مرايا

إلهام المسكرية: قصصي تبرز عمـق العلاقـة بيــن الإنســـان والخيــل والمهـارات الحياتيــة والقياديـــة المكتسبـة مـن خلالهــا

01 يناير 2020
01 يناير 2020

حبها للفروسية أدخلها عالم الكتابة ومجال التنمية البشرية -

التقتها- فاطمة الإسماعيلية -

الشغف أن تتبع ما تحب لتشعر بالسعادة في كل عمل تقوم به، الشغف أن تبدع في الطريق الذي اخترته وتشق ذلك الطريق بكل إتقان لتفيد نفسك وتنثر الاستفادة على الآخرين، واليوم وقفتنا مع إلهام بنت ناصر بنت سلطان المسكرية التي ترجمت هذا الأمر، بحبها لعالم الخيل ودخولها عالم الكتابة يدفعها الشغف والذي أوصلها لأول سلم نحو الاحتراف، وجعلها تؤمن أن الطريق مهما كان طويلا لكنها ستصل.

حديثنا بداية عن دراستك وخبرتك العملية؟

تدرجت في مراحل التعليم المختلفة حتى حصلت على الماجستير في الهندسة الكيميائية والإدارة، وعملت كمحاضرة سابقة في مجال النفط والغاز، وعضو في مجال ضبط الجودة.

لكن مع الوقت قررت أن أتفرغ وأركز على ميولي بتقديم حلقات عمل للأطفال في مجال تنمية المهارات القيادية والتفكير الاستراتيجي والتعلم التجريبي للكبار.

وماذا عن الكتابة والبدء في نشر بعض الإصدرات؟ أهي أيضا هواية تحاولين تطوريها؟

صحيح، القراءة والكتابة كانت هواية منذ طفولتي، فمنذ أن بدأت مجال العمل كانت لدي رغبة في تأليف كتب تعليمية للأطفال في عدة مجالات وبالأخص مجال عملي، ولكن افتقدت العزيمة والجرأة حينها، ومضت سنوات عديدة إلى أن اتجهت لعالم الخيول وبدأت ممارسة الركوب كهواية.

بينما أتأمل رحلة اكتشاف الذات التي قمتُ بها مؤخرًا، لا أزال أشْعُرُ بالسعادة بسبب الطريقة التي نَهَجْتُها في نَسْجِ علاقتي بالخيولِ. نَمَتْ هذهِ العلاقة على الأرضِ وعلى السرجِ، حتى أثرّت على تطويرِ بَعْض جوانِب شخصيتي اليوم. وقد بدأت قصتي بفضولٍ بسيط وتعلقي لركوب الخيل، في تلك المراحل الأولى لم أكن أعْرِف شيئا عن عجائبِ عالم الخيول التي لم أستكشفها بعد، ولم يمض وقت طويل حتى بدأت في ربطِ تجربتي على السرجِ بممارساتِ حياتي اليومية، ورأيتُ نفسي أتعلم من الخيلِ فنا لمواجهة الخوف وطريقة التغلب على لحظاتِ عدم اليقين وتذليل التحديات.

كان شغفُ التعلم والطموح والمثابرة المتزايد في حلبة ِالفروسية ينعكس بوضوح على حياتي الشخصية والمهنية، ومنها عزمت على تحقيق هدفي. وقد اخترت مجال الفروسية كأول موضوع لسببين رئيسيين:

السبب الأول: تعزيز ثقافة الخيل وتأثيره الإيجابي في حياتي وشخصيتي كانت الدافع لمشاركة هذه التجربة، وإبراز عمق العلاقة بين الإنسان والخيل والمهارات الحياتية والقيادية المكتسبة من خلالها.

وثانيا: تعزيز القراءة الترفيهية، حيث دفعني لذلك شغف أبنائي بعالم الخيول والفروسية، وبعد بحث طويل لم أحصل على أية كتب معرفية عن الخيول وتكون مناسبة لأعمارهم، فإما كان المحتوى جيد ولكن اللغة غير مناسبة للأطفال، أو رسوماتها تكون جميلة ولكن محتواها ومعلوماتها سطحية جدا.

لذا قررت أن أقوم بتأليف سلسلة كتب حول الخيل تجمع المحتوى والصور الجيدة، أي العوامل اللي تجذب الطفل لاختيار كتاب للقراءة، منها الرسومات الموضحة والسرد ونصوص معرفية تعليمية.

كيف تعمق شغفك بكل ما يتعلق بالخيل؟

عندما دخلت تجربة التدريس المنزلي، نقلتني رسالتي إلى العديد من المجالات وصفحات المنتديات التي من خلالها تعرفت فيها على فلسفة التعلم بمساعدة الخيول، وهو نموذج يستخدم لتعزيز النمو الشخصي والجماعي من خلال تمارين التعلم التجريبي.

