1387939
1387939
المنوعات

جائزة السلطان قابوس بمثابة نبراس يحفز الشعوب العربية على الاهتمام بالثقافة والفنون

06 ديسمبر 2019
06 ديسمبر 2019

علي الحجار لـ «عمان» : ازدادت سعادتي كوني أول مطرب يشرف بالحصول على هذه الجائزة الكبيرة -

القاهرة- نظيمة سعد الدين -

وضعه قدره في طريق الموسيقار العبقري الراحل (بليغ حمدي) الذي شاهده يغني في حلقة من حلقات برنامج الموسيقى العربية الذي تقدمه الدكتورة « رتيبة الحفني » ليبعث في طلبه ثم ظل يتدرب معه حوالي سنتين حتى اختار له ( بليغ حمدي ) كلمات الشاعر الغنائي الكبير (عبد الرحيم منصور) أغنية (على قد ماحبينا) لتكون البداية التي قدمه بها للجمهور في حفل ليلة رأس السنة عام 1977..ليتم تكريمه بمنحة جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، فرع الفنون (مجال الطرب العربي).. وكان معه هذا الحوار.

■ كيف كان شعورك بعد إبلاغك بالفوز بجائزة السلطان وكيف تم إبلاغك؟

**بالطبع سعدت سعادة كبيرة وقت إبلاغي بخبر فوزي بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، فهي أكبر جائزة في الوطن العربي تضم هذه المجالات سويا، وهى بمثابة نبراس نرجو أن تحتذى به باقي الدول العربية حتى تحفز شعوبها على الاهتمام بالثقافة والفنون. كما ازدادت سعادتي بكوني أول مطرب يشرف بالحصول على هذه الجائزة الكبيرة.

وكان أول من أبلغني بها الصديق الكاتب حسين عثمان. صباح الإعلان عنها يوم الأربعاء 13 نوفمبر 2019

، بإرساله خبر كتبه الصديق الصحفي محمد عبد الرحمن بموقع « في الفن » وبعدها بدقائق شرفت بمكالمة من الأستاذ الدكتور حبيب الريامي الأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم ليبلغني بأنه أعلن عن فوزي بالجائزة في العاشرة صباحا. ثم توالت الأخبار الصحفية في مصر نقلا عن الصحافة والتلفزيون العماني.

■ وماذا يعني لك فوزك بجائزة عربية كبيرة على مجمل مشوارك الفني؟

**فوزي بهذه الجائزة الكبيرة وضعني بالطبع أمام مسؤولية أكبر تجاه اختياراتي لأعمالي القادمة، ومواصلة مهمة اكتشاف المواهب الشابة في مجالات الغناء والعزف والشعر من خلال مدرسة أسميتها «صوت الموسيقى» لتعليم هذه الفنون ( هذه المدرسة عمرها سبع سنوات لا أتربح منها على الإطلاق ) وحرصي على تقديم هذه المواهب الشابة في حفلاتي الشهرية والصالون الفني الذي أعقده كل شهرين للتعريف بهذه المواهب.

■ ما هو تأثير النشأة الفنية لعلي الحجار عليه الآن؟

**مع بداية وعيي بالحياة تعودت أن أرى والدي « إبراهيم الحجار » يعطي دروسا في الغناء والعزف على آلة العود وأصول التربية الموسيقية لكل من يطلب تعلم الموسيقى. وقد تخرج على يديه أعداد كبيرة من الفنانين أذكر ممن اشتهر منهم الفنان مدحت صالح وأنغام ولطيفة التونسية وعمرو دياب ونادية مصطفى وبالطبع العبد لله وأخي أحمد الحجار، ومنهم من أصبحوا مدرسين وأساتذة في معاهد الموسيقى في مصر وبعض الدول العربية.

