صحافة

الفرنسية:أخذُ العِبر من المظاهرات الشعبية

07 ديسمبر 2019
07 ديسمبر 2019

أكثر من مليون فرنسي تظاهروا في كل أنحاء فرنسا الخميس الماضي احتجاجاً على الإصلاحات التي تعتزم الحكومة الفرنسية إقرارها بما يخص نظام التقاعد و نهاية الخدمة. في هذا المجال كتبت جريدة لوموند الفرنسية أن الشعب الفرنسي يتذكر جيدا الإضراب العام الهائل الذي حصل في العام 1995 حين دامت المظاهرات ثلاثة أسابيع بالتوازي مع الإضراب احتجاجاً على المشروعين الإصلاحيين الخاصين بالضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة، وقد تقدم بهما آنذاك رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه. في تلك الفترة و في فترة برد و صقيع، خلال شهر ديسمبر حصلت أكبر موجة احتجاجات شعبية و إضرابات منذ 1968. اليوم وبعد خمسة وعشرين عاماً من العام 1995، و في الشهر ذاته، و في فترة برد و صقيع تكاد تكون مماثلة، ها هم الفرنسيون يحتجُّون مجددا على محاولات المس بأنظمة تقاعدهم التي تُعتبر الأفضل في أوروبا. في باريس على سبيل المثال تأخرت مسيرة التظاهرة الكبرى ساعتين، عندها عرف المنظمون النقابيون أنهم ربحوا هذه الجولة. فعندما يتأخَّر انطلاق التظاهرات الكبرى، هذا يعني أن عدد المتظاهرين كبير جدا. نشرة بي اف ام، كتبت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلب من مجلس وزرائه أن يستمر حريصاً على أساسيات مبادئ إصلاح نظام التقاعد، لكن مع أخذ العِبَر من الموقف الشعبي العام المتمثل بالمظاهرات الحاشدة التي شهدتها البلاد والتي عمَّت كل المدن الكبرى الفرنسية، كما طلب الرئيس الفرنسي من حكومته إظهار كل الاحترام للموقف الشعبي العام والاستماع مجددا إلى المواقف النقابية. الجدير بالذكر أنَّ الرئيس الفرنسي يريد توحيد أنظمة التقاعد المعمول بها في فرنسا ويجعلها مندمجة في نظام واحد. هذا المشروع الإصلاحي يعتبره الرئيس الفرنسي من أهم المشاريع الإصلاحية الاجتماعية التي يريد إقرارها في عهده الذي ينتهي في العام 2022 في حال لم يُنتخب لولاية ثانية. لقد حصل بطء بطرح هذا المشروع الإصلاحي لأنَّ الرئيس الفرنسي فضَّل البدء بإقرار وتنفيذ المشاريع الأسرع و الأقل حساسية لدى الفرنسيين. المفارقة تكمن في أن الوضوح في الإصرار على إصلاح نظام التقاعد يقابله غموض بالنسبة لتواريخ البدء بتنفيذ هذا الإصلاح، في حين تبدو معدلات البطالة في انخفاض ملحوظ، ومستويات الاستثمارات عادت للارتفاع في فرنسا، مما يعني نموا اقتصاديا واضحا ومتينا وقدرة شرائية مستقرة. صحف فرنسية وأوروبية عديدة أجمعت في هذا المجال على وصف نظام التقاعد الفرنسي الحالي بأنه أحد أفضل أنظمة التقاعد في العالم. في فرنسا سبعة بالمائة فقط من المسنين مهددون بالفقر، هذا المعدل هو الأدنى في كل أنحاء أوروبا. كما أنَّ معدل المسنّين في فرنسا هو الأعلى في أوروبا، وكذلك المستوى العام للرفاهية الاجتماعية والثقافية. الصحف أجمعت على أهمية المحافظة على أنظمة اجتماعية أنتجت هذه الأوضاع لا أن يتم القضاء عليها بسبب سياسات التقشف.