الاقتصادية

مقاولون ومختصون يحذرون من خطورة المواد الرديئة المستخدمة في عمليات البناء

21 ديسمبر 2019
21 ديسمبر 2019

تهدد الاستثمار في النشاط العقاري -

صلاح الخنبشي: إقامة حملات توعوية وتثقيفية حول اختيار مواد البناء والتعريف بالآثار السلبية -

مبارك الحضرمي: على الاستشاريين متابعة مراحل البناء أولا بأول وعدم التهاون مع المخالفين -

«عمان»: حذر عدد من المقاولين والمختصين من خطورة مواد البناء الرديئة وغير المطابقة للمواصفات القياسية والتي قد تكون سببا في تشقق الأبنية مؤكدين بأن هذه المواد تكون عاملا من العوامل التي تهدد الاستثمار في النشاط العقاري مطالبين الجهات المختصة بضرورة تكثيف الرقابة لشركات تصنيع الإسمنت المحلية وكذلك متابعة ومراقبة مختلف محلات بيع مواد البناء التي تقوم بعمليات البيع بصورة عشوائية والتي يكثر فيها الغش.

أكدوا على أن المستهلك يعتبر نقطة تحول في القضاء على مشكلة الغش التجاري في مواد البناء المختلفة وذلك من خلال اختيار النوعيات ذات المواصفات القياسية المطابقة.

وأشارت وزارة التجارة والصناعة إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد انتشار ظاهرة تصدع المباني سواء الحكومية أو منازل المواطنين والتي لم يمض على بنائها سوى بضع سنين.

وأوضح المهندس ناصر بن عبدالله العبادي المدير التنفيذي في شركة إعمار للاستشارات الهندسية بأن هناك أنواعا عديدة من الإسمنت بتركيبات وخصائص مختلفة وتختلف استخداماته حسب طبيعة المنشأة المستخدم بها.

وقال العبادي: بالنسبة للمباني فإن النوع السائد هو الإسمنت البورتلاندي العادي والذي يستخدم في الأعمال الإنشائية فوق سطح الأرض كالخرسانة المسلحة والعادية وأعمال البياض (البلاستر) وغيرها. أما الإسمنت المقاوم للكبريتات والأملاح فيستخدم في الأجزاء الخرسانية المدفونة تحت سطح الأرض كالأساسات والجدران الساندة وكذلك في المباني الإنشائية المعرضة للمياه والأملاح. وحديثا هنالك منتج جديد وهو الإسمنت الخاص بأعمال البياض (البلاستر) والذي يجب استخدامه في أعمال البياض فقط.

وأضاف ناصر العبادي: كمكتب استشارات هندسية نحرص على استخدام المنتج الوطني العماني ونشترط على مقاولي المشاريع التي نشرف على تنفيذها استخدام الإسمنت المحلي (عمان أو ريسوت) كون أن مواصفاته معتمدة من قبل الجهات المختصة، كما نتأكد من استخدام النوع الصحيح والمناسب من الإسمنت بكل مرحلة من مراحل المبنى، مشيرا إلى أن المواصفات المعمول بها والمتعارف عليها في السلطنة لأعمال التشييد والمواد المستخدمة بها هي المواصفات العمانية والخليجية والبريطانية والأمريكية، وحسب علمي هنالك مواصفات عمانية لكل أنواع للأسمنت.

إيجاد آلية

وأكد المهندس ناصر العبادي بأنه من أجل ضبط جودة وتنظيم هذا القطاع يتطلب من وزارة التجارة والصناعة إيجاد آلية بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى والمؤسسات المهنية (كجمعية المهندسين العمانية) لمراقبة أنواع الإسمنت المستوردة وفحصها للتأكد من مطابقتها للمواصفات العمانية، ووضع آلية لمراقبة مصانع الخرسانة الجاهزة بالسلطنة للتأكد من التزامها باستخدام الإسمنت وفق المواصفات القياسية العمانية.