■ ماذا تعلم علي الحجار الملحن الكبير الأستاذ إبراهيم الحجار؟

**تعلمت منه أن ترقية الذوق الفني لدى الإنسان تساهم في إجادته لعمله ومعاملاته الإنسانية مع مجتمعه الذي يعيش فيه، وكان يقول لي إن الطبيب الذي يتذوق الفن هو بالضرورة يتفوق على نظيره الذي جفت مشاعره.

وكذلك المدرس والمهندس والعامل والمزارع وكل في مجاله لابد أن يتفوق في مهنته عن نظرائه ممن لا يتذوقون الفنون.

ولذلك ورثت عنه الاهتمام بتعليم الموسيقى لكل من لديه الرغبة، وكذلك حرصت على تكرار تجربة والدي لعظم هدفها.

وكان له أيضا كانت له نصيحتان هامتان لي فيما يخصني كمطرب عندما رغبت في احتراف الفن.. الأولى: عندما سمعني أغني أغنية للموسيقار محمد عبد الوهاب وكنت حريصا على تقليد طريقته في الغناء قال لي: ( حاول تبقى نفسك.. إياك تقلد حد )

والنصيحة الثانية: ( لو عايز تحترف الفن حاول تعمل أغاني تعيش بعد موتك.. ماتشوفش أغانيك بتموت وانت عايش )

■ حرصت من فترة طويلة على حفل الأربعاء من كل أسبوع في الساقية، ماذا استفاد علي الحجار من حفله الشهري بساقية الصاوي؟

**لمدة تزيد على العشر سنوات كان لي حفل الأربعاء الأخير من كل شهر بساقية عبد المنعم الصاوي ( وزير الثقافة السابق رحمه الله ) جعلتني أزداد خبرة بالغناء أمام الجمهور وكيفية اختيار نوعية الأغاني التي يمكن أن تتفق وذوق الحاضرين، كما جعلتني حريصا على عمل أكثر من أغنية جديدة كل شهر حتى لا نشعر بالرتابة أنا وفرقتي الموسيقية والجمهور، كما كبر وتربى معي جيل من الشباب كانوا يأتون صغارا وأطفالا مع ذويهم منذ أكثر من عشر سنوات، الآن أصبحوا شبابا يتذوقون نوعا آخر من الغناء وجدوا فيه ما يناسب وعيهم بأهمية الكلمة مع اللحن والتناول الموسيقى بشكل لا يستهين بعقولهم ولا بأذواقهم.

كما قدمت خلال هذه المدة الكثير من المواهب الشابة العظيمة التي أتمنى أن تهتم بتقديمهم إحدى القنوات الفضائية أو أي جهة إعلامية كبيرة.

■ سبق وقدمت 14 مسرحية.. ألا تفكر في العودة للمسرح بمسرحية غنائية مثلا؟

**قدمت 32 مسرحية غنائية واستعراضية على مدى 42 عاما من احترافي للفن منذ قدمني الموسيقار بليغ حمدي للجمهور عام 1977، وتوقفت منذ عام 2016 وقد عرضت علي سبع مسرحيات منذ هذا الوقت وحتى الآن ولكني أبحث عن نص مسرحي استعراضي يكون مواكبا لمفردات المسرح في الدول المتقدمة الآن ويجب أن تتوفر له الإمكانات المادية التي تتناسب مع العصر.

*ما الجديد لديك وماذا تعد من مشاريع بعد الجائزة؟

**كما ذكرت لك سابقا سأظل أهتم بتعليم الناس الموسيقى وتقديم المطربين والشباب والاستمرار في تصوير «صالون الحجار» الفني الثقافي وسأستمر في البحث عن موضوعات غنائية جديدة في موضوعاتها بتناول موسيقى معاصر فمن المهم أن يظل الفنان متجددا دائما.