و الخيول كائنات حساسة للغاية لبيئتها وتتفاعل مع لغة الجسد والعواطف، ولديها الذكاء والقدرة على قراءة النوايا الحقيقية للآخر. بسبب هذه الخاصية المذهلة، فهي تتفاعل معنا من منطلق احتمالات تصرفاتنا حسب الرسالة التي نعرضها والطاقة التي نردد صداها، وبذلك فهي تقدم قراءات وانعكاسات من وحي الملاحظة وليس من وحي الخيال أو نتيجة انفعالات اعتباطية.

و في هذا الإطار سعيت لاكتساب مهارات جديدة تربط الخيول بالمجال التعليمي «و خاصة القراءة» بصفتي أول مرشدة في الشرق الأوسط في مجال تعزيز مهارات القراءة من خلال أنشطة تفاعلية وموضوعية مع الخيل، وهي فلسفة تعليمية معترفة ومعتمدة من قبل إحدى أكبر المنظمات والمعيار العالمية لتطوير الذات بمساعدة الخيل.

6 كتب

حدثينا عن سلسة الكتب تلك؟ وأي فئة من الأطفال تستهدف تحديدا؟

هي تجربة تعليمية تحث على تعليم الأطفال من خلال الخيول. حيث يستكشف المهر «بليز» ومالكه «عمر»، عالم الخيول الرائع. والمراحل الأساسية منذ رعاية الخيل إلى أساليب ركوب الخيال، والقيادة، والمهارات الحياتية. هذه السلسلة التي تتكون من 6 كتب، تمكن الأطفال من استكشاف حقائق وأفكار جديدة حول الخيول، وتسلط الضوء على القيمة والتأثير الإيجابي لعلاقة الإنسان بالخيل.

وتستهدف الأطفال من عمر 4- 11 سنة، فلكل فئة هناك معلومة أو فكرة جديدة بما يتناسب مع أعمارهم، وقد يجد البعض أنها تستهدف فئة أوسع، فقد اندهشت أنه بعد طباعة الكتب ونشرها، أن السلسلة استهوت فئات عمرية أكبر، فالكبار جذبتهم المعلومات، والأطفال الأصغر سنا جذبتهم الرسومات، وأصبحت كتب للأسرة بأكملها. والكتب متوفرة حاليا باللغة الانجليزية والفرنسية وقريبا باللغة العربية ذلك لتعم الاستفادة.

ما هي نصيحتك للآباء والأمهات فيما يتعلق بتقوية مهارات الأطفال في كل ما يتعلق بالخيول؟

تتصف الخيل بحواسها الفريدة والتي تميزها عن بقية الحيوانات، فالخيل معلم ومرآة لصاحبها، حيث أن أفعالها وسلوكها تعكس صاحبها، وقد يعتبرها تغذية راجعة لشخصيته، وبناء على ذلك يركز على تطوير ذاته.

لذلك أنصح كل ولي أمر أن يوفر المجال لأبنائهم للاحتكاك بالخيل، سواء كانت بالركوب عليها أو على الأرض، حيث أن «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ في نوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» هكذا وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم استدامة بركة الخيل وعلاقتها مع الزمن.

و تاريخياً، لعبت الخيول العربية دورًا محوريًا في الحرب والسلام وحركة النقل والتنقل و بناء علاقات الصداقة والتعاون بين البشر. وحتى اليوم، و ببركة سماتها الفريدة من جمالها وقدرتها على التحمل فهي لا تزال واحدة من أكثر سلالات الخيول قيمة في العالم.

كما اهتمّ العرب والمسلمون منذ القدم، بالخيل وبتربيتها، حتى أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حضّنا على تعليم أبنائنا ركوب الخيل عندما قال «علموا أولادكم السباحة، والرماية، وركوب الخيل».

الموقع الإلكتروني

كيف يمكن الحصول على مجموعتك؟ وهل قمتي بعمل مشاركات خارجية للترويج لها؟

حاليا من خلال الموقع الإلكتروني

www.ilhaamalmaskery.com وقريبا سيتم تحديد مجموعة من المحلات والمكتبات التي ستعرض فيها هذه السلسلة.

ختاما.. ما طموحك مستقبلا في هذا الجانب الهام؟

في سياق التنمية البشرية بشقيه «الشخصي والمهني» وتطوير التعليم الأكاديمي، فإني أتطلع إلى المشاركة الفعالة وتقديم المزيد من خلال تناولي للفرص المختلفة والمتاحة في المنطقة، والاستمرار في تطوير مشاهداتي لاستكشاف المزيد من عمق العلاقة بين الإنسان والخيل واستخلاص ما يمكن الاستفادة منها.

أما بالنسبة لسلسلة كتاب الخيل بعدة لغاتها الانجليزية والعربية والفرنسية، فأتمنى أن تعم الاستفادة منها كمصدر تعليمي في المدارس والمراكز محليا ودوليا.