800
800
المنوعات

النوفلي: إدراج «أبو مسلم البهلاني» بـ«اليونسكو» له انعكاسه العميق على المشهد الثقافي في السلطنة

20 نوفمبر 2019
20 نوفمبر 2019

أعمال تلفزيونية وأفلام كرتونية لتعريف الناشئة بإنتاج الشخصيات العمانية المؤثرة عالميا -

حــــــــاوره : سالم بن حمدان الحسيني -

مع إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» إدراج الشاعر العماني ناصر بن سالم الرواحي الملقب بـ «أبي مسلم البهلاني» ضمن الشخصيات المؤثرة عالميا بمناسبة الذكرى المئوية الأولى على وفاته خلال انعقاد أعمال الدورة الـ40 للمؤتمر العام للمنظمة بباريس‬، باعتباره شاعراً ورائداً لصحافة المهجر له انعكاسه العميق على المشهد الثقافي في السلطنة كشف د. حميد بن سيف النوفلي مدير دائرة قطاع الثقافة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم أن الساحة الثقافية العمانية سوف تشهد قريبا إقامة ندوات علمية يشارك فيها متخصصون من داخل وخارج السلطنة، وسوف تتبنى بعض المؤسسات ترجمة أعمال أبي مسلم البهلاني إلى عدة لغات، مشيرا إلى أن هناك قنوات إذاعية بدأت في ترجمة بعض أعماله إلى اللغة السواحيلية واللغة الألمانية.

وأكد النوفلي أن هناك توجه لإبراز أعمال الشخصيات التاريخية العمانية المدرجة ضمن برنامج اليونسكو على شكل روايات وأعمال درامية وفنية وتلفزيونية، وأيضا إنتاج أفلام كرتونية.. وأشار في حوارنا معه إلى أن اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم تعمل حاليا على مشاريع مشابهة منها مشروع «أعلام عمان عبر الزمان» و«دراسة الشخصيات العمانية المشتغلة بالتجارة والصناعة» وهما مشروعان وطنيان لهما أهداف وطنية سامية.. المزيد من ذلك في نقرأه في الحوار التالي:

■ ما دلالات إدراج أبي مسلم ضمن الشخصيات المؤثرة عالميا باليونسكو؟

دلالات إدراج شخصية أبي مسلم ضمن الشخصيات المؤثرة عالميا باليونسكو دلالات مهمة لابد أن نقف حيالها، ومن أهم هذه الدلالات أن هذا الإدراج يمثل اعترافا من أعلى منظمات العالم في مجال التربية والثقافة والعلوم وهي اليونسكو اعترافا بإبداع شخصية أبي مسلم البهلاني وتقديرا من هذه المنظمة ومن الأسرة الدولية بشكل عام للإسهام الكبير الذي قدمه أبو مسلم البهلاني في مجال الشعر وفي مجال الصحافة لاسيما وانه كان رائدا لصحافة المهجر، فأبو مسلم البهلاني حقيق بأن يكرّم وأن يقدّر هذا التقدير العالمي، كذلك من الدلالات التي ينبغي أن تذكر في هذا المجال أن أبا مسلم أصبح في مصاف كبار مبدعي العالم، فلذلك يجب أن نلتفت إلى هذا الأمر، ولا ننظر إلى أبي مسلم على انه شخصية مجردة من الإبداع، بل هو بالفعل من مبدعي العالم.

■ ما أثر هذا الإنجاز على الساحة المحلية، وبلادنا الحبيبة تعيش غمرة احتفالاتها بالعيد الوطني المجيد؟

لا شك أن هذا الإنجاز يأتي في توقيت وطني مهم جدا، حيث تعيش البلاد في غمرة فرحتها بالعيد الوطني التاسع والأربعين المجيد أعاده الله على جلالته وعلى الشعب العماني بالخير واليمن والبركات، وهذه الأيام هي أيام مباركة، فمثل هذا الإنجاز الكبير لا ريب أن له تأثير كبير على المشهد الثقافي العماني وعلى الساحة المحلية بشكل خاص لأن العمل على هذا الملف قد تكلف وقتا طويلا وجهدا مضنيا، فمنذ أكثر من سنتين ونحن نعمل على هذا الملف فيأتي الإنجاز في هذا التوقيت الأمر الذي ضاعف فرحتنا في هذه الأيام النوفمبرية المجيدة.

شخصيات سبق إدراجها

■ ما هي الشخصيات العمانية المدرجة سابقا في هذا البرنامج العالمي؟

هذا الإنجاز يأتي استكمالا لجهود السلطنة السابقة في إدراج أربع شخصيات عمانية مؤثرة عالمياّ على لائحة برنامج الذكرى الخمسينية أو المئوية للأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالمياً، وهي: عالم اللغة الكبير ومؤسس علم العروض الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي أدرج عام 2006 م، والطبيب والصيدلاني راشد بن عميرة، أدرج عام 2013م، والموسوعي والمصلح الاجتماعي الشيخ نور الدين السالمي الذي أدرج عام 2015م، وكذلك الفيزيائي والطبيب العماني أبو محمد الأزدي المعروف بـ «ابن الذهبي» وأدرج عام 2015م.

