الاقتصادية

وضع خطة وطنية لتنمية وإدارة مصائد أسماك السطح الصغيرة

17 ديسمبر 2019
17 ديسمبر 2019

بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة -

«عمان»: افتتحت أمس حلقة استهلالية لإطلاق مشروع خطة تنمية وإدارة مصائد أسماك السطح الصغيرة في السلطنة بالتعاون مع مكتب منظمة الأغذية والزراعة بالسلطنة ( الفاو) بمشاركة وحضور خبراء دوليين من المنظمة.

رعى الفعالية سعادة الدكتور سعود بن حمود الحبسي وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية للثروة السمكية وحضور سعادة نورا اورابح حداد ممثلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالسلطنة، وتهدف الحلقة إلى التعريف بالمشروع الذي يمتد على مدى سنتين وإلى تحديد خطة العمل واللجان الفنية والاستشارية بالمشروع التي ستعمل على وضع خطة شاملة ومتكاملة لتنمية وإدارة مصائد الأسماك السطحية الصغيرة بمشاركة الجهات ذات الصلة والعاملين في القطاع من الصيادين والتجار والمصانع وأصحاب المصلحة، حيث تسعى الوزارة إلى وضع مخطط لإدارة وتنمية هذه المصايد انطلاقا من مبادئ الصيد الرشيد والذي يتم بناء على المعرفة العلمية لديناميكية ونتائج البحوث السمكية المتوفرة لهذه الموارد مع ضمان استدامتها والرفع من عائداتها الاقتصادية والاجتماعية، كما سيمكن المشروع من وضع سياسة للاستغلال الأمثل لهذه الموارد، إضافة إلى تحديد حجم ونوع الأسطول الملائم مع التوجيه لتطوير أنواع وحجم الاستثمارات ذات القيمة المضافة المناسبة لهذه الموارد. وسيعمل المشروع بعد اعتماد مكوناته والنتائج المتوقعة منه على تنفيذها خلال السنة الثانية من المشروع.

وفي الحفل ألقى الدكتور عبدالعزيز بن سعيد المرزوقي مدير عام تنمية الموارد السمكية بوزارة الزراعة والثروة السمكية كلمة قال فيها: تعد السلطنة من الدول الرائدة في قطاع الصيد الحرفي، وتولي اهتماما كبيرا لهذا القطاع نظرا لمساهمته القيمة في الإنتاج السمكي والتي تفوق 99%، وحيث إن حجم الأسطول الحرفي يفوق 25 ألف قارب وسفينة وتشغل بصفة مباشرة ما يفوق 49 ألف صياد، فإن الوزارة اتخذت من هذا القطاع ركيزة أساسية للنسيج الاقتصادي للقطاع، وتعمل على تحسين ظروف عملها وإنتاجيتها بغرض الرفع من مستوى عيش ونمط حياة العاملين بها، وكما تعلمون فإن القطاع السمكي حقق تطورا كبيرا وشهد الإنتاج السمكي ارتفاعا ملحوظا في السنتين الأخيرتين حيث ناهز إنتاج سنة 2018 ما قدره 553 ألف طن بارتفاع قدره 59% مقارنة بعام 2017م وارتفاع قدره 24% مقارنة بإنتاج عام 2016م مما يعزز دور الإنتاج السمكي في الاستهلاك المحلي والصناعات السمكية والتصدير. وتبقى السلطنة عازمة على تعزيز الإنتاج السمكي خاصة من المصائد التي توفر إمكانيات صيد قليلة الاستغلال حاليا مع تطوير قطاع الاستزراع السمكي، وتهدف لتحقيق مستوى إنتاج يقدر بــ مليون وثلاثمائة ألف طن مع نهاية 2023 وفي هذا الإطار منحت الوزارة عدد من تراخيص الصيد التجاري لأسماك السطح الصغيرة وأسماك التونة ويمارس عدد منها الصيد الفعلي في مياه السلطنة ببحر العرب وفي نطاقات صيد محددة بمسافات بحرية تبعد عن مصايد الصيد الحرفي ضمن أطر وقوانين منظمة لأنشطة الصيد التجاري، وفيما يخص الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصائد الأسماك الصغيرة النطاق، فإن السلطنة بادرت باستضافة أحد الاجتماعات لوضع الخطوط التوجيهية لضمان استدامة مصائد الأسماك صغيرة النطاق لدول الشرق الأدنى وشمال إفريقيا عام 2012م، ونظرا لأهمية تنفيذ تلك الخطوط التوجيهية استضافت السلطنة أيضا حلقة العمل الإقليمية للشرق الأدنى وشمال إفريقيا بشأن تنفيذ الخطوط التوجيهية الطوعية لتأمين المصائد الصغيرة المستدامة في سياق الأمن الغذائي في عام 2015.

