عمان اليوم

محكمة القضاء الإداري.. تطور ملحوظ في عامها العشرين

27 نوفمبر 2019
27 نوفمبر 2019

إنشاء قضاء متخصص يُعنى بالفصل في كافة النزاعات والخصومات الإدارية -

«عمان» - لقد حرص جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- منذ فجر النهضة على إعلاء قيم العدالة والمواطنة والمساواة وحكم القانون وتدعيم أركان دولة المؤسسات في إطار الدولة العصرية التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل حكم وسيادة القانون.

واتجهت الإرادة السامية لحضرة صاحب الجلالة -حفظه الله- إلى إنشاء قضاء متخصص يُعنى بالفصل في كافة النزاعات والخصومات الإدارية؛ فصدر المرسوم السلطاني رقم (91/‏‏‏‏99) بإنشاء محكمة القضاء الإداري كجهة قضائية مستقلة تختص بالفصل في عموم الخصومات الإدارية التي حددها القانون، والتي تُعد في حقيقتها نقلة حضارية مهمة في تاريخ التنظيم القضائي بالدولة ورافداً مهماً من روافد دولة المؤسسات والقانون. ولعل النظرة الحكيمة لصاحب الجلالة -أبقاه الله- ارتأت إنشاء قضاء متخصص ومستقل عن باقي المنظومة القضائية في الدولة حتى يتم التعامل مع الخصومات الإدارية بواسطة محكمة متخصصة في هذا الشأن بالنظر إلى الطبيعة الخاصة التي تتسم بها الخصومة الإدارية عن باقي عموم الخصومات القضائية، وبما سيكفل لهذا النوع من الخصومات سرعة الفصل فيها تحقيقاً للعدالة الناجزة في هذا النوع من الأقضية.

وترسيخا لدولة المؤسسات والقانون التي أرسى دعائمها عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وتأكيدا لما نصت عليه المادة (67) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (101/‏‏‏‏96) التي نصت على أن ينظم القانون الفصل في الخصومات الإدارية بواسطة دائرة أو محكمة خاصة، وإيماناً من المشرّع بأهمية وجود قضاء متخصص للنظر في المنازعات الإدارية، فقد أنشئت محكمة القضاء الإداري بموجب المرسوم السلطاني رقم (91/‏‏‏‏99)، لتكون حصناً منيعاً لمبدأ المشروعية، وسيادة حكم القانون، وصون حقوق وحريات الأفراد، وذلك بإخضاع سائر التصرفات الصادرة عن وحدات الجهاز الإداري للدولة لرقابة المحكمة؛ للتحقق من تطبيق أحكام القانون واللوائح والقرارات المختلفة المنظمة لعمل هذه الجهات، ومراعاة الصالح العام الذي يجب أن يكون مقصداً للجهات الإدارية في عملها وتحقيقها لأهدافها التي أنشئت من أجلها، وضرورة سير كافة المرافق العامة في الدولة بانتظام واطراد نحو تقديم الخدمات الأساسية المطلوبة للمواطنين في الدولة.

ومما يجدر ذكره أنه لا يوجد قبل إنشاء محكمة القضاء الإداري جهة قضائية متخصصة للبت في المنازعات الإدارية، وإنما كان الأمر مشتتا لا تحكمه قواعد موحدة، فمنازعات ذوي الشأن مع جهات الإدارة وتظلماتهم من قراراتها وتصرفاتها كان يبت فيها إما عن طريق التظلم إلى ذات الجهة أو إلى مجلس الوزراء أو إلى وزير الديوان أو برفع التماس إلى المقام السامي لجلالة الــسلطان، وهو الأمـــر الذي استوجب أن ينــص الــنظام الأساسي للدولة في المادة (67) منه على أول معالجة قانونية في شأن تنظيم القضاء الإداري في السلطنة، وعملاً بالنص المذكور صدر المرسوم السلطاني رقم (91/‏‏‏‏99) بإنشاء محكمة القضاء الإداري وإصدار قانونها.

