صحافة

الحياة الجديدة :لا قانونية لشرعنة الاستيطان

22 نوفمبر 2019
22 نوفمبر 2019

في زاوية مقالات كتب عمر حلمي الغول مقالاً بعنوان: لا قانونية لشرعنة الاستيطان، جاء فيه:

إعلان وزير الخارجية الأمريكي، بومبيو بشأن شرعنة الاستيطان الاستعماري، ليس جديدا، سبقه إلى ذلك السفير فريدمان، وكذلك باقي أعضاء فريق ترامب المكلف بما يسمى «ملف السلام» غرينبلات وكوشنير. ومع ذلك جاء طرحه في لحظة أزمة حرجة تعيشها دولة إسرائيل الاستعمارية عنوانها عدم تمكن أي من التكتلين الأساسيين (الليكود واليمين المتطرف، وكاحول لافان) في انتخابات 17 سبتمبر الماضية (2019)، والميل لسيناريو الذهاب لجولة ثالثة للانتخابات في مارس القادم (2020). وكأن رئيس الدبلوماسية الأمريكية المبعد عن الملف الفلسطيني الإسرائيلي، أراد أن يسترضي ويمنح بنيامين نتانياهو المتجه بخطى حثيثة نحو السجن حقنة مورفين، أو جائزة ترضية جديدة، لكنها جائزة متأخرة، وتأتي في الوقت الضائع، لا تسمن ولا تغني من جوع، كون رئيس حكومة تسيير الأعمال ماض إلى مصيره المعلوم آنف الذكر، وكل محاولات ضخ الحياة في بقائه في المشهد السياسي، لن تجدي نفعا.

صحيح أن التصريح الجديد لوزير خارجية إدارة ترامب، لم يضف جديدا، ولا يملك شرعنة الاستيطان الاستعماري، لإنه قرار فردي، وخاص بالدولة الأمريكية، ورغم عظمتها، ومكانتها الأساسية في المنظومة العالمية، إلا أنها لا تملك الوصاية على القانون الدولي، ولا على الأقطاب والدول في المنظومة الأممية. غير أن خطورته تكمن في فتح شهية رئيس الحكومة الإسرائيلية في الاندفاع نحو توسيع وتعميق خيار الاستيطان الاستعماري، وهذا ما لمسناه عندما قام مباشرة بعدما أثنى على الموقف الأمريكي القديم الجديد على زيارة المستعمرات في أراضي دولة فلسطين المحتلة، ليؤكد خياره الاستعماري، وفي ذات الوقت يسعى لكسب دعم وولاء قطعان المستعمرين في مواجهة القضاء والسلام على حد سواء وأبناء الشعب العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.

كما أن هذا الإعلان يمثل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي، وتحديا مباشرا لقرارات الأمم المتحدة التي تجاوزت الـ800 قرار من الجمعية العامة ومجلس الأمن، وكان من أبرزها القرار 2334 الصادر في 23 ديسمبر 2016، ويتناقض مع سياسات ومواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة خلال الـ40 عاما الماضية وخاصة بعد توقيع اتفاقية أوسلو 1993. لكن إدارة الرئيس ترامب لم تأبه بالقانون الدولي، ولا بالسياسات الأمريكية السابقة على إدارته.

اضف إلى أن إعلان بومبيو جاء في هذه اللحظة ليصب الزيت على النار المتقدة في الشارع الفلسطيني، ويعزز خيار وتوجهات وقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير في الدورات التالية: الوطني الدورة 23، ودورات المركزي الـ27 و28 و29، التي عنوانها المباشر التحلل النهائي من كل الاتفاقات المبرمة بين منظمة التحرير ودولة الاستعمار الإسرائيلية.

بعد أن باتت الولايات المتحدة زمن الرئيس دونالد ترامب تعمل بمنهجية واضحة وصريحة ومن دون تزويق أو مساحيق تضليلية لتدمير وتصفية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، وهو ما يعني مباشرة رفض أمريكا منح الشعب العربي الفلسطيني حق تقرير المصير، ورفض الاعتراف بأية حقوق سياسية له على ارض وطنه الأم فلسطين، وتكريس قانون «أساس الدولة اليهودية» الذي اقره الكنيست الـ20 في 19 يوليو 2018، والدفع بخيار الترانسفير والفوضى والحرب، وليس نحو خيار الدولة الواحدة. لأنه يرفض من حيث المبدأ أية حقوق فلسطينية، ويرفض أسوة برفض اليمين الصهيوني المتطرف والفاشي خيار الدولة الواحدة.

وعليه فإن العالم ككل مطالب باتخاذ مواقف واضحة وحازمة اتجاه هذا الإعلان انسجاما مع قرارات الشرعية الدولية وحمايتها.