صحافة

الحياة الجديدة :بصمة بينيت الاستعمارية

06 ديسمبر 2019
06 ديسمبر 2019

في زاوية مقالات كتب عمر حلمي الغول مقالاً بعنوان: بصمة بينيت الاستعمارية، جاء فيه: مذ حل الاستيطان الاستعماري تهرس الأرض الفلسطينية هرساً من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، ولا تستثني بقعة من الضفة الفلسطينية، وإن تركز الاستيطان الاستعماري في القدس العاصمة وخليل الرحمن والأغوار، التي ازدادت فيها عمليات التهويد والمصادرة وإعلان العطاءات للبناء في المستعمرات بشكل غير مسبوق خلال العامين الماضيين بعد إعلان الرئيس ترامب عن صفقة القرن المشؤومة، وتشريع وزير خارجيته، بومبيو للاستيطان الاستعماري.

وإذا توقفنا أمام ما أعلنته حكومة اليمين المتطرف في الأيام الأخيرة، نجد أن ما تسمى «وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية» أعلنت يوم الخميس الماضي عن إحياء مشروع استيطاني استعماري قديم جديد يقوم على بناء 11 ألف وحدة استيطانية شمال غرب العاصمة الفلسطينية القدس على مساحة 600 دونم، وهي أرض مطار قلنديا الفلسطيني القديم، الذي دمرته وصادرت أراضيه سلطات الاستعمار عام 2000، ولربطه بباقي المستعمرات ستحفر نفقا تحت حي كفر عقب في أطراف القدس الشمالية الغربية. وبذات السياق، وفي محاولة من رئيس الوزراء المتهم بقضايا الفساد 1000 و2000 و3000 لاستقطاب كتل وقوى اليمين والحريديم المتطرف، دعا تكتل أزرق أبيض لمنحه مدة ستة أشهر لتولي رئاسة الحكومة «كي يضم منطقة الأغوار الفلسطينية بالكامل».

وعلى صعيد آخر، أعلن زعيم الليكود المثخن بجراح الهزيمة، والمسكون بالغطرسة والنرجسية أثناء اقتحامه مدينة الخليل قبل شهرين من تاريخه، أن «الخليل ستبقى للأبد تحت السيطرة الإسرائيلية، ولن ننسحب منها». وتعميقا لهذا الموقف أعلن المستوطن نفتالي بينيت، وزير الحرب الجديد، عن قراره ببناء حي استيطاني جديد في وسط المدينة يوم السبت الماضي، ويأتي هذا التصريح بعد أسبوعين من تصريح بومبيو، وزير خارجية أمريكا عن «تشريع الاستيطان الاستعماري في أراضي الدولة الفلسطينية». وهو ما يشير إلى أن بينيت يريد أن يضع بصمته الاستعمارية أكثر فأكثر، وليؤكد خياره اليميني المتطرف برفضه للسلام. وعن الحي الاستيطاني الجديد يقول رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة: إنه يقع في قلب المدينة، وهو مجرد بداية للخطة التوسعية، كما ذكرت صحيفة (هآرتس)»، مشدداً على أن إسرائيل تريد الاستيلاء على موقع الحسبة، وقلب الخليل، وشارع الشهداء بالكامل، وقتل آمال فتح هذا الشارع، من جهة، وخلق تواصل لخمس بؤر استيطانية استعمارية.

وأشار في تصريحات له: إلى أن هناك مخططاً للاستيلاء على كل العقارات والمحلات بين منطقة (الحسبة) و(الرحيم) ليكون هناك ربط وتواصل بين مستوطني (تل الرميدة)، مروراً بـ «الحسبة» وانتهاءً بـ (كريات أربع) وإيجاد مدينة متكاملة للمستوطنين في قلب الخليل ومحيطها.

جملة هذه المشاريع الاستيطانية الجديدة تشير بشكل عميق إلى المنحى، الذي تسير عليه حكومة تسيير الأعمال المنحلة، وهو مسابقة الزمن في تهويد ومصادرة الأراضي الفلسطينية، والترجمة المتسارعة لقانون «القومية الأساس للدولة اليهودية» عبر عمليات النهب والتهويد والمصادرة للأرض الفلسطينية العربية، وإقامة المشاريع الاستعمارية عليها، واستثمار كل ثانية من الزمن المتاح لها في فرض وقائع جديدة، مستفيدة من المشاركة الأمريكية لها في الحرب على المصالح الفلسطينية، وتأبيد الانقسام الفلسطيني، وفي الحرب على عملية السلام عموما، وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967 خصوصا، وتقزيم الحلم الوطني الفلسطيني إلى أبعد الحدود، والذي لا يتجاوز المربعات المتناثرة للمدن والقرى الفلسطينية. هذه الحرب الهمجية تستدعي من الكل الوطني إعادة النظر في آليات التعامل مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، ووضع خطة منهجية لتصعيد المقاومة الشعبية والسياسية والدبلوماسية، وتحميل العالم المسؤولية عن أية تداعيات غير محمودة نتاج السياسيات الإسرائيلية والأمريكية المنفلتة من عقالها في عدوانها المباشر على الحقوق والأهداف الوطنية. آن الأوان لتطوير وتغيير قواعد اللعبة مع جرائم الحرب الجديدة ليدرك الإسرائيليون والأمريكيون قبل دول وشعوب العالم الأخطار الناجمة عن استهتارهم بالحقوق السياسية الفلسطينية. وما لم يرتفع ثمن الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، لن تتراجع إسرائيل ولا شريكتها إدارة ترامب في الحرب عن خياراتهما ضد الشعب الفلسطيني.