1400058
1400058
العرب والعالم

إحالة ترامب للمحاكمة أمام «الشيوخ» والجمهوريون يعتزمون تبرئته

19 ديسمبر 2019
19 ديسمبر 2019

بوتين: إجراءات العزل بنيت على اتهامات «مختلقة» -

واشنطن-موسكو-(أ ف ب): أحال مجلس النواب الأمريكي الرئيس دونالد ترامب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمتي استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس، ليصبح بذلك ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه إجراءً رسمياً لعزله.

وسارع الرئيس الجمهوري (73 عاماً) إلى التنديد بالتصويت التاريخي الذي جرى ضدّه في مجلس النواب، متهّماً خصومه الديمقراطيين الذين يسيطرون على المجلس بأنّهم مدفوعون بـ»الحسد والحقد والغضب» و«يحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأمريكيين» الذين انتخبوه رئيساً في 2016.

وبأغلبية 230 صوتاً مقابل 197 وامتناع نائب واحد عن التصويت، وافق مجلس النواب الليلة قبل المناضية الذي يهيمن عليه الديمقراطيون على توجيه تهمة استغلال السلطة إلى الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة.

وبعدها بدقائق وجّه المجلس إلى ترامب تهمة ثانية هي عرقلة عمل الكونجرس والتي أقرّت بأغلبية 229 صوتاً مقابل 198 وامتناع نائب واحد عن التصويت.

وبموافقة مجلس النواب على هذا القرار الاتّهامي انتقلت القضية إلى مجلس الشيوخ الذي سيباشر محاكمة ترامب في يناير على الأرجح.

غير أنّه خلافاً لمجلس النواب فإنّ مجلس الشيوخ يهيمن عليه الجمهوريون بأغلبية 53 سناتوراً مقابل 47 وقد سبق لهؤلاء أن أكّدوا أنّهم يعتزمون تبرئة ترامب من هاتين التهمتين.

لكن مع ذلك يبقى التصويت الذي حصل في مجلس النواب الأربعاء تاريخياً، إذ إنّه في تاريخ الولايات المتحدة بأسره لم يُحلْ إلاّ رئيسين للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ، هما آندرو جونسون في 1868 وبيل كلينتون في 1998، وقد برّئ كلاهما في مجلس الشيوخ.

أما ريتشارد نيكسون، فاستقال في 1974 قبل أن يصوّت مجلس النواب على إحالته إلى المحاكمة على خلفية فضيحة ووترجيت.

و علق على القرار ونشر على تويتر صورة له بالأسود والأبيض مشيرا بأصبعه وكتب تحتها «في الحقيقة هم لا يطاردونني (.) إنهم يطاردونكم (.) أنا فقط عقبة في الطريق».

وللمفارقة فإنّه في الوقت الذي كان مجلس النواب يصوّت فيه على اتهام ترامب كان الملياردير الجمهوري يلقي على بعد ألف كيلومتر من واشنطن خطاباً أمام حشد من أنصاره في تجمّع انتخابي في مدينة باتل كريك بولاية ميشيجان.

وسارع ترامب إلى التنديد بقرار مجلس النواب قائلاً «بينما نحن نخلق الوظائف ونقاتل من أجل ميشيجان، فإنّ اليسار الراديكالي في الكونجرس ينهشه الحسد والحقد والغضب، وأنتم ترون ما يجري الآن».

وأضاف أنّ «الديمقراطيين يحاولون إبطال تصويت عشرات ملايين الأمريكيين» الذين انتخبوه رئيساً في 2016، متّهماً خصومه بأنّهم أقدموا لتوّهم على عملية «انتحار سياسي».

وأتى القرار التاريخي لمجلس النواب قبل أقلّ من عام من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2020 والتي يعتزم ترامب خوضها للفوز بولاية ثانية.

وباستثناء عدد ضئيل للغاية فقد صوّت معظم النواب الديموقراطيين لصالح القرار الاتهامي ومعظم النواب الجمهوريين ضدّه، في حين شهدت الجلسة التي جرى في نهايتها التصويت واستمرت ساعات طويلة تبادل اتهامات بين الحزبين.

ونددت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني جريشام بتصويت مجلس النواب واعتبرته «أحد أكثر الفصول السياسية المخجلة في تاريخ أمتنا» وقالت إن ترامب «جاهز للخطوات التالية وواثق من تبرئته تماما».

وقالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي عند بدء الجلسة إنّه «من المأساويّ أن تصرفات الرئيس الطائشة جعلت من الضروري البدء بإجراءات العزل»، مضيفة «ما نناقشه اليوم هو الحقيقة الراسخة بأنّ الرئيس انتهك الدستور. ومن المؤكد كحقيقة أنّ الرئيس يمثل تهديدا مستمراً لأمننا القومي ونزاهة انتخاباتنا».

