الملف السياسي

قرار الجنائية.. فرصة لتقرير المصير تحتاج تضافر الجهود

06 يناير 2020
06 يناير 2020

فتحي مصطفى -

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قرار الجنائية الدولية، بأنه يمثل «يوماً مظلما للحقيقة والعدالة»، وأن «قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية يحول المحكمة الجنائية الدولية إلى أداة سياسية لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل».

لم يتوقع الجانب الإسرائيلي يوماً، أو أي من مسؤوليه، أنه سيمثل أمام المحكمة الجنائية القضائية المعنية بالتحقيق في جرائم الحرب، يقف أمامها موقف المتهم بارتكابه عددا من الجرائم ضد الإنسانية عبر سنوات مختلفة تجاه الشعب الفلسطيني، ويكون رهنا للتحقيقات، وبرغم التدابير التي تحاول الحكومة الإسرائيلية ووزير دفاعها توخيها لعدم التعرض لمثل هذا الموقف، إلا أن القرار الذي اتخذته رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية «فاتو بنسودا» ديسمبر الماضي، جاء بمثابة الصدمة المدوية التي أصابتهم بهزة قوية وضعتهم في مأزق لا يحسدون عليه، فلا يكون أمامهم إلا التشكيك والمراوغة التي يجيدونها للإفلات بممارساتهم المشينة التي يقترفونها، أو الاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها.

ففور الإعلان عن قرار رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية، وكخطوة استباقية، وقبل إصدار أي تصريحات من جانب القيادة الإسرائيلية، نشرت بعض الصحف الإسرائيلية نتائج التحقيقات التي جرت حول حادثة «مجزرة عائلة السواركة «في قطاع غزة» حيث كان جيش الاحتلال قد استهدف منزلا يتبع هذه العائلة في غزة «دير البلح» منذ شهرين تقريبا، الأمر الذي أودى بحياة تسعة أفراد من الأسرة كان بينهم امرأتان وخمسة أطفال.

جاء هذا التصرف كنوع من سياسة ينتهجها الجانب الإسرائيلي مع أي حوادث قد تضعه تحت طائلة المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم حرب، إذ أن المحكمة تمارس عملاً قضائيا «تكميليا»، تعد فيه كخطوة أخيرة في حالة ما إذا فشلت المحاكم الوطنية في دورها في محاسبة الجناة. وتجد إسرائيل لنفسها مخرجا لذلك بفتح تحقيقات وهمية لا تؤدي إلى نتيجة أو تعطي حقاً لأحد.

ليس هذا محض افتراء، ولكنها آراء من الداخل، فيقول الكاتب الإسرائيلي «جدعون ليفي» في مقال له: «أن المؤسسات القضائية في إسرائيل وكذلك النيابة العسكرية لا تتعامل بجدية مع الجرائم التي ترتكب في حق الفلسطينيين»، وأشار إلى أن النيابة العسكرية الإسرائيلية مجرد مقبرة لملفات جرائم الحرب، وإسرائيل تستهين بالقانون الدولي منذ عشرات السنين ولا تدفع ثمن أفعالها، ولكن وقت الحساب قد اقترب على ما يبدو».

وكرد فعل، فقد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قرار الجنائية الدولية، بأنه يمثل «يوما مظلما للحقيقة والعدالة»، وأن «قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية يحول المحكمة الجنائية الدولية إلى أداة سياسية لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل». وأنه لن يسمح لها بإرسال طواقم تحقيق إلى الأراضي الفلسطينية، واعتبر أن موقف «بنسودا» يناهض حق اليهود في فلسطين ويعادي للسامية»!

كما قال إنه بعث برسالة خطية ـ بحسب صحيفة الشرق الأوسط ـ إلى زعماء في العالم، بنفس الروح، كتب فيها: «لقد حولوا المحكمة إلى سلاح سياسي ضد إسرائيل وضد علاقتنا بأرضنا، يريدون تحويل عيش اليهود في وطنهم إلى جريمة حرب ـ هذه مسخرة ـ سنكافح من أجل حقوقنا ومن أجل الحقيقة التاريخية بكل الوسائل الممكنة». كما أصدر بيانا ادعى فيه بأن المحكمة لا تملك صلاحيات محاكمة الدولة العبرية.

وشككت إسرائيل في السند القانوني للطلب الذي قدمه الفلسطينيون للمحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان المرتبطة بسياسات الاستيطان، كما قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها أن «الإحالة الفلسطينية محل الكلام ليس لها سند قانوني، والصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني خارج دائرة اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لأن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة ولأن السلطة الفلسطينية ليست دولة».

إلا أن رأي المدعية العامة ـ القانوني ـ يؤكد أن قبول الجمعية العامة للأمم المتحدة لفلسطين كدولة مراقبة يكفي لتحقيق هذه الغاية