■ بعد عملك على مدار 40 عاما هي مدة احترافي الفن نقدر نقول انك راضى عن ماحققت خلال تلك المسيرة؟

**كنت أعمل على مشروع سميته ( ميت سنة غنا ) لتقديم الأغاني التراثية التي يمكن معالجتها موسيقيا بشكل معاصر ليتقبله الشباب ويقبل على الاستماع إليه بداية من محمد عثمان وعبده الحامولي والشيخ سلامة حجازي والشيخ سيد درويش وزكريا أحمد والقصابجي والسنباطي وعبد الوهاب وفريد الأطرش ومحمود الشريف والموجي وكمال الطويل وسيد مكاوي مرورا بكل الموسيقيين العظماء وحتى الموسيقار بليغ حمدي وتقدمت به لوزير الثقافة السابق فاروق حسني مع دراسة كاملة « فنية ومادية وإدارية » لكى يساعدني في إنتاجه عن صندوق التنمية الثقافية التابع للوزارة لكونه مشروع يحتاج إلى تمويل كبير، وكان قد وافق عليه بشكل مبدئي ولكن تعطل المشروع لأسباب لا أعرفها حتى الآن، ولكنى حريص على تقديم أغنية واحدة من التراث في كل ألبوم غنائي لي ( بمعالجة موسيقية معاصرة ) حتى يأذن الله بأن أجد جهة تساعدني في تنفيذ مشروعي.

■ عرفنا الحجار من خلال مشاركاته المميزة في تترات المسلسلات فلماذا لم يظهر علي الحجار في تترات رمضان كما كان ؟ وما تقييمك لتترات مسلسلات رمضان الآن ؟

**موضوع تترات المسلسلات يخضع لرغبة المنتج أو المخرج في اختيار كلمات تتر المقدمة والنهاية للمسلسل والتي أصبحت في معظمها عبارة عن أغنية جميلة ليس لها علاقة بموضوع المسلسل أو محتواه حتى تتحول فيما بعد لمجرد أغنية تقدم للناس عن طريق « الكول تون والرينج تون والديجيتال » لكى يستفيد من أرباحها فيما بعد. وهذا التفكير لم يكن هو الشغل الشاغل للمنتج أو المطرب فيما مضى فقد كان التتر هو عنوان وفاترينة المسلسل لأن توظيفه لصالح العمل الدرامي هو المكسب الأكبر.

■ هل أنت راض عن المشهد الفني في الفترة الأخيرة؟

**دائما ما يحدث بعد الحروب والثورات تغيرات مجتمعية واقتصادية وثقافية في أي بلد تكون هذه المتغيرات في معظمها سلبية, وبالطبع يتأثر بها المواطن بشكل سلبي، وهى تظهر بشكل واضح في المجال الأكثر عمومية وشهرة وهو مجال الفن. والفن هو فاترينة الشعوب ( يقول الفيلسوف والمفكر الألماني نيتشة إذا أردت أن تعرف حضارة أمة فانظر إلى فنها )

- وهذا المتغير السلبي نلاحظه الآن في معظم الدول العربية التي حدثت فيها ثورات ما يسمى بالربيع العربي. ولكن من المعروف أيضا أن دوام الحال من المحال وقانون الحياة هو القانون الهرمى للأشياء.. فالمتغير الوحيد بعد الصعود إلى قمة الهرم هو الهبوط وإذا وصلت إلى قاع القاع فسيكون المتغير بالضرورة هو الصعود. وعلينا ألا نيأس أو نبتئس بسبب الحالة الفنية المتردية السائدة من فنون المهرجانات والتوكتوك وموضوعات الأغاني المغرقة في التدني والتي ينسبوها إلى الفن الشعبي وهو بريء منها لأن الفن الشعبي لابد أن يخاطب الشعب بكل ما هو أصيل ومحترم وبالطبع بطريقة تمتع الناس، لأن فن الأغنية أو الدراما التلفزيونية أو المسرح يجب ألا يفقد مهمته الأساسية وهى المتعة والتسلية.

