العرب والعالم

دعوات دولية للحوار وخفض التوتر والعنف بعد مقتل سليماني

05 يناير 2020
05 يناير 2020

حشود هائلة في وداعه بإيران -

عواصم - وكالات - أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في تصريحات تلفزيونية بثّت أمس إنّه يرى «احتمالات حقيقية» لإقدام إيران على استهداف جنود أمريكيين ردّاً على اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني في بغداد. وقال الوزير في تصريح لشبكة فوكس نيوز «نعتبر أنّ هناك احتمالات حقيقية بأن ترتكب إيران خطأ وتتّخذ قرار استهداف بعض قواتنا، قوات عسكرية في العراق أو جنود في شمال شرق سوريا».

من جهته قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أمس إنه يتفهم سبب قتل الولايات المتحدة قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني لكنه حث على إنهاء التوتر في الشرق الأوسط لتجنب نشوب حرب في المنطقة.

ووصفت إيران الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه «إرهابي يرتدي بذلة» بعد أن هدد بضرب 52 موقعا إذا هاجمت طهران أمريكيين أو أصولا أمريكية ردا على قتل قاسم سليماني.

وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) «نريد خفض حدة التوتر، نريد رؤية طريق للخروج من هذه الأزمة. لا نريد اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط. المجموعة الوحيدة التي يمكن أن تستفيد من ذلك هي الإرهابيون وداعش». وقال راب إن سليماني كان يمثل «خطرا إقليميا» وإنه فهم «الموقف الذي وجد الأمريكيون أنفسهم فيه». ورد على سؤال عما إذا كان قتل سليماني قانونيا قائلا «كان من مهام الجنرال سليماني الوظيفية الانخراط في حروب بالوكالة وقيادة ميليشيات... لمهاجمة دول غربية متواجدة بشكل مشروع هناك وفي مثل هذه الظروف ينطبق بوضوح حق الدفاع عن النفس».

وقال راب إن بريطانيا، التي حذرت مواطنيها من السفر للعراق أو إيران، تتخذ «كل الإجراءات الأساسية اللازمة» للحد من المخاطر على المواطنين البريطانيين والبعثات الدبلوماسية وأفراد الجيش.

وقال إن على القيادة في طهران أن تعرف أن هناك مخرجا دبلوماسيا للأزمة.

في السياق دعا البابا فرنسيس أمس في ظل تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، إلى الحفاظ على «الحوار وضبط النفس» درءاً لـ«الأعمال العدائية»، ولكن من دون أن يذكر بلدا أو منطقة بعينها، وذلك خلال صلاة التبشير الملائكي في باحة القديس بطرس في الفاتيكان.

وقال البابا «نشعر في عدة أماكن من العالم بمناخ توتر مروع»، خارجا بذلك عن النص الموزع مسبقا، في ما بدا أنّه تلميح إلى الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران.

وأضاف أنّ «الحرب لا تحمل سوى الموت والدمار. أدعو كل الأطراف إلى إبقاء شعلة الحوار وضبط النفس مشتعلة والحيلولة دون الأعمال العدائية». وصرح خبير ألماني في شؤون الشرق الأوسط بأنه يرى أن مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في العراق قد يؤدي إلى أن تواجه الولايات المتحدة الأمريكية بالرفض في العراق.

وقال فيلفريد بوختا، الذي عمل محللا سياسيا لدى الأمم المتحدة في العراق في الفترة بين عامي 2005 و2011، لإذاعة ألمانيا امس إن الهجوم قد يتحول بذلك إلى «هدف في مرمى» الولايات المتحدة.

وأضاف أن إيران والعراق مرتبطتان دينيا وثقافيا كدولتين بهما أغلبية شيعية، لافتا إلى أن كثيرا من الساسة في الحكومة العراقية وجدوا لأنفسهم ملاذا في إيران في الماضي كمعارضين لنظام صدام حسين.

وأشار الخبير الألماني إلى أن «العراق تتسم اليوم بالفساد والسيادة المتعجرفة لأحزاب عرقية طائفية»، لافتا إلى أنه تم تنظيم احتجاج قوي ضد ذلك، وتم قمعه بشكل دموي، وأضاف أن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي استقال، وهو في المنصب حاليا بشكل مؤقت.

وتابع بوختا أنه يتم حاليا مواجهة خطر تغير الأجواء نحو معاداة أمريكا في أعقاب الهجوم الجوي الذي قام به الأمريكيون، لافتا إلى أن الحكومة العراقية ترى أنها مجبرة على وصف الهجوم بأنه عمل إرهابي، وأضاف أنه من الممكن أن يتشاور البرلمان العراقي بشأن إصدار قانون لسحب الأمريكيين.

