نوافذ :لا يوجـد جـمـهـور بـلا قضـيـة..؟!
أحمد بن سالم الفلاحي -
تطرح قضية الجمهور في كثير من اللقاءات، على أنها قضية لها أبعاد مختلفة: قضية اجتماعية، قضية ثقافية، قضية سياسية، قضية اقتصادية، وفي كل مناخ من مناخات هذه القضية تظل هناك خصوصية ما، تحدد المستوى الكمي والنوعي في ذات القضية، ولذلك يبقى من الصعوبة بمكان تعميم المشكلة؛ إن كانت هناك مشكلة ما؛ في ذات القضايا الآنفة الذكر، وحتى يمكن الجزم في قضية ما كـ «مشكلة» لا بد عندها من إخضاع القضية للدراسة، لأنه، ووفق المنهج العلمي، لا يمكن الجزم بأن كانت هناك قضية، أم لا، وخاصة عند أصحاب القرار، لأنه؛ ووفق النتائج التي سوف تسفر عنها الدراسة، يمكن عندها اتخاذ الحلول العلمية للحد من نمو القضية، أو من إيجاد بدائل قادرة على تنمية عوامل موازية من شأنها أن تدعم الحلول، ولا تترك فرصة النمو لتداعيات أكثر في ذات القضية، وهذه صورة عامة لمجمل القضايا في حالة نشوئها.
ومجمل القضايا التي تعيشها المجتمعات لا تخرج عن الجوانب الأنفة الذكر، وتظل كذلك على نسبيتها في التأثير والتأثر، وفقا للأهمية التي تشكلها في وسط المجتمع، ويظل الجمهور الممثل لأية قضية، هو المقياس الذي يمكن القياس عليه في أن هذه القضية مهمة، أو لها شأن ما في هذا التوقيت بالذات، أكثر من غيرها، وينظر إلى هذا الجمهور الممثل لقضية بكثير من الاهتمام، سواء من جهة النوع (رجل/ أمرأة) أو من حيث العمر (كبار/ صغار) أو من حيث السكن والإقامة (مدن/ قرى) حيث توضع هذه كمقاييس، خاصة عند وضع الحلول، ولا يمكن وضع الحلول والعلاجات بناء على رؤى وأحكام ارتجالية عامة؛ وغير ممنهجة؛ وإلا عد ذلك نوعا من ضياع الوقت، وهدر المال العام، وتعطيل المعرفة، والقفز فوق تراتبية الأشياء، وسياقاتها العامة.
وقضية الجمهور؛ قضية أزلية؛ قرأنا عنها، وعايشنا فصولها: قربا أو بعدا، عبر وسائل الاتصال الحديثة، وكما كانت، فلا تزال متأججة في محاطاتها المختلفة، وفي عناوينها الكثيرة، وفي أهدافها المتنوعة، وفي مشاريعها المتميزة، لأن الجمهور قطاع عريض متعدد المشارب، والمطالب، تسيطر عليه «المزاجية» ويخضع كثيرا لنداء الأغلبية «جمهور القطيع» ومن الصعوبة بمكان أن يتوحد تحت عنوان واحد فقط، ولا يمكث طويلا حتى يتشعب إلى فئات، ويتفرق إلى فتات، فلا يمكث أن يزول؛ وهذه إحدى صفاته المهمة والمعروفة.
تأتي الثقافة؛ وهي من العناوين المشروعة المعبرة عن حقيقة جمهور، وقضيته، والقضية الثقافية في مشروع الجمهور، قضية على قدر كبير من الأهمية، لأن الثقافة تتداخل مع كل القضايا التي يطرحها الجمهور، ولا يمكن؛ بأي حال من الأحوال؛ فصل الـ «ثيمة» الثقافية عن أي مشروع تتخلله قضية جمهور ما، وهذه حقيقة من الحقائق الوجودية للقضايا، ولا أتصور أن ذلك غائب عن كثير من الناس، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإنني أشير هنا إلى إحصائية نشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات يوم الأربعاء الماضي 2/11/2019م، عن جمهور المسرح في السلطنة، نصت على: «أن المسرح العماني قدم: «(157) عرضا مسرحيا في السلطنة في عام 2018م، مرتفعا بنسبة (18.9%) مقارنة بعام 2017م، حضرها (95.282) متفرجا؛ بانخفاض (35.5%) مقارنة بعام 2017م»- انتهى النص - هذه إحدى المؤشرات المهمة لجمهور يتعاطى مع جانب من جوانب الحياة العامة، وينظر إليها كقضية مهمة في عنوانها، وفي جمهورها، ولا شك أن هناك مؤشرات كثيرة لقضايا كثيرة؛ هي تشغل جانب من جوانب اهتمامات جمهور ما، نرجو من أبناء المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن ينيروا رؤية الجمهور العام في السلطنة حول حقيقتها، فالجمهور اليوم غير جمهور الأمس، وقضاياه غير قضايا الأمس.