ويأتي إنشاء محكمة القضاء الإداري أحد إنجازات النهضة المباركة التي رسّخ جلالة السلطان المعظم -أبقاه الله- أركانها، ورسم طريقها وأهدافها ووضع قيمها المُتزنة، وعاداتها وتقاليدها السمحة، فكانت السلطنة الدولة العصرية التي يشهد العالم بإسهامها الحضاري والفكري وحضورها الفاعل في المحافل الإقليمية والدولية ومنجزاتها التنموية المتحققة على الصعيد الداخلي، والشاهدة على حجم الجهود الحكومية التي بُذلت منذ فجر النهضة المباركة عبر الخطط والبرامج التنموية، والتي كانت ولا تزال غايتها الإنسان والمجتمع.

وقد واكبت محكمة القضاء الإداري آخر التطورات والمستجدات على الساحة القضائية من توفير بيئة قضائية تُحقّق العدالة الناجزة وتسهِّل إجراءات التقاضي وتقريبها إلى جميع المواطنين؛ من أجل كفالة حق التقاضي للجميع، وفقاً للقاعدة العامة التي أقرها النظام الأساسي للدولة والذي أكّد في المادة (25) منه على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ويبيّن القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق وتـكفل الدولة قدر المستطاع تـقـريب جهات القضـاء من المتـقاضين وسرعة الفصل في القضايا.

وشهدت محكمة القضاء الإداري تطوراً ملحوظاً وهي تلج عامها العشرين، سواءً من حيث عدد الدعاوى المسجلة لدى المحكمة أو الأحكام التي صدرت فيها، إذ حرصت محكمة القضاء الإداري منذ بداية عملها في 1/‏‏‏‏12/‏‏‏‏2000م على ممارسة اختصاصاتها المحددة في المادة (6) من قانونها، والتي نصّت على اختصاصها بالفصل في سائر الخصومات الإدارية، الأمر الذي كان له عظيم الأثر في مساهمة المحكمة في تصحيح بعض الممارسات الإدارية، ومعالجة حالات القصور التشريعي، من خلال ما رسّخته من مبادئ وأطر قانونية في كافة المجالات التي تدخل في اختصاصاتها، وقد كان لهذه المبادئ دور ملموس في الارتقاء بمستوى الممارسات الإدارية للجهات الحكومية، وفي مستوى الخدمات التي تقدمها هذه الجهات كذلك، وفي مقابل ذلك ساعدت جهات الإدارة في الالتزام بمبدأ المشروعية في تصرفاتها، وكان لذلك الدور المهم في الارتقاء بدور الجهات الإدارية في الحفاظ على الحقوق والحريات العامة.

وقد حرصت السلطنة على تحقيق الاستقلالية المنشودة لجهات القضاء فصدر المرسوم السلطاني رقم (10/‏‏‏‏2012) في شأن إدارة شؤون القضاء، وبموجبه أسندت مهمة الإشراف على إدارة الجهات القضائية للقضاة أنفسهم وأخرجت من مظلة الإدارة (محكمة القضاء الإداري من ديوان البلاط السلطاني، مجلس الشؤون الإدارية للقضاء من وزارة العدل، والادعاء العام من شرطة عمان السلطانية).

وعلى الرغم من نشأة القضاء الإداري في السلطنة بتنظيمه الحديث وفق منظومة مستقلة عن منظـومة القـــضاء العادي أخذاً بفكـــرة التخصـــص في العمل القضائي، إلا أن تلك الاستقلالية لم تنل من فكرة التكامل الإيجابي للعمل القضائي والتواصل المثمر لجهات القضاء المختلفة لتحقيق مقتضيات العدالة إذ تعمل محكمة القضاء الإداري جنبا إلى جنب مع القضاء العادي الذي يختص بنظر الخصومات التي تقع بين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة كمنظومة قضائية متكاملة، إذ يؤدي كل منهما دوره المنوط به على النحو المحدد لاختصاصه.

