام التقنيات الحديثة

وأضاف الدكتور عادل محمد الشحات باحث بمركز رصد الزلازل: تم في الدراسة الحالية استخدام سرعات موجات القص لحساب منحنيات تضخيم التربة للحركة الأرضية بشكل دقيق عند كافة الترددات الهامة. وتشير الخرائط بالمنطقة إلى أن المواقع ذات الطبيعة الصخرية أو ذات التربة شديدة الكثافة لا تضخم مطلقا الموجات الزلزالية عند صخور القاعدة، بينما يصل تضخيم التسارع الزلزالي الطيفي عند زمن دوري 0.2 ثانية إلى 2.8 مرة ويسود تضخيم لايزيد عن 1.5 معظم منطقة الدراسة.

وأخيرا تم إنشاء خرائط تقييم الخطورة الزلزالية عند سطح الأرض (الوحدة: عجلة الجاذبية الأرضية 981 سم/‏‏‏ثانية2)، آخذين تأثير اختلاف الجيولوجية السطحية على الحركة الزلزالية الأرضية وبدلالة العجلة الطيفية لجميع الأزمان الدورية الهامة. تظهر الخريطة المرفقة ذروة التسارع الأرضي لزمن عودة 475 سنة كمثال للخرائط المتعددة التي قدمتها هذه الدراسة. وقد أظهرت النتائج أن العجلة الطيفية عند سطح الأرض للأزمان الدورية 1.0 و2.0 ثانية تقل كثيرا عن مثيلاتها عند الأزمان الدورية الصغيرة (0.2 ثانية) حيث تقترب قيم الخطورة الزلزالية من تلك المتوقعة عند الطبقات الصخرية دون حدوث تضخيم يذكر، وبذلك تعد قيم الخطورة الزلزالية في الدقم صغيرة نسبيا إلا أننا نوصي بأن تؤخذ بعين الاعتبار عند تصميم وتنفيذ المنشآت. الخرائط المقدمة في الدراسة الحالية صحيحة في حدود كثافة عينات التربة والمسح الجيوفيزيائي المحدود نسبيا الذي أجري بمنطقة الدراسة، لذلك لا يمكن أن توفر الخرائط الحالية أي معلومات مفصلة في المسافات البينية بين المواقع التي تم مسحها، وقد تحتاج هذه المناطق البينية إلى دراسات أكثر تفصيلا إذا كانت هناك حاجة ملحة إلى معلومات دقيقة عن هذه المواقع.

وتتيح النتائج السابقة حساب طيف الاستجابة التصميمي المرن عند كل نقطة من نقاط الدراسة داخل الدقم، إضافة إلى ما سبق فقد وفرت التقنيات الحديثة نظام للإنذار المبكر يقوم بالتحذير عند حدوث هزات قوية واتخاذ عدد من الإجراءات التي تقلل من الخسائر في الأرواح والممتلكات. يقوم هذا النظام بحساب طيف الاستجابة لتسجيلات الزلازل بشكل أقرب ما يكون من الوقت الحقيقي ومقارنته المستمرة بطيف الاستجابة التصميمي المرن للمنشأة، فإذا اقترب الطيفان من بعضهما تقوم المنشأة أتوماتيكيا بإغلاق خطوط الكهرباء والغاز وما تراه مناسبا من شبكات أخرى وتحديد المواقع الأكثر تضررا داخل المنشأة مما ينقذ العديد من الأرواح ويوفر الكثير من الأموال. كما تتيح هذه الطريقة قياسات كميات حقيقية تجنب المنشآت القيام بعمليات إخلاء قد تكون مكلفة ماديا وبشريا بلا سبب واعتمادا فقط على الذعر الذي يجتاح الأفراد عند شعورهم بالهزات القوية في حين أن المنشأ آمن تماما ، ولذلك قد يكون من المفيد اعتماد هذا النظام في كافة المنشآت الهامة بجميع أرجاء السلطنة حيث يتميز بقلة تكلفته وفاعليته العالية.