كما أشار إلى أن هنالك مسؤولية مهنية وقانونية تقع على عاتق المكاتب الاستشارية للتأكد من مواصفات ومنشأ المواد (ومنها الإسمنت) المستخدمة في تشييد المشاريع المنفذة تحت إشرافهم، وإجراء الفحوصات والاختبارات اللازمة على الخرسانة الجاهزة (ردي مكس) أثناء صبها بالموقع وأخذ عينات منها على شكل مكعبات لفحصها بالمختبرات المتخصصة حسب المواصفات المحلية والعالمية المعتمدة.

وأكد المدير التنفيذي في شركة إعمار للاستشارات الهندسية أن تكاتف الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية من جهات حكومية ومؤسسات مهنية ومكاتب استشارية ومقاولين ومصنعين وموردين من أجل المحافظة على جودة ومواصفات المواد المستخدمة في البناء بلا شك سيكون له الدور الفعال في تفادي العيوب والأضرار التي تتسبب فيها هذه المواد غير المطابقة للمواصفات المعتمدة بالمنشآت.

من جانبه طالب صلاح بن عبدالله الخنبشي مقاول بناء منازل بعمل اختبارات دورية داخل المصنع وكذلك في مواقع البناء مؤكدا القيام بعمل اختبارات لأي شحنة إسمنت تدخل السلطنة وذلك للتعرف على نسب المواد الداخلة في صناعة الإسمنت.

وقال الخنبشي: إن الأضرار التي يسببها الإسمنت الأقل جودة قصر العمر الافتراضي للمشروع حيث ستظهر العيوب في المبنى أو المشروع في فترة وجيزة من انتهاء الأعمال والمتمثلة في ظهور التشققات وعدم تماسك الجدران ، مؤكدا بأن هذه التشققات التي تظهر في المباني السكنية تكون أحد العوامل السلبية للقطاع العقاري وذلك من ناحية تدني القيمة السوقية للمشروع العقاري.

اختيار المقاول

وأضاف الخنبشي: على مالك المشروع اختيار المقاول الكفء والذي يملك الأيدي العمالة الماهرة التي تكون تحت مسؤوليته ومتابعة للعمل أولا بأول ،أما بالنسبة للمقاول فعليه أن يختار الأيدي العاملة الماهرة وأن يقوم بشراء الإسمنت من محلات مواد البناء المعترف بها لدى جهات الاختصاص وعدم استيراد الإسمنت من الخارج إلا بعد التأكد من أن هذا الإسمنت متوافق مع المواصفات القياسية المعتمدة في البلد.

ودعا صلاح الخنبشي الجهات المختصة إلى تكثيف الرقابة للمحلات المتخصصة في بيع مواد البناء وشركات الإسمنت وكذلك فتح المجال وتسهيل إجراءات الاستثمار للشباب العُماني بفتح محاجر تعدينية التي تعيين على إنشاء مصانع الإسمنت داخل السلطنة ولتغطية النقص الحاصل في كمية الإسمنت المحلي الموجود بالسوق. مناشدا الجهات المختصة بمراقبة جودة المواد المنتجة من محاجر مواد البناء (الكسارات) كالرمل والكنكري واللذين يعتبران عاملين رئيسيين لجودة البناء، حيث إن بعض الشركات التي تدير المحاجر تقوم بخلط المواد الجيدة منهما مع المواد الرديئة وذلك لتسويقهما بأبخس الأثمان سواء لمصانع الطابوق والخرسانة الجاهزة أو للمستهلك مباشرة.

نقطة تحول

وأكد الخنبشي أن المستهلك يعتبر نقطة تحول في القضاء على مشكلة الغش التجاري في مواد البناء المختلفة وذلك من خلال اختيار النوعيات ذات المواصفات القياسية المطابقة مطلبا الجهات المعنية الحكومية والخاصة إقامة حملات توعوية وتثقيفية حول اختيار مواد البناء المطابقة للمواصفات القياسية والآثار السلبية التي تسببها المواد الرديئة وذلك في مختلف المحافظات، مطالبا بأهمية أن يكون الشراء من أماكن معتمدة وفرض الرقابة الشديدة من قبل الجهات ذات الاختصاص وتشديد العقوبات للمخالفين. وناشد صلاح الخنبشي الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين وذلك من خلال تتبع مصدر الإسمنت إن كان من داخل السلطنة فيجب إيقاف صاحب الترخيص عن مزاولة العمل وإحالته إلى الجهات المختصة لاتخاذ اللازم، أما إذا كان مصدر الإسمنت من الخارج فيجب وقف التوريد من تلك الدولة وإحالة المورد للجهات المعنية.

