1399563
1399563
المنوعات

«التراث» بظفار تقيم محاضرة بعنوان «الأمن اللغوي ودوره في تعزيز الهوية»

19 ديسمبر 2019
19 ديسمبر 2019

تزامنا مع اليوم العالمي للغة العربية -

أحمد بالخير: الخطر على اللغة يكمن في أهلها المتحدثين بها ومستخدميها -

جميلة الجعدية: على الدول العربية تفعيل مجامع اللغة العربية وتشكيل هيئات رقابية و لجان للترجمة -

كتب - بخيت كيرداس الشحري -

احتفلت أمس المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وذلك بإقامة محاضرة عن اللغة العربية بعنوان «الأمن اللغوي ودوره في تعزيز الهوية»، بحضور مرهون بن سعيد العامري مدير عام المديرية العامة للسياحة بمحافظة ظفار، وعدد من المسؤولين في المؤسسات الحكومية والكتاب ومعلمي ومعلمات اللغة العربية والمهتمين بشؤون اللغة العربية وعدد من طلاب وطالبات المدارس. وقدم المحاضرة، التي أقيمت على مسرح اوبار بمركز التراث والثقافة بصلالة، كل من الدكتور أحمد عبد الرحمن بالخير والدكتورة جميلة بن سالم الجعدية، وهما محاضران في قسم اللغة العربية بجامعة ظفار، وأدار المحاضرة هيثم تبوك من المديرية العامة للتراث والثقافة بالمحافظة.

الأمن اللغوي

واستهل الدكتور أحمد بن عبدالرحمن بالخير محاضرته بالقول: «إن الاهتمام باللغة العربية لا ينبغي أن يرتبط بمناسبة معينة، بل علينا إن نحييها كل يوم لأننا نحن المتحدثين باللغة العربية مسؤولون عن إحيائها أو إماتتها أو جعلها متخلفة عن العلم والتطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده العالم الآن، فاللغة العربية تعتبر من أقدم اللغات في العالم وكانت هذه اللغة في أوج ازدهارها حينما كانت الأمة العربية مزدهرة ومنتجة للعلوم والمعرفة، وعبر هذه اللغة نقلت الرسالة السماوية الخاتمة وانتشر بها الإسلام بين مختلف الأمم غير الناطقة باللغة العربية وأصبحت لغة رديفة للغاتهم الأصلية وكما أن ما يزال هناك الكثير من المصطلحات العلمية في لغاتهم كما نقلت إليهم باللغة العربية مثل علم الجبر وغيره من العلوم».

وعرَّف الدكتور بالخير مصطلح «الأمن اللغوي» بأنه الوصول إلى درجة تستطيع فيها استخدام اللغة العربية الاستخدام الأمثل دون وجود أي تحديات في حياتك وتعاملاتك اليومية. وأضاف أن اللغة العربية برغم ما تواجهه من تحديات بسبب العلوم والمعارف القادمة إليها من لغات أخرى إلا أنها ما زالت تمتلك الكثير من المقومات التي يمكنها أن تكون اللغة الأكثر تداولاً في العالم بفضل اتساع رقعة المتحدثين بها وانتشار الإسلام في مختلف أصقاع الأرض.

وأوضح الدكتور أحمد بالخير أن مفردة (لغة) لم ترد في القرآن الكريم بل وردت كلمة (لسان) وأن علماء اللسانيات قالوا إن اللغة عبار عن خصيصة بشرية وان اللسان في مرتبة بعد اللغة وأشار إلى أن نزول القرآن بلسان عربي فيه حكمة برغم ما كان عليه العرب آنذاك في الجزيرة العربية حيث لم تكن لهم دولة قائمة بل كان مجتمع قبلي ولا توجد دولة قائمة منظمة لشؤون حياتهم.

وأشار إلى انه مع انتشار الإسلام واعتناق الكثير من غير المتحدثين باللغة العربية الإسلام وتواصل العرب واختلاطهم بالحضارات والأقوام المجاورة لهم بدأ اللحن في اللغة العربية ولهذا بادر العرب لحفظ اللغة وضبطها بوضع النقاط على الحروف وضبطها بعلم النحو.

