yesra
yesra
أعمدة

ربمـــا: تعبت أحبك

25 ديسمبر 2019
25 ديسمبر 2019

د. يسرية آل جميل -

مدخل:

لهـفة البدايات ليست دائماً حُب.

في مرحلة معينة من الحياة

وفي أي علاقة تكون أنت فيها الطرف الوحيد

الوحيد الذي يعطي

الوحيد الذي يغفر ويسامح

الوحيد الذي يضحي دون مقابل

في مرحلةٍ ما من الحياة

حين تفقد القدرة على كل شيء

بعد أن تتعب كثيراً

تتحمل كثيراً

وتتغير كثيراً جداً

وبعد أن تلوّي الدنيا قلبك

وتكشف نقاط ضعفك

وتعطك دروساً

تفوق كل الدروس التي تعلمتها

وكل الأشياء التي فقدتها

وتجعلك تندم على كل شيء

جعلتك تُلغي حُلماً

وتتقبل واقعاً

لا تهتم بأحد

ولا تبكي على فراق أحد

تعيش.. بداخلك شخص لا يشبهك

مليء بالعبث والفوضى

يبحث عن الاحتواء

بعد أن مارسوا على قلبك

أبشع الجرائم البشرية

من سفكٍ وغدرٍ وقتل وإرهاب.

وصلت إلى التبلّد

لم أعد كما كنت في السابق

لا أنتظر مجيء أحد

ولا اتصال من أحد

ولا رسالة تصل هاتفي آخر الليل من أحد

ولا حتى كلمة حسنة من أي أحد

ما عاد قلبي يفز لأحد

لا غيابهم بات يُتعب

ولا حضورهم يُهم

ما عدت أبحث عن الأرواح التي تشبهني

أو القلوب التي تشبه قلبي

توقفت عن محادثة الأشخاص

الذين اعتدت عليهم

أو التمسك بشيءٍ لي رغبةٌ فيه

حتى لو كانت الفرصة موجودة

(النفس إذا طابت.. تقلل عتبها)

ولا أدري ما يعني هذا؟

هل يعني أني أنهيت حياتي

قبل أن تنتهي بي الحياة؟

يتملّكني إحساسٌ مُفاجئ بالحُزن

فلا البقاء يُريح

ولا الرحيل يُجبر انكسار القلب

وأنا أخشى أن أقرر الرحيل

فالمرأة المخلصة إذا رحلت

قد تعود!

لكنها ستعود امرأة أخرى

لا علاقة لها بالمرأة السابقة أبداً.

تعبتُ من هذا الحُب

الذي سلّمته كل مفاتيح الحياة

الذي بسطتُ له قلبي

ومهدّت له كُل الطُرق إلى روما

ولا يأتي

تعبت يا ربي من هذا الفراق

الذي - والله - ليس بهيّن

الذي يشبه نزيفاً داخلياً

لا يشعر به أحداً من حولك

حتى ترحل بهدوء.. دون ضجيج

كنت أعتقد أن البعيد عن العين

ليس بعيداً عن القلب

(هذا أنت غايب.. وأنا ميّت لشوفك)

لكن الأفعال تُثبت ذاك

البعيد عن العين بعيد عن كل شيء

عن العين.. والقلب.. والعاطفة والشعور

وتبدأ المعاناة

وستعتاد الغياب.. فلا تجزع

سيأكل الحزن أطراف قلبك أول الأيام

ستصحو وتنام على صدى صوته

وأشباه صورته

على رائحة عطره

ودخّان سجائره

ثم تصبح الأمور بخير

ستمر أزمات الشوق

ونوبات الحنين بسلام

وستعيش بدونهم

بنصف قلب.. نصف نبض

نصف إحساس

حزينا.. سعيداً.. لا يهم

لم أسمع بأن أحدهم

تعافى كلياً من صدمة القلب

( كُلّه بيعدّي)

وكّله سيمر

وتبقى الذكريات

تضحك معها حيناً

وتبكي أحياناً أكثر

كلّما حلّ عليك الشتاء وحيداً

في ركنك المحجوز

بذلك المقهى الباريسي القديم

مع فنجان قهوتك

تحت زخات مطر من سحابة عابرة

وصوت الماجد يغني لك

( وحشتيني..)

  • إليه حيثما كان:

    نَحْنُ.. نَحِّن!