أفكار وآراء

توصيات تبحث عمّن ينفذها

28 ديسمبر 2019
28 ديسمبر 2019

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

تعقد سنويا العديد من المؤتمرات والندوات وحلقات العمل المحلية والإقليمية والدولية لدراسة ومناقشة قضايا مختلفة اقتصادية واجتماعية وتصرف أحيانا آلاف الريالات على إقامة هذه الفعاليات والتي يشارك فيها العديد من الخبراء والمختصين وتستمر أحيانا لعدة أيام في جلسات عمل متواصلة لساعات عديدة، بعض الندوات عقدت بأوامر سامية وكانت متخصصة في مناقشة قضايا محددة كقضايا التشغيل والتنويع الاقتصادي وغيرها من المواضيع المهمة للغاية. تخرج تلك الفعاليات بالعديد من التوصيات والقرارات المهمة والتي لو نفذت لكانت كفيلة بحل المشكلات والعقبات التي عقدت من أجلها وأثناء تلك الفعاليات يتم توصيف وتحليل المشكلة ومناقشة الحلول الممكنة لها وفي نهاية كل مؤتمر أو ندوة يتم تلاوة البيان الختامي والذي يشمل النتائج والتوصيات.

في أحيان كثيرة يتعمد منظمو الفعالية سرد توصيات عامة وغير محددة وغير قابلة للتطبيق وتظل المشكلة أو الموضوع الذي عقدت من أجله تلك الفعالية أيا كان مسماها قائمة وربما تحتاج الى ندوات أخرى وهكذا الحال في كل مرة ، وتظل التوصيات حبيسة الإدراج الى ما شاء الله .

نعتقد أن من أسباب عدم تطبيق القرارات والتوصيات التي تخرج بها الندوات والمؤتمرات وحلقات العمل متعددة لعل أهمها عدم وضوح الهدف من عقد الفعالية من الأساس وبالتالي تخرج التوصيات كتحصيل حاصل ، وفي بعض الأحيان يتعمد منظمو هذه الفعاليات صياغة توصيات عامة وغير محددة اعتقادا منهم بأن هذه التوصيات ماهي إلا إجراء روتيني.

أحيانا تكون التوصيات عامة وغير قابلة للتطبيق ولا توجد لها أدوات واضحة للتنفيذ وإنما تكون عبارة عن توجيهات عامة وغير محددة وشاملة بمعنى أنها لا توضح الجهة المعنية بها ، مثل هذه التوصيات تظل معلقة وكل جهة من الجهات تعتقد أنها ليست معنية بتنفيذها . وتخرج أحيانا بعض الفعاليات بتوصيات واضحة ومحددة إلا ان تنفيذها يتطلب توفير موارد مالية وإجراءات قد تضر ببعض المصالح الشخصية لأصحاب العلاقة لذا تظل هذه التوصيات محفوظة في الأرفف ويمكن الالتفاف عليها بطريقة أو بأخرى ، على اعتبار أنها غير ملزمة لأنها لم تصدر بنص قانوني مثل المراسيم والقرارات الوزارية والتعاميم.

أحيانا هناك قيود تحول دون تنفيذ بعض التوصيات فقبل تنفيذها لا بد من إزالة تلك القيود ومعالجة العوائق التي قد تحول دون التنفيذ ، في بعض الأحيان تكون التوصيات عبارة عن قرارات ملزمة مثل ما حصل في توصيات ندوة سيح الشامخات والتي خرجت بها ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي عقدت في ولاية بهلا في عام 2013 م حيث تم تنفيذ بعض نتائجها .

من ضمن التوصيات التي أصبحت حقيقة إنشاء مؤسسة تعنى بتقديم الدعم للشباب وهي صندوق رفد وكذلك الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي صدرت التعليمات السامية بإنشائها بعد الندوة مباشرة ، هناك أيضا حزمة من الإجراءات القابلة للتطبيق اعتمدت من قبل جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- ويتم تنفيذها . ومن بين التوصيات التي تم تنفيذها كذلك تخصيص ما لا يقل عن 10% من قيمة إجمالي المشتريات والمناقصات الحكومية المختلفة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث قام مجلس المناقصات بتنفيذ الإجراءات والضوابط الكفيلة بتحقيقها مع إلزام الشركات المنفذة للمشاريع الكبيرة بتخصيص نسبة لا تقل عن 10% من قيمة المناقصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإعطاء الأولوية لتلك المسجل موقع عملها في المحافظة التي ينفذ فيها المشروع.

تنفيذ برنامج لتدريب موظفي القطاع الحكومي من ذوي العلاقة والتعامل المباشر مع القطاع الخاص، لتعزيز فكر ريادة الأعمال لديهم وتحسين تعاملهم وتسهيل وتطوير الإجراءات المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يحقق تقديم أفضل الخدمات لتمكين هذه المؤسسات من أداء دورها التنموي، كان ذلك من ضمن التوصيات التي تم تنفيذ بعض منها.

كذلك السماح لموظفي الحكومة الراغبين في إنشاء وإدارة مؤسساتهم الخاصة بالتفرغ لها مع الاستمرار في صرف رواتبهم لمدة سنة وفقا لضوابط محددة يتم اعتمادها خلال هذا العام، وتخصيص جائزة سنوية بمستوى عالٍ تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجهات والأفراد الداعمين لها .

هناك قرارات مهمة للغاية لم تنفذ لأسباب متعددة كتخصيص قطع أراضٍ مناسبة في مختلف محافظات السلطنة لبناء مراكز أعمال وحاضنات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يتم استثمارها من قبل الحكومة أو القطاع الخاص على أن تدار من خلال مؤسسات متخصصة في إدارة مثل هذه المرافق، وتخصيص قطع أراضٍ زراعية وصناعية وتجارية بعقود انتفاع لاستثمارها من قبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بموجب اشتراطات يحددها المجلس الأعلى للتخطيط ووزارة الإسكان وتمكين رواد الأعمال من تأسيس أندية خاصة بهم تسهم في صقل تجاربهم وتعزز تبادل الخبرات فيما بينهم كل هذه التوصيات وغيرها ظلت حبيسة الأدراج ولم تنفذ.