Abdullah
Abdullah
أعمدة

رماد: الخط الأخضر

25 ديسمبر 2019
25 ديسمبر 2019

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

تعودنا على سماع التحذيرات من الاقتراب من فعل أو قول يعد الاقتراب منه خطر أو يشكل ضررا أو تعديا على الآخرين وحقوقهم أو ذواتهم بما يعرف بالخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها، وهي مبنية على واقع حياة يرسم خريطتها قانون أو عُرف أو حتى الإنسان ذاته حينما يضع له خطوطا حمراء لا يسمع للبعض من تعديها أو الاقتراب منها.

وعليه فإن فعل أو قول يتعدى ذلك الخط الأحمر يستحق صاحبه عقوبة أيًّا كان نوعها أو شكلها أو حتى مضمونها، لذا فالاقتراب أو تجاوز ذلك الخط الأحمر له هاجس عند الكثيرين منا، ونسعى إلى تلمس أي خط أحمر لأي كيان كان وتحت أي ظرف أو مكان وحتى زمان.

ولكن ماذا عن الأفعال أو الأقوال التي يجب الاقتراب منها وتجاوزها، ماذا يمكن أن نسميها، وهل هي واجبة الاقتراب أو التجاوز على النقيض تماما من الخطوط الحمراء؟، ماذا إن أطلقنا عليها خطوطا خضراء، تشغل تفكيرنا في حياة من هم حولنا أو معنيين بهم أو بحياتهم، بما يحقق لهم الحياة واستقرارها وأيضا يَسعدون بالاقتراب من خطوطهم الخضراء، التي هي تعد واجبا من واجباتنا تجاههم، هل نحن متأخرون عن الاقتراب منها أو ملامستها؟ أعتقد أن الإجابة هي نعم لو أمعنا النظر قليلا فيها.

الخط الأخضر لأي كيان لنا صلة به بأي رابطة كانت، في كثير من الأحيان لا نقترب منه، ولا نتجاوزه، مع أننا نعلم يقينا بأنه خط أخضر، مسموح لنا تجاوزه، فكم نحن مقصرون لاهون في حياتنا، متناسين ذلك الكيان وواجباتنا تجاهه.

وإذا ما أخذنا مساراتنا في التجاوز والاقتراب من الخطين الأحمر والأخضر، لنجد أننا أقرب ما نكون للخط الأحمر لحياة من هم حولنا، أهملنا بذلك الخط الأخضر الذي هو أحق بالاقتراب والتجاوز، لنعلم الأثر الذي يخلفه هذا التناقض بين الخطين، والنتائج التي هي الأخرى تؤثر علينا حينما نتجاوز الخطوط الحمراء، ونبتعد عن الخطوط الخضراء.

وتعظم المصيبة عند البعض عندما لا يفرقون بين الخط الأحمر والخط الأخضر في تعاملهم أو أقوالهم في الحياة، فينتج عن ذلك تخبط وازدواجية كما نراها اليوم ومثال عليها حرية الرأي، الحرية الشخصية، تركنا المسموح قوله وفعله، واستبدلناه بغير المسموح قوله أو فعله، ولو قسنا هذا الخلط بين الخطين الأحمر والأخضر لوجدنا الكثير، فإلى أي مسار في النهاية نحن ماضون؟