مرايا

الفنان أسعد رشدان: الدراما لعبة تجسد واقعا وتحث الفرد على إحـداث تغييــــر مستمــر فــــي المجتمــــع

25 ديسمبر 2019
25 ديسمبر 2019

يرغب في لعب دور المحقق الخاص والمحامي -

حاورته- ضحى عبدالرؤوف المل -

عاصر الفنان» اسعد رشدان» المراحل الدرامية بهمة لم تعرف الفتور إلا في فترات عاش فيها خارج لبنان بسبب الحروب، ليكمل مسيرته الألماسية مع الجيل الجديد، وبميزة التزم بها وهي الوقار الدرامي أو بمعنى آخر منح الأدوار قدرة الجمع بين الكلاسيكية والحداثة، وما تتطلبه هذه المرحلة أي مرحلة العودة من تقنيات استطاع تطويرها تعبيريا ليكون بمثابة الملتزم بنهج بدأ به واستكمل مسيرته بعد انقطاع وعودة. ومع الفنان اسعد رشدان أجرينا هذا الحوار:

رحلة جديدة درامية في لبنان بعد غياب طويل كيف تصفها؟

رحلة ممتعة، قوامها: تكنولوجيا إيصال الصوت والصورة إلى كل الناس. وكذلك الإنتاج الاحترافي الذي يؤمّن حق العاملين في هذا المجال جميعهم بمن فيهم الممثّل. وأيضا اتساع أفق المنافسة الحقيقية التي تنشد الأفضل، نظرا لتعدد القنوات التلفزيونية وبالتالي تعدد شركات الإنتاج، بعد أن كانت قبل هجرتي محصورة جداً.

  • ناشط دراميا مع جيل جديد، هل تنتمي له رغم الفروقات الكبيرة دراميا بين الكلاسيكي والمعاصر؟

    الدراما المعاصرة هي دراما كلاسيكية مع اختلاف الأسلوب فقط، أي أسلوب المعالجة، إن على مستوى النص، أو على المستوى التقني، وبالتالي الجيل الجديد هو استمرار للجيل الذي سبقه، والتواصل بين الجيلين تحت سقف الثقافة، والرغبة في مواكبة العصر، هو تواصل طبيعي يكمّل بعضه بعضاً، وبالتالي الكل ينتمي للكل.

ماذا أضافت لك أدوارك الدرامية مع كارين رزق الله؟

الذي ميّز نصوص كارين الأخيرة، والتي عملت معها فيها، هو أنها حاكت معاناة اليوم، انطلاقاً من معاناة الأمس، والذي نشهده اليوم من حراك شعبي عارم، ما هو إلا برهان أكيد على ما أقول، ولا شك أبداً، بأنه كان أحد مداميك الثورة العارمة، انتفاضاً على الوقائع التي وصّفَتها كارين رزق الله، وأضافت إليها صرخة الألم النابعة من جروح عميقة عانت وعانينا منها معها، فأتت صادقة وحقيقية لا لبس فيها.

حنين الماضي والحاضر هل جمعك مع فنانين كنت معهم أيام الدراما اللبنانية الماسية ؟

حتماً، لأنّ المعاناة واحدة وهي لم تتوقّف مع مرور الزمن. فرغم ابتعادي طويلاً عن الأزمات، عدت بالقلق ذاته، على وطن أحببته، ولدت وترعرعت فيه، وأمضيت فيه أجمل سنيّ عمري. فكيف بالذين عاشوا تلك الأزمات، دون أن تسمح لهم الظروف بالخروج منها ولو لالتقاط الأنفاس؟ نستذكر الماضي الجميل، نعيش الحاضر التعيس، ونحلم سوياً بغدٍ مشرق ولو أنه بعيد المنال.

البطولات المشتركة مع العراق ومصر وسوريا والأردن ألا تظن أننا بحاجة إليها حاليا؟

التواصل بين الشعوب والحضارات، هو حاجة دائمة طالما أننا نعيش في صحن واحد وناكل من صحن واحد. عند الاختلاط، نجدنا شعبا واحدا لا تفصلنا سوى اللكنات اللغوية. لا اختلاف إلا في السياسة كما هي الحال بين أطياف البلد الواحد. فالسوري او المصري أو العراقي أو الأردني أو الخليجي، قد يكون الأقرب إلي، على المستوى الإنساني والفكري والأخلاقي والفني، أكثر منه من اللبناني الذي لا يتمتع بهذه الصفات. ولي بين أولئك، صداقات تفوق بعمقها ورقيّها صداقاتي اللبنانية التقليدية.