وأضاف الخبير السياسي الألماني أنه من الممكن أن يكون الهجوم الأمريكي بمثابة إحراز الأمريكيين هدفا في مرماهم، موضحا أنه من الممكن أن يفقد الأمريكيون أي تأثير لهم من خلال حدوث انسحاب، وبذلك ستكون إيران المنتصر.وقال بوختا إن إعلان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس اتخاذ مبادرات للتخفيف من حدة التصعيد في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تعد «لغوا فارغا نوعا ما».

وأضاف الخبير الألماني: «ألمانيا تسبح داخل التحالف العسكري الكبير حلف شمال الأطلسي، ويتعين عليها التنسيق مع الأمريكيين بشكل وثيق. وليس لديهما تقريبا إمكانات تأثير على الحكومة العراقية، ولديهما عدد محدود للغاية من جهات الحوار مع أحزاب عراقية. الحوار مع إيران يسير بشكل متباطئ، إنه مجمد نوعا ما. وألمانيا تعد، إذا جاز القول، مشاهدا بلا حول ولا قوة في هذا التصعيد للنزاع بالشرق الأوسط».

وأعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله أمس أن الجيش الأمريكي هو الذي قتل قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس وثمانية من رفاقهما في العراق، وهو الذي «سيدفع الثمن».

وقال نصرالله في حفل تأبين لسليماني والمهندس في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، «القصاص العادل هو (من) الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة: القواعد العسكرية الأميركية، البوارج العسكرية الأميركية، كل ضابط وجندي في المنطقة».

وأضاف «الجيش الأمريكي هو الذي قتل هؤلاء وسيدفع الثمن»، مؤكدا أن الشعب الأميركي والمدنيين الأمريكيين غير مستهدفين.

وقوطع نصرالله الذي كان يتحدث عبر شاشة عملاقة في قاعة ضاقت بمناصريه، مرارا بالتصفيق وبهتافات «الموت لأميركا»، و«لبيك نصرالله». بينما كان الحاضرون يلوحون ايضا بأعلام الحزب الصفراء.

وإذ دعا الى أن يكون الردّ من فعل كل «محور المقاومة» في المنطقة، تابع نصرالله «عندما تبدأ نعوش الجنود والضباط الأمريكيين بالعودة الى الولايات المتحدة، سيدرك ترامب وإدارة ترامب أنهم خسروا المنطقة وسيخسرون الانتخابات». وقال «يجب أن تكون إرادتنا في محور المقاومة التالي: الرد على دماء قاسم سليماني وأبو مهدي هو إخراج القوات الأميركية من كل منطقتنا».

كذلك، دعا نصرالله الشعب العراقي الى طرد كل الجنود الأمريكيين من العراق، قائلا «أيها الشعب العراقي الأبي، أضعف الإيمان بالرد على جريمة قتل قاسم سليماني هو إخراج القوات الأمريكية من العراق وتحرير العراق من الاحتلال الجديد».

وأشار الأمين العام لحزب الله الى أن إيران لم تطلب من حلفائها شيئا، وأن الردّ الإيراني «هو شأن الإيرانيين»، لكن «ذلك لا يعفي محور المقاومة من مسؤوليته»، مشيرا الى العراق وسوريا وحزب الله.

وقال بلهجة حادة «إذا ذهبت شعوب المنطقة بهذا الاتجاه، سيخرج الأمريكيون مذلولين، مرعوبين (...) كما خرجوا في السابق»، مضيفا «الاستشهاديون الذين أخرجوا أمريكا من منطقتنا ما زالوا موجودين وأكثر من السابق، المجاهدون والمقاومة الذين أخرجوا الأمريكيين كانوا قلة قليلة (...) واليوم هي شعوب وجيوش تملك إمكانات هائلة».

من جهة أخرى، ذكر نصرالله أن قاسم سليماني زاره في يوم رأس السنة الميلادية، أي الأربعاء.

وروى كيفية استهداف الأمريكيين لموكبه قرب مطار بغداد، موضحا أن سليماني الذي كان يعتبر مهندس العمليات الإيرانية في الخارج، كان قادما الى بغداد من مطار دمشق.

وتعهدت إيران بـ«رد قاس» على مقتل سليماني.

وقال مستشار المرشد الأعلى الإيراني اللواء حسين دهقان في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأمريكية أن رد إيران على اغتيال سليماني «سيكون عسكريا وضد مواقع عسكرية». وكانت حشود هائلة اجتاحت شوارع مدينتي الأهواز ومشهد الإيرانيتين أمس للمشاركة في تشييع الثوري الجنرال قاسم سليماني.

وشقّت قافلة تحمل نعوش القتلى الستّة الذين سقطوا في الغارة الجوية الأمريكية فجر الجمعة بحراً من المشيّعين في مشهد، ثاني كبرى مدن البلاد والمدينة المقدسة لدى الشيعة.

وأظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي رجالاً اعتلوا الشاحنة التي تقدّمت الموكب الجنائزي وهم يرمون باتجاه الحشود الكوفيات والقمصان وقطع ألبسة أخرى .