وشهـــــــــدت محكمـــــــة القضاء الإداري منذ بداية عملها زيادة مطردة في عدد الدعاوى المنظورة أمامها كما ونوعا، ولا سيما بعد صدور المرسوم السلطاني رقم (3/‏‏‏‏2009) الذي تضمن التوسع في اختصاصات المحكمة بعد أن كانت اختـــــصاصاتها محدودة، وأصبحت المحكمة تختص بنظر الدعاوى التي يقدّمها الموظفون العموميون بمراجعة القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بسائر شؤونهم الوظيفية، وهو الأمر الذي ولّد لدى الموظف العام الشعور بالأمن الوظيـــــــفي، وانعكس إيجاباً على الوظيفة العامة، فضلاً عن اختصاصها بنظر الدعـــــــــاوى التــــــــي يقدّمها ذوو الشأن بمراجعة القـــــــــــرارات الإدارية النهائية، والقرارات النهائية الصادرة عن لجان إدارية ذات اختصاص قضائي، كما تختص المحكمة بالدعاوى الخاصة بالرواتب والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين أو ورثتهم، علاوة على اختصاصها بدعاوى التعويض المتعلقة بالخصومات الإدارية، والدّعاوى المتعلقة بالعقود الإدارية التي تبرمها الجهات الإدارية مع الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة في سبيل ممارسة اختصاصاتها المنوطة بها، وهو الأمر الذي أوجد بيئة ملائمة وجاذبة للاستثمار المحلي والخارجي.

وقد واكبت المحكمة الزيادة المتنامية في عدد الدعاوى نتيجة التنمية الشاملة التي تشهدها السلطنة في مختلف المجالات من خلال سرعة البت في الدعاوى المنظورة أمامها؛ نظراً لما تمتاز به المنازعة الإدارية من ضرورة التصدي بالفصل فيها على وجه السرعة، وحتى لا تكون تلك المنازعات عقبة أمام الجهات الإدارية في ممارسة اختصاصاتها المقررة لها قانوناً، كما أن ضرورة سير المرافق العامة التي تديرها هذه الجهات يقتضي المسارعة في البت في المنازعة الإدارية على نحو لا يخل بإجراءات التقاضي المقررة قانوناً، وصولاً إلى تحقيق الغاية المنشودة من خلال تحقيق العدالة الناجزة، وهو ما دأبت عليه المحكمة منذ إنشائها.

