الاقتصادية

أصحاب السيارات في ألمانيا تائهون بسبب مقاضاة سيارات الديزل

27 ديسمبر 2019
27 ديسمبر 2019

هانوفر (ألمانيا) (د ب أ)- استمرت الحيرة بين مئات الآلاف من أصحاب سيارات الديزل في ألمانيا، حيث لم تتضح الأمور بالنسبة للكثير من القضايا، وذلك رغم مرور أكثر من أربعة أعوام على بدء أزمة عوادم الديزل، ولم يتضح بعد ما إذا كان باستطاعة أصحاب هذه الدعاوى أن يأملوا في الحصول على تعويضات، وذلك لأن وجود خليط من الأحكام والتقديرات من قبل بعض المحاكم يجعل من الصعب على أصحاب الدعاوى الحصول على تقييم موحد للفرص التي تحظى بها دعاويهم.

كما أنه لا تبدو في الأفق معالم نتيجة قانونية في أول قضية نموذجية في هذا الشأن. إضافة إلى ذلك لا تزال هناك وجهات نظر متباينة بشأن فترة التقادم لأي حقوق محتملة للمستهلكين، وكيفية تصنيف القضايا التي تنظر خارج ألمانيا.

تنظر المحكمة العليا بولاية سكسونيا السفلى، ومقرها مدينة براونشفايج، 444000 دعوى مصنفة في مجموعات. دعا رئيس المحكمة، ميشائيل نيف، بالفعل لتحقيق تسوية بين شركة فولكسفاجن، فولكسفاجن، والاتحاد الألماني لمراكز حماية المستهلك، وهو ما ترفضه الشركة رسميا حتى الآن معتبرة هذه التسوية «غير ممكنة» بسبب عدم إمكانية تسوية هذه الدعاوى بشكل فردي، ومن المنتظر أن يستمر الأمر عام 2020 أيضا. - وحيث إن بعض المحامين يرون أن بعض الدعاوى الجماعية لم تعد كبيرة بالحجم الكافي، فإنهم يحاولون الفوز ببعض الموكلين أصحاب الدعاوى الفردية، حيث بدأت أطراف خدمية ماهرة في الأعمال، توزيع بطاقات تعريفية على العملاء خلال أول جلسة في محكمة براونشفايج، وأثنت على «حوافز» لأصحاب الدعاوى الراغبين في تغيير محاميهم. وفي الوقت ذاته هناك عدد كبير من الدعاوى ينظر في المحاكم الابتدائية ومحاكم الولايات في جميع أنحاء ألمانيا.

أعلنت شركة فولكس واجن مع اقتراب العام الجديد عن وجود نحو 60 ألف دعوى معلقة على مستوى ألمانيا. وصدر حتى الآن 50 ألف حكم تقريبا. كان الكشف في سبتمبر عن التلاعب في برامج عوادم سيارات الديزل التي تنتجها الشركة إيذانا ببدء «ديزل جيت». شركة فولكس واجن هي شركة السيارات الوحيدة التي أقرت بارتكاب أخطاء فيما يتعلق بالسوق الأمريكية. أصبحت هذه الفضية تطال نحو 11 مليون سيارة من إنتاج الشركة.

وفقا لبيانات الشركة فإن أكثر من 210 أحكام صدرت على مستوى المحاكم العليا بالولايات، «أكثرها لصالح شركة فولكس واجن». لا تقضي المحاكم عادة بتعويضات واسعة أو سيارات جديدة لزبائن الشركة. ولكن هناك قضايا قرر فيها القضاة بسيارات جديدة للمتضررين. وهناك بعض القضايا أبدت الشركة فيها استعدادها لقبول حل وسط، وذلك إذا كان هناك احتمال لنقل القضية إلى درجة تقاضي أعلى. وتهدف الشركة من وراء ذلك لتفادي صدور قرارات مبدئية، قد تصبح مقياسا في قضايا أخرى. تم تصفية مثل هذه القضايا من خلال تسويات مع أصحاب الدعاوى.

ومع ذلك فقد نجح بعض المحامين في الوصول ببعض القضايا إلى المحاكمة الاتحادية، والتي من المقرر أن تنظر أولى هذه القضايا في 5 مايو المقبل. طلبت محكمة ولاية راينلاند بفالتس، بمدينة فرانكنتال، من محكمة العدل الأوروبية أن توافيها برؤيتها بشأن قضية تتعلق بشركة دايملر.

