المنوعات

موسيقى «غناوة» تمزج بين الطقوس الإفريقية وتقاليد صوفية إسلامية

13 ديسمبر 2019
13 ديسمبر 2019

الرباط، (أ ف ب) - تمزج موسيقى غناوة المغربية، التي صنفت أمس الأول تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية، بين طقوس إفريقية وتقاليد صوفية إسلامية. وتعود أصولها إلى «عبيد» استقدموا من جنوب الصحراء، قبل أن تصبح جزءا من التراث الفني الشعبي في المغرب.

وهي ليست مجرد موسيقى تعزف وفق إيقاعات خاصة بل أيضا «طقوس صوفية تؤدي أدوارا علاجية»، كما يشير لذلك ملف الترشيح الذي قدمه للمغرب لليونسكو.

وتحيل هذه الإشارة على المعتقدات الشعبية التي تنسب لموسيقى غناوة قدرات «علاج المس» و»ترويض الجن»... على غرار العديد من الأنواع الموسيقية الشعبية المرتبطة بطرق صوفية في المغرب وتقاليد الاستشفاء لدى الأولياء والأضرحة.

وتتحقق هذه الأغراض العلاجية، بحسب المعتقدات المحلية، من خلال إحياء حفل «الليلة» الغناوية الذي تعزف فيه إيقاعات معينة لتخليص النفوس المسكونة من الأرواح الشريرة وتحقيق «الحلول» الصوفية. وتستلهم هذه الطقوس من تقاليد إفريقية قديمة امتزجت بتأثيرات شعبية عربية إسلامية وأمازيغية.

وتؤدي هذه الطقوس فرقة يقودها «معلم» ومجموعة عازفين على آلة «الكنبري» الوترية وطبول وآلة «القراقب» الأشبه بأجراس معدنية، مرددين أهازيج وكلمات محددة. ويرتدي هؤلاء أزياء ملونة ومزركشة واضعين طاقيات على رؤوسهم.

وتعود أصول هذه التقاليد إلى القرن السادس عشر على أقل تقدير وهي مرتبطة بـ»مجموعات من المتحدرين من العبيد» ضحايا ما كان يعرف «بتجارة الرقيق الأسود». وتمثل اليوم واحدا من الوجوه المتعددة للهوية الثقافية المغربية، ولم يعد أداؤها مقتصرا على الطقوس الصوفية بقدر ما أصبحت فنا موسيقيا قائما بذاته.

وتوسعت شهرة موسيقى غناوة في المغرب خلال سبعينات القرن الماضي من خلال استعمالها مع أنواع موسيقية أخرى في أغاني مجموعة «ناس الغيوان» الشهيرة في المملكة. لكنها اشتهرت على نطاق أوسع بفضل مهرجان الصويرة، الذي تستضيفه المدينة الواقعة على المحيط الأطلسي جنوب المغرب منذ 1997.

وساهم هذا المهرجان في إخراج فن غناوة من طابعه المحلي الشعبي بحيث بات يجتذب كل سنة جمهورا من مختلف أنحاء العالم، مع تقديم عروض متنوعة منها ما يمزج بين موسيقى غناوة وألوان موسيقية أخرى، منها خصوصا الجاز والبلوز المتحدرة ايضا من أصول إفريقية.

وشهدت منصات المهرجان عروضا لفنانين لامعين مثل بيت ميتني أو ديديي لوكوود أو ماركوس ميللر، إلى جانب كبار «معلمي» الفرق الغناوية المغربية.

وأشار ملف الترشيح الذي قدمه المغرب لمنظمة اليونسكو إلى أن الفرق الغناوية «في تزايد مطرد» سواء في القرى أو كبريات مدن المملكة، بالإضافة إلى مهرجانات تقام طوال السنة «وتتيح للأجيال الشابة اكتشاف الكلمات والآلات المستعملة إضافة إلى الطقوس» المرتبطة بهذه الموسيقى.