1378592
1378592
المنوعات

«التراث والثقافة» تنظم ندوة وطنية تعريفية ببرنامج ذاكرة العالم في نزوى

24 نوفمبر 2019
24 نوفمبر 2019

باحثون يتحدثون حول رفع الملفات إلى اليونيسكو والصعوبات في إدراجها لأسباب فنية -

مكتب نزوى : محمد بن سليمان الحضرمي -

نظمت وزارة التراث والثقافة أمس بمركز نزوى الثقافي، ندوة وطنية تعريفية ببرنامج «ذاكرة العالم»، وذلك تحت رعاية سعادة الشيخ الدكتور خليفة بن حمد بن هلال السعدي محافظ الداخلية، وحضور عدد من الباحثين والمشتغلين بالتراث الوثائقي في السلطنة، في بداية الندوة ألقى د. عبدالله بن سيف الغافري رئيس الفريق الوطني المكلف بمتابعة أعمال سجل ذاكرة العالم، كلمة حول هذا البرنامج أكد فيها أن السلطنة سعت منذ فجر النهضة المباركة إلى صون تراثها والحفاظ عليه، سابقة بذلك جهود اليونيسكو وغيرها من المنظمات الدولية، فأنشأت وزارة التراث والثقافة في وقت مبكر، والتي قامت مشكورة بدورها الكبير في صون التراث الوثائقي العماني الزاخر، من خلال جمع المخطوطات والوثائق، وصونها وتبويبها وتصنيفها، ثم عمدت إلى معالجتها وترميمها، كما قدمت خدمة جليلة للتراث العماني بتحقيق نفائس الكتب العمانية، على اختلاف مجالاتها وتخصصاتها، هذا فضلا عن طباعة آلاف العناوين ونشرها، كما شجعت ملاك المخطوطات المهمة والوثائق النادرة على المساهمة بها، بغية الحفاظ عليها من الضياع.

البداية بترشيح ثلاثة ملفات

وقال د. الغافري في كلمته: لقد بدأت علاقة السلطنة ببرنامج ذاكرة العالم في عام 2007م، بترشيح ملفات ثلاثة، وهي: المصحف العماني لعبدالله بن بشير الصحاري الحضرمي، ورسالة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل عمان، وكتاب الأنساب للعوتبي، إلا أنها لم تدرج لأسباب فنية، وفي عام 2012م تم تشكيل الفريق الوطني لمتابعة أعمال برنامج ذاكرة العالم من الجهات ذات العلاقة، والذي تقدم في عام 2014م، بترشيح ملفين اثنين هما: المصحف العماني لعبدالله بن بشير الحضرمي الصحاري مجددا، ومجموعة من الوثائق التاريخية لسجلات الأفلاج العمانية، التي تسمى «نسخ الأفلاج»، وللأسف لم تحظ بالإدراج لأسباب فنية كما جاء بالتقرير النهائي للجنة الاستشارية، لبرنامج ذاكرة العالم باليونيسكو، الذي يؤكد بوضوح الصعوبة البالغة والمعايير المعقدة في إدراج ملفات وثائقية على سجل ذاكرة العالم.

وتحدث الدكتور الغافري عن نجاح إدراج مخطوطة معدن الأسرار في علم البحار، للنوخذة ناصر بن علي الخضوري، في برنامج سجل ذاكرة العالم، كأول مخطوطة عمانية تدرج باسم السلطنة في هذا السجل.

وقال أيضا: إن عدد الدول الخليجية التي استطاعت تسجيل ملفات لها في هذا السجل دولتان فقط هما (السلطنة والمملكة العربية السعودية)، نظرا لصعوبة المعايير المشروطة لقبول الملفات المقدمة من جميع دول العالم، كما أن عدد الدول العربية المسجلة أيضا هي تسعة دول فقط، وقد حقق الفريق الوطني في السلطنة الهدف من تشكيله وهو تسجيل اسم السلطنة فيه، بفضل من الله، وهو الفريق الوطني الوحيد على مستوى دول الخليج العربي.

وأكد الدكتور الغافري في كلمته: العمل الآن جار للتعريف بالتراث والوثائقي العماني، من خلال تقديم الملفات الوثائقية للجنة الاستشارية في منظمة اليونيسكو، كما يقوم الفريق بالمشاركة في الورش التدريبية للتعريف بتراث عمان الوثائقي، وتنظيم ورش وندوات تدريبية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، وما هذه الندوة إلا جزء من هذا التوجيه، سعيا لخدمة تراثنا والإسهام في نقله للأجيال بكل أمانة.

منظومة من المهتمين بالتراث الوثائقي

وفي ختام كلمته قال الدكتور الغافري: إن الفريق الوطني المكلف بمتابعة أعمال سجل ذاكرة العالم استطاع إيجاد منظومة من المهتمين بالتراث الوثائقي في السلطنة، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات ليتم التواصل معهم للاهتمام بهذا التراث والاستفادة مهم، لاختيار عناصر مختلفة لعمل لها ملفات متكاملة متطابقة مع معايير ترشيح الملفات، وصقلها وتعديلها قبل رفعها كملفات مرشحة باسم السلطنة، والعمل جار أيضا إلى تكوين سجل وطني للملفات المرشحة، وتسجيل العديد من أعمال التراث الوثائقي في سجل مكتبة العالم الرقمية. كما تم بث فيلم تسجلي عن كتاب معدن الأسرار في علوم البحار لمؤلفه النوخذة ناصر الخضوري من ولاية صور، بما يتضمنه هذا الكتاب من خرائط ورسومات مهمة، وذكره لموان عمانية قديمة، ومواقع بعضها اندثر بفعل التعمير وتقادم الزمان، وبعضها لا يزال باقيا. ثم بدأت الندوة في جلستين، تضمنت تقديم ست ورقات عمل، حيث تناول الدكتور حميد بن سيف النوفلي، عضو الفريق الوطني لمتابعة برنامج ذاكرة العالم باليونيسكو في ورقته التعريف ببرنامج ذاكرة العالم باليونيسكو، وآلية العمل باللجنة الاستشارية الدولية باليونيسكو، وجهود الفريق الوطني لمتابعة أعمال برنامج ذاكرة العالم.