الفنان اسعد رشدان لمن يفتقد دراميا؟

أفتقد للجيل الذي سبقني والذي كان مرشدي ومثلي الأعلى أثناء مسيرتي الطويلة نسبياً. ولو دخلنا في التسميات، فإني افتقد لإيلي ضاهر وفيليب عقيقي وعليا نمري وليلى كرم وليلى حكيم ونبيه ابو الحسن وجلال خوري وريمون جبارة واندريه جدعون ومنصور الرحباني وسلوى القطريب وفؤاد عواد ونزيه قطان وسليمان الباشا ويوسف ابو ملهب وكمال الحلو وإسماعيل نعنوع وإلياس رزق والياس الياس وصباح ووسيم طبارة وملحم بركات وفيليمون وهبه ونقولا فهد ورضوان حمزة والبير كيلو وهند ابي اللمع وانطوان ريمي وشربل كامل ونبيل كرم وابو عصام ومحمد الكبي وعبد الكريم عمر وعوني المصري ومحمود سعيد وايلي صنيفر وابراهيم مرعشلي ولكل من سبقنا على هذه الدرب، وقد يكون سها عن بالي... وأطال الله بعمر من لا يزال بيننا، لكنه الآن بعيد بحكم الظروف الصحية والحياتية. فقد كانت لي تجارب متعددة مع جميعهم دون استثناء.

عودة درامية بعد وجودك لفترة طويلة في أمريكا، هل من رؤية أوسع للدراما وتطويرها عبر جيل جديد تطمح له؟

ما أراه اليوم، أن معظم فناني الجيل الجديد، اتكاليون، يفتقرون إلى الرغبة في توسيع وتعميق المعرفة، إن على الصعيد الثقافي او على الصعيد العملي. تجدهم يشبهون بعضهم بعضاً باستثناء الاسم، ينطلقون مع رغبة جامحة في اكتساب المعرفة، وسرعان ما يقعون في المحظور. في حين أن جيلنا ما زال يتابع في التعلّم كل يوم من تجربته وتجارب الآخرين. المطلوب من معظم فناني الجيل الجديد، القليل من التواضع والانضباط واحترام قواعد وشروط اللعبة. أقول معظمهم لان التعميم لا يجوز، ولا شك في ان هناك العديد من الذين يتمتعون بهذه المزايا الضرورية لنجاحهم على المستويين الفني والمهني، وهنالك العديد من الناجحين، والأمل يبقى بالوصول إلى النسبة القصوى من هؤلاء، وليس المطلوب أكثر من ذلك، فالنصوص متطوّرة وكذلك التقنيات.

شخصية لم يتقمصها اسعد رشدان وما زال ينتظرها من هي؟

لعبت أدوار البطولة في العديد من المسلسلات، وحرمتني الهجرة من فرص أكبر خاصة مع التطور الذي سبق وذكرته، لكني أقر بأني جسدت معظم الشخصيات التي حلمت بها، من شخصيات تاريخية وشخصيات مركبة صعبة، شخصية الابن وكذلك الأب، شخصية الرجل الطيب والرجل القاسي والسيئ، الحنون والشرير، المتلوّن بين الجيد والسيئ.

ما زلت أرغب في لعب دور المحقق الخاص في مسلسل بوليسي ودور محامٍ يرافع في محكمة، لما لهذا الدور من قدرة إقناع تجسد قدرة الممثل وجودته. وكم نحن بحاجة الى هذا النوع من المسلسلات التي تضيء على دور العدل والعدالة.

كلمة عن الدراما بشكل عام وما تمثله للفنان أسعد رشدان؟

الدراما بنظري هي لعبة تجسد واقعاً، نستعملها لننقل بواسطتها رؤيتنا لواقع مجتمعيّ نراه مثاليا نسبياً. فعلى الدراما بشكلها التسلويّ أن تضيف إلى ثقافة الفرد وخبرته وقدرته على التفاعل في مجتمعه، نظرة فاعلة تؤثر بشكل غير مباشر على تصرفاته حيال الإنسان والحيوان والطبيعة، وتحثه بالتالي على إحداث التغيير المستمر نحو الأفضل في هذا المجتمع.

باختصار، فلننظر الى الدراما الأجنبية لنرى الفرق، فنتعلّم.