مواكبة للجهود التنموية وتحقيق عنصر سرعة الفصل في الدعاوى

تشهد المحكمة ومنذ بداية نشأتها تزايدا مستمرا في أعداد الدعاوى والطعون المقيدة بها سنة بعد أخرى، وهذا يجري بشكل متسق مع تزايد حجم نشاط المرافق العامة، وتوسع الأنشطة الإدارية والاقتصادية والتنموية، فكلما ازداد نشاط جهات الإدارة وتوسعت المشاريع، وازدادت الحركة الاقتصادية والتنموية في البلاد؛ كلما انعكس ذلك على زيادة في أعداد الدعاوى المقيدة والمنظورة أمام المحكمة، ولا شك أن السلطنة شهدت في السنوات الأخيرة حركة تنموية كبيرة ومتنوعة، وقد استتبع ذلك توسع كبير في نشاطات وتصرفات الجهات الإدارية بمناسبة قيامها بواجباتها الإدارية وإدارتها للمرافق العامة، كما أن التوجيهات الرسمية بتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمارات أدى بدوره إلى زيادة كبيرة في النشاطات الاستثمارية والمالية، وزيادة في المشروعات التنموية، ومشروعات البنى التحتية للخدمات في كافة محافظات وولايات السلطنة، وقد ترتب عن ذلك زيادة كبيرة وملحوظة في أعداد الدعاوى التي تصدت المحكمة للنظر فيها في الطورين الابتدائي والاستئناف، وهو ما استوجب من المحكمة مضاعفة جهودها في حجم الإنجاز والتعامل مع المستجد من الدعاوى وقد تمثل ذلك في الجهود المبذولة لمسايرة ذلك بالتطوير في النظم الإدارية والإجرائية، ولأجله باشرت المحكمة العمل على تحقيق سرعة الإنجاز في تلك الدعاوى من حيث الكم والنوع، وقللت بذلك من تراكم الدعاوى، وتأخر الفصل فيها، وحققت تقدماً في هذا المجال تظهر ثماره بجلاء من خلال العدد القليل للدعاوى المرحلة، وهو ما يتبين منه أن المحكمة حققت إنجازاً في معدل المدة اللازمة للبت في الدعوى من تاريخ القيد وحتى صدور الحكم فيها، وأن معدل البت في الدعاوى يشكل نسبة عالية جداً تضاهي أو تفوق المستويات في أفضل النظم القضائية، ولم يقتصر تقدم المحكمة بشأن رفع القدرة الإنتاجية لها على الدوائر القضائية في مسقط مع اختلاف درجاتها، بل اتسع ليشمل دوائر المحكمة في ولايتي صلالة وصحار، حتى أصبح للأخيرة تقسيم داخلي إلى دائرتين لمواكبة الأعداد المتزايدة للدعاوى ولتحقيق السرعة في تحقيق العدالة الناجزة، وبذلك تكون المحكمة قد عملت بطاقة إنتاجية تبلغ ضعف الطاقة التي عملت فيها في الأعوام السابقة.

وتساهم محكمة القضاء الإداري من خلال الفصل في منازعات العقود الإدارية التي تبرمها مختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة في المحافظة على حقوق والتزامات طرفي العقود المبرمة بشأن المرافق العامة، والعمل على الموازنة بين ما يتمتع به كل طرف من حقوق، وما يترتب عليه من التزامات، ودون الإضرار بالمصلحة العامة التي يسعى العقد الإداري إلى تحقيقها، إذ إن اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر منازعات العقود الإدارية هو اختصاص شامل لما يتفرع عن هذه العقود من منازعات، الأمر الذي يسهم في خلق بيئة استثمار آمنة يشوبها الاطمئنان على حقوق كل طرف من أطراف هذه العقود، ويسهم ذلك في دفع مسيرة عجلة التنمية نحو الأمام والتقدم من خلال جلب مختلف الاستثمارات الاقتصادية للدولة، الخارجية منها والداخلية، كما تساهم المحكمة من خلال الفصل في المنازعات الإدارية التي تقيمها الجهات الإدارية في استرداد ما تم تصرفه بدون وجه حق، الأمر الذي يسهم في المحافظة على الأموال العامة للدولة.

كما تساهم محكمة القضاء الإداري في إرساء المبادئ والقواعد القانونية من خلال تسطريها فيما تصدره من أحكام قضائية مختلفة، والتي تساهم في الكشف عمّا يتطلبه الواقع العملي من ضرورة سد النقص الحاصل في بعض الأنظمة واللوائح الإدارية، وكذلك ضرورة تعديل بعضها الآخر، كما ساهمت المحكمة في الارتقاء بمستوى الممارسة الإدارية من خلال سعي الجهات الإدارية إلى الالتزام بمبدأ المشروعية، والعمل على تلافي التطبيق غير الصحيح لبعض القوانين والأنظمة واللوائح المنظمة لعملها، علاوة على مساهمة المحكمة في إيجاد الحلول العملية لبعض المنازعات الإدارية من خلال الموازنة بين المصالح المختلفة، والعمل على تغليب المصالح الأولى بالرعاية، كـما ارتـــقت المحكـــمة بدورها في الحـــفاظ على الحقوق والحريات العامة من خلال ما تصدره من أحكام بما ينسجم مع المبادئ التي تضمنها النظام الأساسي للدولة والشريعة الإسلامية الغراء والأعراف السائدة في المجتمع، وكذلك من باب أولى مدى توافقها مع أحكام القانون، وتفسير نصوصه، فضلاً عن دورها الملموس في تحقيق الوعي المجتمعي بالحقوق والحريات، وهو ما يظهر جلياً في أعداد الدّعاوى المنظورة أمام المحكمة وتنوعها.

