1398577
1398577
إشراقات

الخسوف والكسوف آيتان من آيات الله تذكران الإنسان بقدرة الله المطلقة ومشيئته المحققة

19 ديسمبر 2019
19 ديسمبر 2019

من السنة أن يهرع الناس إلى الصلاة.. والإشعاعات المنبعثة منها تؤذي البصر -

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

بيّنت خطبة الجمعة التي تعدّها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ما ينبغي أن يفعله الناس من الجانب الشرعي عند نزول النوازل كالخسوف والكسوف وغيرها؛ فمن السـنة أن يهرع الناس إلى الصلاة، فينادى في الناس: «إن الصلاة جامعة»، فإذا اجتمعوا قام الإمام، وصلى بهم ركعتين جهريتين، في كل ركعة ركوعان، يقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة يطيل فيها القراءة، ثم يقوم فيهم خطيبا فيحمد الله تعالى ويثني عليه، ثم يذكرهم برحمة الله وقدرته، ويحثهم على ذكر الله والإكثار من الصلاة والصدقة، ويبين لهم ما ينبغي لهم فعله عند نزول النوازل.

وأما في الجانب الصحي فينبغي أن لا يحدق الناس بأبصارهم المجردة تلقاء الشمس حتى لا تؤذيهم الإشعاعات الخطيرة المنبعثة من الشمس في أثناء كسوفها. ولربما أغرى بعضهم ضعف الأشعة المرئية للشمس وما علموا أن أشعتها فوق البنفسجية تحرق مركز البصر، ألا فليحذر الإنسان وليحمي عينه من الضرر.

وأوضحت: إن ما نراه في الكون من تناسق وتناغم يجعلنا نلهج بذكر الله وجماله، وقدرته وكماله، فالإنسان مخلوق في أحسن تقويم، والكون من حوله له نظام حكيم، الليل والنهار يتعاقبان، والشمس والقمر بحسبان، فجل جلال رب العالمين، وتبارك الله أحسن الخالقين.

وأكدت أن هذا الكون المنيع، وما فيه من نظام بديع؛ ليس ضربا من ضروب المفاجآت والصدف؛ بل هو تقدير وتدبير من لدن لطيف خبير؛ إذ جعل سبحانه لهذا الكون قوانين ونواميس، تحكم حركته وتنظم مسيرته، وقد تنحل عرى هذا النظام، وتتعطل تلك النواميس والسنن؛ إذا أراد الله لها ذلك، فقدرته مطلقة لا تقيدها السنن، ولا تحكمها القوانين، وما الظواهر الخارقة لنواميس الكون وقوانينه المعروفة - كالخسوف والكسوف والزلازل والبراكين والشهب والنيازك وغيرها من الظواهر العجيبة - إلا دليل على مطلق القدرة الإلهية، وأن الكون مسير وفق مراد الله ومشيئته، فالرياح تجري بأمره، والفلك تمخر عباب البحر بقدرته.

وتشير إلى أن ظاهرة الخسوف والكسوف - وإن كان لها تفسير علمي قد كشفه الله للناس في هذا العصر - إلا أنهما آيتان من آيات الله، تذكران الإنسان بقدرة الله المطلقة، ومشيئته المحققة، كما تذكرانه بيوم القيامة إذا الشمس كورت، والنجوم انكدرت، والجبال سيرت، والبحار سجرت. فانطماس نور الشمس، وانطفاء ضوء القمر في ظاهرتي الخسوف والكسوف؛ ما هو إلا صورة مصغرة لتداعي هذا الكون عند قيام الساعة.

فإذا كانت ظاهرة الخسوف والكسوف آية من آيات الله في الآفاق فعلى المرء أن يتأمل فيهما ويتدبر، وأن ينظر فيهما نظر اعتبار وتفكر، وأن لا يمر عليه هذا الحدث مرور الكرام، فالمؤمن يرى بنور الله، فهو لا يربط الأسباب بالطبيعة وحدها؛ بل يربطها بمسبب الأسباب جل جلاله، فالخلق خلقه والأمر أمره، ألا وإن من الجهل الذريع، والخطأ الفظيع؛ أن تفسر هذه الظواهر تفسيرا ماديا، مقطوعا عن قدرة الله وحكمته، وكأن الطبيعة هي المصرف لهذا الوجود! فإذا كانت الطبيعة هي السبب الرئيس في مثل هذه الظواهر، فمن هو المصرف لهذه الطبيعة يا ترى؟! إنه الله جل جلاله.

وإذا وقعت الأرض بين الشمس والقمر كانت ظاهرة الخسوف، وإذا وقع القمر بين الشمس والأرض كانت ظاهرة الكسوف، وقد كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم، فظن بعض الناس أنها كسفت لموته، فقام فيهم النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا، وكان مما قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت بشر ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروه، وتضرعوا وتصدقوا).