ونفى النائب الجمهوري داغ كولينز ذلك وقال «الرئيس لم يرتكب خطأ»، مؤكّداً أنّ الديمقراطيين «قالوا لأنفسهم، إذا لم نستطع هزيمته (في الانتخابات) فدعونا نحاكمه لعزله .. الأمريكيون سيرون ذلك بوضوح».

أما ديبي ليسكو الجمهورية من أريزونا، فقالت إن ترامب يتعرّض «لعملية هي الأكثر ظلماً وتحيّزاً سياسياً شاهدتها في حياتي». وأضافت «لا يوجد أي دليل على أنّ الرئيس ارتكب مخالفة توجب العزل... هذه عملية عزل هي الأكثر حزبية في تاريخ الولايات المتحدة».

من ناحيته قال النائب الديمقراطي آدم شيف، الذي أشرف على التحقيق، إنّ الملياردير الجمهوري «كان مستعداً للتضحية بأمننا القومي في سبيل تعزيز فرصه في إعادة انتخابه»، واتّهم الرئيس بأنّه «حاول أن يغشّ وافتضح أمره»، مؤكّداً أنّ «الخطر ما زال قائماً». وكان ترامب استبق الجلسة بالتأكيد على أنّه لم يرتكب «أي خطأ»، وذلك غداة توجيهه رسالة إلى بيلوسي شبّه فيها إجراءات العزل بـ«محاولة انقلاب».

وقال الرئيس في تغريدة على تويتر «هل يمكنكم تصديق أنّه سيتم إطلاق إجراءات عزلي اليوم من قبل اليسار الراديكالي، (من قبل) الديمقراطيين الذين لا يقومون بشيء، بينما لم أرتكب أي خطأ! إنه أمر فظيع»، مضيفاً «يجب أن لا يحصل هذا الأمر مع أي رئيس آخر».

وردّت بيلوسي على ترامب بالقول إنّ رسالته «مريضة حقًا».وترامب متّهم بمحاولة الضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق بشأن خصمه الرئيسي في انتخابات 2020 جو بايدن.

وهو متّهم كذلك بعرقلة الكونجرس عبر رفضه التعاون مع التحقيق الرامي لعزله، إذ منع موظفين من الإدلاء بشهاداتهم ورفض تقديم وثائق كأدلة.

والاستقطاب الحادّ بين الحزبين في مجلس النواب انعكس في استطلاعات الرأي التي جرت أخيراً.

وقال 50 في المائة ممن شملهم استطلاع للرأي أجرته شبكة «فوكس نيوز» إنّهم يؤيّدون عزل ترامب من منصبه، في حين أبدى 41 في المائة رفضهم لعزله.

وفي استطلاع آخر أجرته شبكة «سي إن إن» قال 45 في المائة ممن شاركوا فيه إنّهم يؤيّدون عزل الرئيس بينما قال 47 في المائة إنهم يرفضون ذلك.

وفي استطلاع ثالث أجرته شبكة «أن بي سي» وصحيفة «وول ستريت جورنال» أتت النتيجة متساوية بين 48 في المائة يؤيدون عزله و48 في المائة يعارضونه. وفي مجلس النواب خاطر بعض النواب الديمقراطيين ممّن يمثّلون مناطق محافظة بخسارة الانتخابات العام المقبل بتصويتهم لصالح عزل الرئيس، لكنّهم مع ذلك قرّروا الاصطفاف خلف حزبهم في التصويت. وسجّلت تظاهرات مؤيّدة لعزل ترامب في عدة مدن بينها نيويورك وبوسطن ونيو أورلينز ولوس أنجلوس.

بالمقابل اعتبر أنصار لترامب في باتل كريك إن ما يتعرض له الرئيس ظلم. وقالت إحدى مؤيّدات ترامب وتدعى ويندي تيمرمان «هناك رجل بريء يحاكم على كمّ من الهراء»، في حين قال مؤيد آخر يدعى جو بونتراغر «ليس لديّ أدنى شك: هذه عملية احتيال!».

من جانبه قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إن اجراءات عزل دونالد ترامب تستند إلى أسس «مختلقة». مضيفًا أنه لا يعتقد أنها تنذر بقرب نهاية حكم الرئيس الأمريكي.

وقال بوتين بعد أن صوت مجلس النواب لصالح توجيه اتهامات باستغلال السلطة الى ترامب، إن الاتهام «لا يزال يتعين أن يمر عبر مجلس الشيوخ حيث يتمتع الجمهوريون بالأغلبية». وأضاف «ومن غير المرجح أن يزيحوا ممثل حزبهم من منصبه، على أسس مختلقة تماماً».

وفي مؤتمر صحفي ماراتوني يستمر يوما كاملاً، وصف بوتين الاجراءات في الكونجرس الامريكي بأنها «ببساطة استمرارا لنزاع سياسي داخلي» بين الديمقراطيين والجمهوريين. ووبخ الصحفي الذي وجه السؤال بسبب حديثه عن ترامب .