ومن جانبٍ آخر ساهمت محكمة القضاء الإداري في نجاح الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في الدولة من خلال وجود قضاء إداري ناجز يمكّن مرتاديه بشكل سريع من الحصول على حقوقهم وفقاً لما هو مقرر قانوناً، وهذا بطبيعة الحال يُعد متطلباً أساسياً لنجاح الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، ووسيلة فعّالة في جذب الاستثمارات الأجنبية الناجحة، ويساهم بشكل مباشر وغير مباشر في النمو الاقتصادي واستقرار الاستثمارات في البلاد، بما يمثله قضاؤه الناجز من حماية لهذه الاستثمارات والمشروعات الاقتصادية، وبما يحققه ذلك من طمأنة لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين من أنَّ استثماراتهم محميّة من قِبل مؤسسات قضائية تتمتع باستقلالية تامة.

قضاء إداري مستقل

ودور رقابي مميز

إن القضاء الإداري في السلطنة ممثلاً بمحكمة القضاء الإداري يتميز بأنه قضاء مستقل عن منظومة القضاء العادي، في ظل القسط الوافر من الاهتمام والرعاية السامية الذي حظيت به المحكمة من لدن جلالة السلطان المعظم -أبقاه الله- واهتمامه بالقضاء بوجه عام، باعتبار المحكمة جهة قضائية متخصصة وأحد المكونات الأساسية التي تقوم عليها المنظومة القضائية في السلطنة.

وأريد لها أن تكون في منظومة قضاء مستقل عن القضاء العادي حرصا من القيادة الحكيمة على وجود التخصص في الفصل في الخصومات الإدارية على وجه يكرس التخصص الفني الدقيق في الممارسة القضائية، ويكفل السرعة في الإجراءات القضائية، وتحقيق العدالة السريعة والناجزة، وذلك انعكس بجلاء في مساهمة المحكمة في الدور الرقابي الذي تباشره من خلال تصحيح بعض الممارسات الإدارية، وإن المتأمل في الدور الذي باشرته المحكمة منذ إنشائها يتبين له أهمية ما رسخه القضاء الإداري من مبادئ وقواعد قانونية في مجالات مختلفة كان لها الأثر العظيم في تصحيح بعض تلك الممارسات للجهات الحكومية، إذ ساهم دور الرقابة القضائية الذي باشرته المحكمة على تصرفات وقرارات الجهات الإدارية في إطار الدعاوى التي تنظرها، وما رصدته الأحكام الصادرة عنها، في الارتقاء بمستوى الممارسة الإدارية لهذه الجهات ومستويات الأداء التي تقدمها، إذ ساعدت الإدارة على الالتزام بمبدأ المشروعية في تصرفاتها.

كما ارتقت المحكمة بدورها في الحفاظ على الحقوق والحريات العامة، إذ تعد المحكمة بمثابة المعين لجهة الإدارة في تطبيق أحكام القانون، والالتزام بمبدأ المشروعية وإعمال سيادة حكم القانون، إذ عملت على مدى السنوات المنصرمة ومن خلال ما تضمنته الأحكام التي تصدرها في الدعاوى المختلفة على بيان أحكام القانون، وتفسير نصوصه، وإقرار المبادئ القانونية التي تمكن الجهات الإدارية من الاستهداء بها في ممارساتها وأنشطتها اتجاه ذوي الشأن والعاملين لديها.