وتولي السلطنة اهتماما بالغا لتفعيل تلك الخطوط التوجيهية؛ لما لها من تأثير إيجابي على استدامة هذه المصائد ومساهمتها في تحقيق الأمن الغذائي ومحاربة الفقر، ويأتي اعتماد الوزارة لمشروع خطة تنمية وإدارة مصائد أسماك السطح الصغيرة في السلطنة ضمن الخطوط التوجيهية الطوعية لضمان استدامة مصائد الأسماك الصغيرة النطاق وتعد هذه الورشة تدشين للمشروع آنف الذكر.

وأضاف المرزوقي: تشكل مصايد مجموعة أسماك السطح الصغيرة ما نسبته 61% من الإنتاج الكلي للسلطنة أي ما يعادل 338.318 طنا، وبقيمة إجمالية حوالي 45 مليون ريال تعتبر أسماك السردين من أهم الأنواع السمكية استغلالا في هذه المجموعة وتشكل نسبة 52% من الإنتاج الكلي و85% من إنتاج أسماك السطح الصغيرة

ونظرا لأهمية مصايد أسماك الصغيرة هذه المصائد، وإلى توجهات الوزارة بوضع سياسات مبنية على الاستغلال المستدام للموارد البحرية، فإن المشروع الذي سيتم تنفيذه مع شركائنا الاستراتيجيين منظمة الأغذية والزراعة يهدف إلى وضع خطة وطنية متكاملة الأطراف لتنمية وإدارة مصائد أسماك السطح الصغيرة تشمل جميع الشركاء من القطاع الخاص والصيادين، إيمانا منا بأن هذه الشراكة ستعمل على صياغة خطة نموذجية تحمل في طياتها مجموعة من الإجراءات والسياسات الهامة لتحقيق الاستدامة والاستغلال الأمثل لمصائد أسماك السطح الصغيرة.

كذلك ألقت سعادة نورا اورابح حداد ممثلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في السلطنة كلمة المنظمة جاء فيها: تحتل الزراعة والأغذية مكانة عالية كوسيلة لتحقيق مجمل أهداف التنمية المستدامة والتي أقرت بأجماع من قبل المجتمع الدولي، كما أن أحد تلك الأهداف وهو الهدف 14 يلقي الضوء وبعناية قصوى على المحافظة على المحيطات، والبحار، والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام. إن هذه المستجمعات المائية والمناطق الساحلية المحيطة بها تزود العالم بالعديد من السلع الأساسية لرفاه الإنسان والأمن الغذائي العالمي.

وفي هذا الخصوص تعتمد التنمية المستدامة على ثلاثة أبعاد: البعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي والبعد البيئي. وعطفاً على ما يحمله هدف التنمية المستدامة هذا، فإنه ومن أجل الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية، هناك حاجة إلى تعظيم الاستفادة من الموارد السمكية الحالية بما فيه الكفاية، والانتفاع منها بكفاءة أعلى في جميع مراحل سلسلة القيمة لزيادة قيمة كل سمكة يتم اصطيادها، مع ضرورة توفير الظروف المناسبة لصغار الصيادين حتى يتمتعوا بمستوى معيشي لائق من حرفتهم وفي الوقت نفسه ومن أجل الاستدامة البيئية، هناك حاجة إلى إدارة جميع مصائد الأسماك والأنشطة ذات الصلة إدارة فعّالة، من أجل الحفاظ على محيطاتنا وبحارنا ومواردنا البحرية.

ويعد الصيد السمكي من بين أهم مكونات الاقتصاد العماني منذ القدم مع أهمية ثقافية واجتماعية عميقة. وفي الوقت الحاضر، تبذل السلطنة جهودا لتنويع اقتصادها، وتأتي الثروة السمكية لتمثل أحد القطاعات ذات الأولوية التي تسهم في تحقيق هذا الهدف.

ولفترة طويلة، عملت وزارة الزراعة الثروة السمكية بعزيمة وإخلاص راسخين، جنباً إلى جنب مع كل أصحاب المصلحة في قطاعات مصائد الأسماك، على تحقيق هذا الهدف الجماعي، وذلك من خلال العمل على تطوير مصائد الأسماك بمختلف أشكالها، وتحسين سبل معيشة الصيادين، في حين قدمت إسهامات بارزة لتحقيق الأمن الغذائي وأهداف التنمية المستدامة بالسلطنة.

