Ahmed
Ahmed
أعمدة

نوافذ: إلى أين تأخذنا الطرقات؟

24 ديسمبر 2019
24 ديسمبر 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

نشر أحدهم صورة بها تقاطعات معقدة من الطرق التي تعبرها المركبات، شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، علوا ونزولا، وكتب عليها التعليق الذي اتخذه عنوانا لهذه المناقشة «إلى أين تأخذنا الطرقات» ولأننا محكومون بقدرية القضاء والقدر «مسيرون» من جانب، كما ترك لها مساحة معقولة لنقرر من خلالها انطلاقاتنا المختلفة «مخيرون» من جانب آخر، فإننا نستطيع إلى حد بعيد أن نوجه بوصلة اتجاهاتنا المختلفة، وفق معطيات كثيرة تتسع كلما قطعنا شوطا كبيرا في تجربة الحياة، وتراكم العمر، ورصيد المعرفة، فإلزامية التوجه والتوجيه، في هذه الحالة، ليست مطلقة، وإنما نسبية الأخذ والرفض، وبالتالي فالسؤال أعلاه هو فلسفي بالدرجة الأولى، ولا يجاب عليه بسهولة الرد (نعم/‏‏ لا) ولكن بالغوص العميق لما يتوافق مع فلسفة الحياة ذاتها التي نعيشها، والتي تتوازى فيها حالتي السلب والإيجاب، فليس هناك حالة مطلقة للسلب، وليس هناك حلة مطلقة للإيجاب، وكل منا مرهون عمله بما ينجزه في مساحة السلبية أو الإيجابية، حيث تحتل نسبية التحقق في كلا الحالتين، المكانة الأكثر بناء على جهد الشخص نفسه، ومجموعة الظروف المحيطة به، وقدرته على توظيفها التوظيف الذي يراه مناسبا.

ووفقا لهذه الصورة أعلاه يختلف الناس في مستوى المكسب، أو الخسارة من هذه الحياة، فهناك أناس يكسبون كثيرا، لأنهم يعون، مسبقا، أي الطرق يمكن أن توصلهم إلى غاياتهم البعيدة، وآخرون لا يكسبون كثيرا، لأنهم قد يكونون مترددين كثيرا في أي الطرق التي يمكن أن توصلهم إلى غاياتهم البعيدة، وعندما يخذلهم الاجتهاد يقولون: «عاندنا الحظ» أو «لسنا محظوظين» مع أن المساحة المشرعة لكلا الطرفين تصل إلى ما نسبته (80%) لهم خيار الاشتغال فيها، وفقط (20%) هي ما هم ملزمون بالتقيد بها، وبالتالي فمن يملك هذه المساحة الكبيرة والشاسعة الـ (80%) ولا يستطيع أن ينجز منها أو فيها الشيء الكثير، فإنه بالفعل ينطبق عليه التساؤل أعلاه «إلى أين تأخذنا الطرقات»؟

أتصور، من وجهة نظر شخصية؛ أن الحالة الفردية - في مظانها الخاصة - تظل خسائرها بسيطة، إن هي تشابكت معها مسارات الطرق، مقارنة بالخسارة العامة، وهنا نذهب إلى المجتمع بكل مكوناته، فعالم اليوم لا يقف كثيرا مع التنظير، وإنما يذهب سريعا إلى لغة الأرقام، وهذه اللغة هي الوحيدة المجردة من العواطف، والتنظيرات، حيث تقف على الجرح مباشرة، وتعطي الرؤية واضحة لا تحتاج إلى كثير من التأويل والتخمين، والمجادلات، فـ (1+1 = 2) لا أكثر ولا أقل، وبالتالي متى بنيت نظريات العمل وفق هذه القاعدة المعتمدة على لغة الأرقام، أصبح؛ في المقابل؛ أن كل مسارات الطرق واضحة، وإن تعقدت، والوصول إلى المبتغي يسيرا؛ وإن طال المسافة، ويبقى من يتلكأ عن الأخذ بهذه القاعدة الرقمية الحازمة، يضيع العمر والجهد، وعليه أن يتحمل نتائج ما سوف تؤول إليه مختلف الاشتغالات في المساحة المتاحة له للعمل والإنجاز.

«إلى أين تأخذنا الطرقات؟» .. صورة مربكة للمشهد العام، من أول نظرة، ولكن مع مزيد من التروي، وإعادة التفكير، يمكن السيطرة على هذا الشعور المخيف الذي تعكسه تشابكات هذه الطرق المعقدة عبر مساراتها المختلفة، فلا تخذلكم المعرفة في إعادة تحديد البوصلة، خاصة أن خدمة المعلم «جوجل» يظل الاستفادة منها من أبسط ما يكون، فقط حدد الموقع الذي تريد الوصول إليه، عبر الخارطة المتاحة أمامك، وما هي إلا دقائق معدودة، وتكون وجهتك التي تريد، سواء على يمين الطريق أو على يساره، المهم، هنا، أن تكون لديك معرفة، ولو يسيرة، بقراءة خارطة الطريق الذي تتشابك معه طرقا متشعبة كثيرة، تأخذك نحو اليمين، أو نحو الشمال، والحمد لله على سلامة الموصول.