يذهب جزء كبير من تكاليف التقاضي التي تزيد عن 30 مليار يورو والتي اقتطعتها شركة فولكس واجن من أرباحها، أو أمَّنتها بمدخرات، إلى قضايا دولية، كان أكثرها في الولايات المتحدة، حيث توصلت الشركة إلى تسوية مع الحكومة والسلطات والزبائن والتجار في الولايات المتحدة، وذلك بعد أن اعترفت الشركة بأخطائها.

وفي كندا اشتكت الحكومة شركة فولكس واجن في شهر ديسمبر، بسبب انتهاكات بحق البيئة ومخالفات لقوانين الاستيراد، وحصل المستهلكون هناك على أكثر من ملياري دولار كندي (1.36 مليار يورو). وفي أستراليا قضت المحاكم بغرامات مالية قدرها 125 مليون دولار أسترالي (77.5 مليون يورو)، وذلك في إطار قضايا جماعية.

شارك نحو 100 ألف شخص في هولندا في دعوى قضائية ضد شركة فولكس واجن، وكذلك شركة أودي المملوكة لفولكس واجن. وهناك في بريطانيا أيضا دعوى جماعية تشمل نحو 100 ألف شخص. وفي النمسا انتهت قضية جماعية ضد الشركة بالرفض من قبل المحاكم، ولكن هناك قضايا أخرى تشمل 16500 دعوى، و620 قضية فردية.

وتقدمت المؤسسة السويسرية لحماية المستهلك عام 2017 بدعوى جماعية ضد شركة فولكس واجن، ولكن محكمة زيورخ التجارية رفضت الدعوى. وهناك قضية جماعية في اسبانيا تشمل 6000 سيارة من إنتاج الشركة.

كما تواجه شركة دايملر هي الأخرى اتهامات بالتلاعب في بيانات عوادمها، ويتركز الخلاف هنا على ما يعرف بالنوافذ الحرارية، والتي يسمح من خلالها بخفض درجة نقاء العوادم من أجل الحفاظ على أجزاء في المحرك.

وحيث إن هناك مساحات رمادية قانونية، فإن هناك من الزبائن من تقدم بدعوى ضد الشركة بهذا الشأن. وحسب بيانات الشركة فهناك حتى الآن 25 حكما صادرا عن محاكم عليا بالولايات، كان مجملها لصالح شركة دايملر، يضاف إليها 1046 رفضا لدعاوى قضائية على مستوى محاكم الولايات والمحاكم العليا بها، وهناك 65 حالة قضت فيها المحاكم لصالح الزبائن، ولكن الشركة تطعن على هذه الأحكام. ولا تذكر الشركة بيانات عن إجمالي عدد القضايا ضدها، ولكن من المرجح أن يبلغ عدد هذه القضايا بضعة آلاف.

هناك اختلاف في كثير من القضايا بشأن المدة التي يستطيع فيها الزبائن الاستمرار في المطالبة بتعويضات، وهناك من يقول إن القضايا التي حركت في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2017 ضد محرك EA 189 الذي من إنتاج شركة فولكس واجن ربما تعرضت للتقادم، في حين أن بعض المحاكم تعتبر أن التقادم ينسحب على القضايا التي رفعت أواخر عام 2018 أو حتى عام 2019.

واتهم نشطاء حماية المستهلك شركة فولكس واجن بأنها تتعمد إطالة أمد التقاضي عند نظر دعاوى جماعية لخفض القيمة المتبقية للسيارات التي غالبا ما تصبح قديمة بعد مرور مدة التقاضي.

من غير المستبعد أن تمتد معالجة فضيحة عوادم الديزل عدة سنوات في محاكم العديد من الولايات الألمانية.

كما أن هذه القضية تظل شائكة على الصعيد السياسي أيضا. فهل تنتهج وزارة النقل والمواصلات في ألمانيا سياسة تدليل إزاء شركات صناعة السيارات؟ تؤكد القرارات التي صدرت لكل من شركة دايملر و شركة فولكس واجن وشركة أودي، العام الماضي، باستدعاء سياراتها، أن الهيئة الألمانية لشؤون المركبات، تشدد رقابتها على قطاع صناعة السيارات.