وأضافت: تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن نحو 30 في المائة من الأرصدة السمكية العالمية تعاني من الصيد الجائر. وهناك 60% أخرى من المخزونات تتعرض للصيد حتى أقصى إمكانيات مواردها.

وأضافت: يعني هذا الأمر أن احتمالات زيادة الإنتاج من مصائد الأسماك تعتمد حاليا على تحسين إدارة مصائد الأسماك التقليدية والتنمية المستدامة للفرص القليلة المتاحة للتوسع، مثل حالة الأسماك السطحية الصغيرة في سلطنة عمان، وتتمتع السلطنة بفضاء واسع من المسطحات المائية الخاضعة لولايتها القانونية ، والتي تشتمل على مخزونات كامنة من أسماك السطح قابلة للاستفادة منها اقتصادياً، وتتألف طاقة الصيد السمكي في السلطنة غالياً من الصيد الحرفي، حيث يمكن توسيع الأسطول لتعزيز الاستفادة من هذه المصائد لا سيما بالنسبة للأسماك السطحية الصغيرة وخصوصاً إذا ما تم تنفيذ سياسة تنموية مناسبة ذات محاور استراتيجية، فإن الإمكانات الحقيقية لقطاع مصايد الأسماك ومساهمته الفعالة في الناتج المحلي الإجمالي ستعد واعدة للغاية.

وبناءً لهذا الغرض، دعت وزارة الزراعة والثروة السمكية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى وضع مشروع يهدف إلى إنشاء برنامج لإدارة وتطوير مصايد أسماك السطح الصغيرة، وسيضع هذا المشروع خططا تشمل الأهداف التشغيلية والمؤشرات وتدابير الأداء الجاهزة للتنفيذ. وسيعزز هذا المشروع أيضا قدرات جميع أصحاب المصلحة المعنيين ولا سيما في إدارة وتطوير الممارسات ذات الصلة.

وعلاوة على ذلك، وبناءً على خطة الإدارة والتطوير التي سيتم تطويرها ضمن هذا المشروع، ستدخل الحكومة أسطول صيد ساحلي ذي إمكانيات تصنيعية جديدا متخصصا لاستغلال الأسماك السطحية الصغيرة، وسيتيح المشروع أيضا تعزيز الأنشطة ذات القيمة المضافة كالتصنيع السمكي مما يولد قيمة عالية لقطاع مصائد الأسماك، فضلا عن توفير فرص عمل جديدة للعمانيين وبالتالي تحسين العائدات الاجتماعية والاقتصادية لقطاع مصائد الأسماك.

وخلال مرحلة تنفيذ هذا المشروع سيكون هناك تركيز قوي واعتراف بأهمية مصائد الأسماك الأسرية ومصائد الأسماك الصغيرة، حيث إنها تمثل غالبية الصيادين في عمان (%98 من الصيادين على نطاق صغير). ويتمثل الهدف النهائي من المشروع في تحسين الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لمجتمع مصائد الأسماك، بما يعود بالنفع العام على السلطنة.

كما أن هذا المشروع سيركز أيضا على تحسين هيكل الأسطول الحالي عن طريق ترقية السفن الصغيرة للصيادين. وهذا من شأنه أن يوسع القدرة على الصيد في المناطق الأكثر عمقا، وأن يحد من المنافسة على بين صغار الصيادين للصيد بالمناطق القريبة من الشاطئ، وأن يساهم في تحسين دخولهم وسبل عيشهم.

وقالت: من خلال هذا المشروع، ستتمتع عُمان بفرصة فريدة لتطبيق مبادئ قواعد السلوك في التوسّع المخطط لمصايد أسماك السطح الصغيرة. مع الحفاظ على النظم الإيكولوجية السليمة، ومواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ وأخيرا، سيعتمد هذا المشروع نهجا يقوم على المشاركة والشمول يشارك فيه جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة من القطاعين العام والخاص على السواء، من أجل الاستفادة من أفضل المعارف والخبرات العلمية المتاحة لتحقيق الهدف المشترك، واليوم سنشرع في إنشاء لجنة استشارية مسؤولة عن الإشراف على تنفيذ المشروع، وسيتم اختيار أعضاء هذه اللجنة ذاتيا.

ومن دواعي سرور منظمة الأغذية والزراعة أن تكون جزءا من هذه المبادرة وأن تسعى جاهدة إلى تقديم أفضل مشورة تقنية ممكنة لدعم عمان في سعيها لتحقيق هذا الهدف.