إدراج مخطوطة معدن الأسرار في علم البحار

كما تحدث عن إنجازات الفريق الوطني التي من بينها إدراج مخطوطة «معدن الأسرار في علم البحار» خلال الفترة (2016 - 2017)، والتعاون مع اليونيسكو في إنشاء اللجنة الخليجية لذاكرة العالم، والمشاركة في مناسبات محلية وإقليمية ودولية، وترؤس اللجنة الخليجية لذاكرة العالم خلال الدورة الأولى (2017 - 2018)، وتقديم محاضرة خاصة بملف معدن الأسرار في علم البحار، وذلك على هامش معرض مسقط الدولي للكتاب 2018م. وتحدث عن المكاسب جراء ترشيح أي عنصر من عناصر التراث الوثائقي على سجل ذاكرة العالم، أهمها كونه يشكل جزءا من تراث العالم، شأنه شأن أنواع التراث العالمي الأخرى، ويؤدي حفظ التراث الوثائقي (رقمياً) إلى زيادة تداوله بين الأفراد وبدون تمييز، ويعزز الوعي بأهمية الحفظ الرقمي للتراث؛ لجهل الأغلب بدور التقانة في ذلك، كما يتيح تقاسم الأفكار الخاصة بالحفظ الرقمي على مستوى العالم، ويوفر شبكة معلومات عالمية منوعة ومتعددة الثقافات تتيح انتفاعاً واسعاً للتراث الوثائقي.

تجارب رفع ملفات التراث

الوثائقي العماني

أما الورقة الثانية فكانت من تقديم الدكتور إبراهيم بن حسن البلوشي من وزارة التراث والثقافة، تناول فيها تجارب السلطنة في رفع ملفات التراث الوثائقي العماني، وعرض فيها خبرته في مجال التعامل مع المخطوطات والوثائق، وتحدث عن ضرورة التعاون بين المواطنين والجهات الرسمية، من أجل الحفاظ على هذه الكنوز، التي أبقاها الزمن، وقد تضيع منا في أي لحظة، ما لم نحافظ عليها، ونضع أيادينا مع الجهات المعنية بحفظ التراث. وقدم منذر بن عوض المنذري من دار الأوبرا عن الخطوات الإجرائية لإعداد ملفات الترشيح، كما تحدث في ورقته حول ورش العمل الوطنية والمتعلقة بهذا الموضوع، تهدف إلى التعريف بفريق ذاكرة العالم، ومهامه وتعميق الوعي بالتراث الوثائقي والعمل على صونه، وتأسيس شبكة من الخبراء والمهتمين والدارسين في مجال التراث الوثائقي، للتشاور مع فريق برنامج ذاكرة العالم بالسلطنة، لاختيار أفضل الملفات والمستوفية للشروط، ومطابقة للمعايير لرفعها إلى لجنة التقييم في برنامج سجل ذاكرة العالم بمنظمة اليونيسكو، وكذلك التعريف بأشكال التراث الوثائقي كالنقوش، والمخطوطات، والوثائق، ومقتنيات المكتبات، وأقراص سمعية وبصرية، وصور فوتوغرافية، وخرائط.

جهود رسمية وشخصية

في حفظ الوثائق

كما قدم زكريا بن عابد الخروصي من هيئة والوثائق والمحفوظات الوطنية ورقة عن جهود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في حفظ الذاكرة الوطنية، تناول فيها ترميم الوثائق، حيث يوجد في الهيئة دائرة مختصة بصيانة الوثائق من أبرز أعمالها القيام بعمليات الترميم والتجليد للوثائق والمخطوطات، وتتم عمليات الترميم وفق أحدث التقنيات المستخدمة في العديد من دور الأرشيف الدولية، كما يوجد بالهيئة أحدث الأجهزة المتطورة التي تعنى بعمليات الترميم.

اما الورقة الخامسة فكانت حول جهود أفراد المجتمع في حفظ التراث الوثائقي، تحدث فيها حمد بن محسن العبري حول تجربته مع مكتبة والده الشيخ محسن بن زهران العبري الأهلية بولاية الحمراء، تحدث في ورقته حول نشأة وتطور المكتبة، والتنظيم الإداري لبيت الحمراء التراثي (المكتبة والمعرض التراثي)، والتسويق الإلكتروني للمكتبة وخدماتها، وأهم الإنجازات التي قامت بها، والصعوبات التي تواجهها، والطموحات والأمنيات المستقبلية لإدارتها، تقع المكتبة في حي «المنيزف» بولاية الحمراء، وقد أنشئت المكتبة عام 1944م، وتحوي كنوزا من المخطوطات الفريدة والكتب الثمينة.

وفي الورقة الأخيرة للندوة تحدث محمد بن سالم المدحاني عن جهوده في حفظ التراث الوثائقي، حيث استطاع أن يجمع آلاف التحف النادرة والمسكوكات والمطبوعات، وتكوين متحف أنموذجي، ولا يزال المدحاني قائما على عمل جمع التحف، ويعد من بين النماذج العمانية التي تعمل على جمع التراث الوثائقي العماني، والحفاظ عليه.