وحول التحديات التي تواجه اللغة العربية ومهدداتها أكد أحمد بالخير أن اللغة ليست وسيلة تخاطب فقط بل هي هوية وشخصية وانتماء ووعاء لحفظ تراث وثقافة ومنجزات الشعوب، وان الخطر على اللغة يكمن في أهلها المتحدثين بها ومستخدميها بالدرجة الأساس، فاللغة مثل الكائن الحي أن اهتم به ربا وتطور وسلم وان اهمل مرض ومات ، مؤكدا أهمية الحفاظ على اللغة العربية، وقال: «علينا أن نجعل لغتنا العربية لغة علم وأن نتعلم علومنا باللغة العربية ونصدر علومنا ومنجزاتنا باللغة العربية كما كان سابقا عندما كانت الأمم الأخرى تأخذ العلوم من المسلمين وينقلوها إلى لغتهم، فعلينا نحن كذلك أن ننجز ونخترع فاللغة تفرض نفسها بما تنجزه من علوم ومعرفة أي بقدر ما تنتجه الشعوب المتحدثة بتلك اللغة وان ننقل العلوم من لغاتها الأم إلى لغتنا العربية، كما حدث في العصر العباسي وازدهرت الترجمة حينها من اللغات الأخرى للغة العربية».

كما اكد على أن تعلم اللغات الأخرى أمر مطلوب ويعد إثراء معرفي وعلمي ولكن ليس على حساب أن تموت لغتنا ونحيي لغات وثقافة الآخرين.

وقد ضرب الدكتور بالخير مثلاً في الجهود لإحياء اللغات الميتة باللغة العبرية التي مرت بفترة زمنية لم تعد تسمعها إلا في دور العبادة اليهودية حيث يعتبر «إليعازر بن يهودا» محيي اللغة العبرية حيث كان أول من نشر فكرة إحياء اللغة العبرية، منادياً لا أمة بلا لغة، وأول من نشر مقالات في الصحف بخصوص هذا الموضوع، وشارك في مشروع يُعرف بقاموس بن يهودا. عمل بن يهودا بلا ككل لتوعية الناس في هذه القضية وأُسست فيما بعد المدارس العبرية الأولى في الأراضي العربية المحتلة، وأصبحت اللغة العبرية تستخدم في الأمور الحياتية اليومية، لتصبح لغة وطنية ونظامية لكيان الاحتلال في الأراضي العربية.

استيعاب العلوم

وقالت الدكتورة جميلة بنت سالم الجعدية: «علينا أن نذكر أجيالنا بأهمية اللغة العربية والاعتزاز بها وان نوضح لهم عظمة وقدرة هذه اللغة على استيعاب كافة العلوم والمعارف وان نوضح لهم التحديات التي تواجه اللغة العربية، وعرفت الدكتورة جميلة الأمن اللغوي بأنه الوصول باللغة العربية إلى درجة الاستقرار والثبات أمام المشكلات التي تواجهها».

وتعترض الدكتور جميلة الجعدية على فكرة أن الله عز وجل تكفل بحفظ اللغة العربية بل ترى أن الله تكفل بحفظ القرآن وليس اللغة، فقد تموت اللغة كلغة حديث وتخاطب وعلم وتبقى فقط في دور العبادة والدليل أن كثير من المسلمين من غير العرب لا يتحدثون اللغة العربية ولا يستخدمونها في تعاملاتهم اليومية ولكنهم يحفظون السور القرآنية ويؤدون الصلاة.

وأشارت الدكتورة جميلة إلى ان التكنولوجيا القادمة من لغات أخرى أعجزت العرب عن مواكبتها باللغة العربية فتعلموها باللغة التي جاءت بها وهذه من التحديات التي تواجه اللغة العربية وهذا التهديد يمكن ان يتحول لأمان حينما تتحول اللغة العربية إلى لغة حاسوبية ورقمية.

ولحماية اللغة العربية على الدول العربية تفعيل مجامع اللغة العربية وتشكيل هيئة رقابية لغوية وتشكيل لجان عليا للترجمة تعمل على ترجمة مختلف العلوم باللغة العربية وتعريب المصطلحات الغربية والقيام بدراسات تبحث في ما تواجهه اللغة العربية من تحديات وإخطار وإيجاد الحلول لمواجه وإزالة تلك الأخطار المهددة للغة العربية ومنع تدريس غير اللغة العربية في مراحل التعليم الأساسي حتى لا يتم تشتيت ذهن الطلاب بين لغتين مما ينتج عنه ضعف في اللغة العربية وكذلك عدم تمكنه من اللغة الأخرى الأجنبية التي يدرسها.