مرايا

الذكاء العاطفي يمكن اكتسابه وتعلمه - د. نوال المحيجرية: نحن بحاجة لمهارات تواصل صحيحة وصحية في حياتنا المهنية والشخصية

18 ديسمبر 2019
18 ديسمبر 2019

حوار- فاطمة الإسماعيلية -

يُعرف الذكاء العاطفي بالقدرة على ضبط وتحفيز النفس والحماس والمثابرة، وهذه المهارات يمكن تعليمها لأطفالنا لنوفر لهم فرصا أفضل أيا كانت ملكاتهم الذهنية، إذا فهمنا معنى وكيفية ربط الذكاء بالعاطفة، كما يمكن للذكاء العاطفي أن يساعدنا في التعامل مع أنماط الشخصية المختلفة، وهو أيضا أمر مفيد بالنسبة للزوجين أو المقبلين على الزواج.

وقفتنا مع الدكتورة نوال بنت ناصر المحيجرية استشارية في الطب النفسي رئيسة وحدة الطب النفسي الجسدي بالمستشفى السلطاني لتحدثنا أكثر عن هذا الموضوع.

عرفينا بداية بصورة أشمل على الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي هو مصطلح يعبر عن قدرة الفرد على التعرف على عواطفه الشخصية، وفهمها بصورة سليمة، وإدراك مدى تأثيرها على الأشخاص من حوله، وفهم تأثير المحيط عليه وعلى الأشخاص من حوله، وأيضا التعاطف واستخدام مهارات اجتماعية محدده تخدم الموقف بشكل إيجابي.

ويستطيع الأشخاص الذين يتمتعون بمعدل ذكاء عاطفي عالٍ السيطرة على سلوكهم وضبطه، ولديهم فعالية أكثر على معرفة وإدارة مشاعرهم الخاصة، وإدارة مشاعر الآخرين أيضاً، وكلما ارتفعت مهارات الذكاء العاطفي، أدى ذلك لعلاقات بين شخصية فعالة وناجحة بشكل أكبر، وتعتبر مهارات الذكاء العاطفي من المهارات المكتسبة والتي من الممكن لأي شخص أن يتعلمها، ولقد سنحت لي الفرصة لتلقي دورات تدريبية من جامعة أكسفورد البريطانية لتؤهلني كمدربة معتمدة في مهارات الذكاء العاطفي.

باعتبارك مدربة معتمدة في مهارات التواصل من معهد الصحة الأمريكي- حدثينا عن الدورات التي تقومين فيها في هذا الجانب؟

حاليا أقوم بعقد دورات تدريبية مع نخبة من المدربين (الأطباء والطبيبات) لتدريب أطباء المستشفى السلطاني على تفاصيل مهارات التواصل بين الطبيب و المريض وماله من آثار إيجابية في العناية بالمريض.

و لكن بالطبع هذه الدورة من الممكن تطبيقها على أية فئة بغض النظر عن مجال عملها، لأننا كلنا بحاجة لمهارات تواصل صحيحة وصحية في حياتنا المهنية والشخصية.

هل معرفة الذكاء العاطفي يخفف من عبء العلاقات على كافة الأصعدة ؟

بالطبع، مهارات الذكاء العاطفي عبارة عن مهارات مكتسبة تَتعلُمها، والأهم من ذلك الحرص أن على تطبيقها يعود بالفائدة على الشخص، وهذا بدوره ينعكس بشكل إيجابي على العلاقات على كافة الأصعدة، ودورات مهارات الذكاء العاطفي دورات عامة وأي شخص بإمكانه الإلتحاق بها والإستفادة منها.

حدثينا عن أبرز مهارات وأساليب الذكاء العاطفي؟

هناك عدة محاور للذكاء العاطفي ولكل محور له مهاراته الخاصة فيه. وهنا أذكر لكم المحاور، مع ذكر أمثلة من المهارات لتطويرها:

1- الوعي بالذات:وهي القدرة على إدراك عواطفك وأفكارك وأفعالك وتصرفاتك واعتبارك لنفسك ومعرفة من أنت؟ ومن تريد أن تكون؟ ومن مهارات تطوير الوعي بالذات مثلا:

- التعرف على ما تشعر نحوه بمشاعر سيئة في حياتك.

- التعرف على الأشياء التي تشعر نحوها بمشاعر إيجابية في حياتك.

- اعرف ما تشعر به الآن.

2- الثقة القوية:

هذا الأسلوب يوضح لك كيفية التعامل مع المشاعر السلبية من خلال تنمية نوع من الثقة الصلبة والتي تمثل الفاصل بين النجاح والفشل في أوقات الأزمات، حيث إن ارتفاع الذكاء العاطفي أمر لا بد منه للتغلب على الضغط الشديد.

ويمكنك استخدام الذكاء العاطفي في إيجاد ثقة بالنفس ثابتة تمثل حائطا ضد المشاعر السلبية التي تؤدي للضغط والإرهاق، وقد كشفت الأبحاث أن المكون الأساسي للثقة هو إدراك أنك مهيأ للكارثة وسوف تتغلب عليها.

3- التقمص العاطفي الهائل:

هذه وسيلة أساسية من وسائل الذكاء العاطفي تمكنك من إقامة علاقات مع الآخرين، وهي ببساطة عبارة عن القدرة على معرفة وفهم مواقف الآخرين ومشاعرهم ورد فعلهم واستخدام مهارات التعاطف والمهارات الاجتماعية البين شخصية المناسبة لاحتضان الموقف بشكل سليم. وهناك مقولة تقول:«إذا كنت ترغب في فهم شخص ما فعليك أولاً أن تسير في حذائه»، فحتى تنجح في علاقاتك مع الآخرين عليك أن تفهم كيف يفكرون وكيف يشعرون وتتفاعل معهم وفق تفكيرهم ومشاعرهم.

أخيراً أؤكد على أهمية السلام الداخلي والتسامح مع النفس والآخرين في تنمية الذكاء العاطفي، والتعلم من أخطاء الماضي دون الوقوف على أعتابه، وكذلك التحكم بالعواطف من خلال الردود الحكيمة، فضلاً عن التحليل الاجتماعي للأحداث المحيطة والتأمل في قصص نجاح وفشل الآخرين.

وقد كان نبينا محمد صلوات الله و سلامه عليه خير مثال للتطبيق العملي والحث على ممارسة مهارات الذكاء العاطفي، وهنا أذكر حديث له: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشَّديد بالصُّرَعة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغَضَب»، فهذا الحديث الشريف ملخص لمفهوم الذكاء العاطفي.