من ناحيته يقول مبارك بن حمدان الحضرمي مقاول بناء: هناك العديد من محلات بيع مواد البناء تقوم ببيع أنواع مختلفة من المواد الرديئة والتي تكون سبب من أسباب التأثير الذي يحصل على المباني من التصدعات والتي تشكل خطرا كبيرا لحياة قاطنيها، مشيرا إلى أن الإسمنت الأقل جودة يتسبب في أضرار كبيرة على البناء وذلك من خلال التصدعات في جدار المبنى وتآكل الحديد والخرسانات الإسمنتية وبالتالي تكون هناك أضرار كبيرة على البناء، كما أن الإسمنت الأقل جودة يكون سببا من الأسباب التي تؤثر على الاقتصاد في البلد من خلال الإقبال الضعيف على النشاط العقاري.

وناشد الحضرمي الاستشاريين والمقاولين الإخلاص في عمليات متابعة أعمال البناء أولا بأول وعدم التهاون مع المخالفين واتخاذ الإجراءات المناسبة لردعهم وذلك لعدم تكرار المخالفات.

سن قوانين

بدوره دعا حمود بن علي الحاتمي مقاول بناء الجهات الحكومية المعنية إلى وضع إجراءات وقوانين مشددة ضد التجار والشركات الذين يقومون باستيراد مواد البناء والأدوات الكهربائية الرديئة وكذلك الإسمنت قليل الجودة وسن قوانين تحمي المستهلك الذي يتضرر من جراء نوعيات الإسمنت، مناشدا الراغبين في البناء عدم استيراد الإسمنت ذي السعر الرخيص والتأكد من الجهات المعنية من نوعيات الإسمنت قبل البدء في الشروع في عمليات البناء واستخدام الإسمنت المحلي الذي يتميز بالمواصفات القياسية المعمول بها في السلطنة.

ووجه الحاتمي الدعوة إلى الجهات المعنية بتسهيل الإجراءات لفتح مصانع الإسمنت في مختلف المحافظات وتقديم الدعم للمنتج الوطني، مشيرا إلى أن هناك الكثير من أصحاب المنازل يقومون بشراء مواد بناء مختلفة مقلدة من إسمنت ومواد كهربائية وتوصيلات المياه من بعض الدول وذلك لرخص أسعارها ولم ينظروا إلى أن هذه المواد ليست أصلية وهي تقليد ويتم بيعها بأسعار رخيصة عن أسعارها الأصلية، كما أن هناك صنفا آخر من هذه المواد وهي متدنية الجودة وتباع بأسعار رخيصة جدا وتكون هذه النوعيات من المواد من الأسباب الرئيسية في التشققات والحرائق.

التلاعب بالمواصفات

أما سعيد بن صالح الصلتي مقاول فقال: هناك عدد من المقاولين يقومون ببناء وحدات سكنية وبيعها حيث يتم في أعمال البناء استخدام نوعيات من الإسمنت والحديد والتركيبات الكهربائية وتركيبات توصيل المياه ذات الجودة الرخيصة وغير مطابقة للمواصفات القياسية وخلال فترة بسيطة من جراء هذه النوعيات تبدأ ظهور التشققات في المنازل حيث إن هذا بدوره يساهم في العزوف عن الشراء تلك الوحدات السكنية كما يكون له تأثيرات سلبية للقطاع العقاري.

وأضاف الصلتي: على المقاولين مراعاة الأمانة خلال ممارسة هذا النشاط والحرص على استخدام المواد الجيدة في البناء كما أنه على الراغبين في البناء التعرف على نوعيات المواد الجيدة قبل الشراء والتركيز على المنتج المحلي، داعيا الجهات المختصة للقيام بزيارات دورية لمحلات بيع مواد البناء، كما أن اتخاذ الإجراءات والقوانين ضد المخالفين يساهم بشكل كبير في تراجع عمليات الغش.