■ ومن وجهة نظرك هل تأثرت الساحة الفنية بتعدد القنوات الخاصة على الساحة الفنية والسوشيال ميديا ؟

**السوشيال ميديا لها وجهان: السلبي منهما أنها قضت على صناعة بيع الأسطوانات وكانت السبب في إغلاق أكثر من ربعمائة شركة إنتاج كانت تساهم في الدخل القومى للبلاد بداية من البائع حتى عمال طباعة وتغليف الأسطوانات مرورا بعامل الكافيتريا بالأستوديو وأصحاب أستوديوهات التسجيل ومهندسين الصوت والموسيقيين والموزع الموسيقى والملحن والكورال والمطرب والمشتري ومئات العاملين بالمصنفات الفنية ومثلهم بجمعية المؤلفين والملحنين ونقابة المهن الموسيقية.. كل هؤلاء كانوا ينفقون من دخولهم لشراء احتياجاتهم واحتياجات ذويهم وأولادهم مما يساهم في الدخل القومى للبلد. كل هذا الدخل حرمت منه البلاد بسبب السوشيال ميديا التي أصبحت وسيلة سهلة لأي مواطن كي يستمع إلى الأغاني ويشاهد الأفلام بلا مقابل في أي وقت يشاء.

■ هل ظلمت السوشيال ميديا مطربي الجيل الماضي؟

**لها جانب آخر إيجابي استفاد منه الفنانون القدامى بسهولة الحصول على أعمالهم وتعريف جيل السوشيال ميديا من الشباب بهم وكذلك سهولة حصول محبي الفنان على تذكارات منه سواء من الأغاني أو من التواصل معه بشكل شخصي. وبالطبع أصبحت السوشيال ميديا مجالا واسعا رحبا لنشر أعمالهم الفنية وأيضا للجيل المعاصر من الفنانين الشبان.

■ هل ترى أن هناك تقصيرا من الدول متمثلة ■ في وزارة الثقافة والتليفزيون المصري في دعم الفن؟

**عندما كنا نشاهد التلفزيون المصري بقناتيه الأولى والثانية فقط.. اعتدنا أن نتابع بشكل يومي كل ما هو جديد وقديم من الأغاني لجميع المطربين المصريين والعرب في برنامج ( أماني وأغاني ) على القناة الأولى.

وكل ما هو جديد وقديم من الأغاني العالمية يوميا في برنامج ( العالم يغني ). والآن مع تعدد القنوات التلفزيونية الفضائية لا نجد برنامجا واحدا اسمه مع الأغاني العربية أو العالمية.

وكانت هناك لجنة استماع تنعقد مرتين في الشهر لتقييم الشاعر والملحن والمغني ولا يسمح لأحدهم بممارسة مهنته في أي مكان داخل أوخارج القطر المصري إلا بعد اعتماده من الدولة عن طريق هذه اللجنة.

- الآن باستطاعة كل الناس غير الموهوبين في مجال الشعر أن تكون لهم أغاني في الإذاعات والسوشيال ميديا دون أي تقييم من أي جهة معنية، وهو ما أصبح ينطبق على الملحنين والمطربين. وأصبح معظم الناس على السوشيال ميديا نقادا وصحفيين ومصورين ومخرجين وممثلين.

■ ما رؤيتك لما يحدث على الساحة الفنية الآن ؟

لابد أن نرفض فكرة أن الفن يجب أن ينقل الواقع فكل بلد مليئة بنوعيات مختلفة في أخلاقياتها وأسلوب حياتها سواء بالسلب أوبالإيجاب، ووظيفة الفن أن يجمل الواقع لا أن ينقل قبحه وفى حالة رصد الظواهر السلبية لابد من إظهارها بالشكل الذي يجعلها غير محببة للناس.

ومن جهة أخرى نحن نرى في مصر مثلا الإقبال الشديد على الحفلات التي تقام في دار الأوبرا والأعداد الغفيرة التي تذهب إلى مهرجان القلعة ليشاهدوا مطربين كبارا مازلوا يحافظون على الفن الجيد أمثال هاني شاكر ومدحت صالح ومحمد الحلو ومحمد منير وكاظم الساهر وصابر الرباعي ووائل جسار وإيمان البحر درويش وأنغام وأصالة وغيرهم.