■ ما هي المعايير التي تتبعها اليونسكو في إدراج الشخصيات المؤثرة عالميا؟

اليونسكو تتبع عددا من المعايير وهي معايير معقدة نوعا ما ومن تلك المعايير: أولا أن تكون الشخصية قد فارقت الحياة باعتبار أن هذا البرنامج لإحياء ذكرى هذه الشخصية، والمعيار الثاني أن يمر على وفاة أو ميلاد هذه الشخصية التي يراد إدراجها 50 عاما أو 100 عام أو مضاعفات العدد 50، أما المعيار الثالث وهو مهم جدا وهو أن يتجاوز تأثير إبداع هذه الشخصية حدود الوطن، بحيث لا يكون فقط ذلك التأثير في نطاق الوطن، بل لابد ان يتعدى حدود الوطن لشعوب وحضارات وأمم أخرى تأثرت بهذا الإبداع حتى تصبح هذه الشخصية مبدعة عالميا بالفعل، كذلك هناك معيار آخر وهو أن يكون الإبداع في المجال الثقافي والفكري لأن المنظمة المعنية بهذا الموضوع هي منظمة ثقافية وفكرية، وبالتالي استبعاد الشخصيات المبدعة في المجال السياسي والمجال العسكري لأن ذلك ليس من اهتمامات المنظمة.

■ هل من جهود أخرى مشابهة لهذا العمل تقومون بها؟

تعمل اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم أيضا على مشاريع مشابهة لهذا المشروع الذي يتصل مع اليونسكو وهو مشروع عالمي، وهناك مشروعات على الساحة المحلية من ضمنها مشروع «أعلام عمان عبر الزمان» نعمل عليه هنا في نطاق اللجنة الوطنية ونهدف أيضا إلى إبراز هذه الشخصيات حيث نطبع كتيبات عنها بعد ذلك عملنا على مشروع بالتعاون مع مجلس البحث العلمي وهو مشروع «دراسة الشخصيات العمانية المشتغلة بالتجارة والصناعة» وهو مشروع وطني وله أهداف قيمة جدا وأهداف وطنية سامية.

ردود الأفعال

■ ما هو انعكاس إدراج الشخصيات العمانية المؤثر عالميا على المشهد الثقافي بالسلطنة؟

لا شك أن لإدراج هذه الشخصيات العمانية على هذا السجل العالمي الرفيع وهو برنامج اليونسكو للأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميا انعكاس عميق على المشهد الثقافي في السلطنة، وأضرب على ذلك مثالا بسيطا وهو فور إعلان خبر إدراج شخصية أبو مسلم تلقينا العديد من المكالمات ومن ردود الأفعال من نخب مثقفة في الساحة المحلية وحتى من خارج السلطنة، وكذلك من مؤسسات أبدت استعدادها لأن تقيم ندوات حول أبي مسلم، بل إن بعض المؤسسات تعتزم على أن تعقد مؤتمرا كاملا حول شخصية أبي المسلم العام المقبل 2020، وهذا بلا شك سوف يفتح الباب للباحثين لإعادة النظر في تراث أبي مسلم وتحليل قصائده وإعادتها إلى المشهد من جديد، كذلك نتوقع أن تبادر بعض المؤسسات الرسمية في الدولة بإعادة طباعة تراث أبي مسلم من الدواوين ومن الكتب باعتبار أن أبي مسلم لم يكن شاعرا فحسب بل كان فقيها وكان قاضيا وكان شاعرا وكان صحفيا كذلك، فهذا التنوع الكبير في إسهام وفي إبداع أبي مسلم لا شك انه سينعكس على هذا المشهد، وبالتالي نتوقع بإذن الله في قادم الأيام وفي الذكرى المئوية لوفاته حيث إنه توفي في عام 1920م فعاليات كثيرة جدا تثري المشهد الثقافي العماني، حيث ستقام الندوات العلمية يشارك فيها متخصصون من داخل وخارج السلطنة إسهاما في رفد كل ما يتعلق بأبي مسلم ورفد الساحة بهذا الموضوع العظيم. كذلك نتوقع ان تقوم بعض المؤسسات سواء كانت رسمية أو أهلية او خاصة بترجمة أعمال أبي مسلم إلى لغات أخرى، ومن المبادرات الآن هناك بعض القنوات الإذاعية بدأت بالفعل وشرعت في ترجمة بعض ما يتعلق بأبي مسلم إلى اللغة السواحيلية وكذلك إلى اللغة الألمانية.

■ هل لنا أن نقف على الجهود المستقبلية لديكم في هذا الشأن؟

نعم لدينا هناك رؤية لاستكمال العمل في إبراز الشخصيات العمانية ليس فقط في الساحة المحلية وإنما إلى الساحة العالمية بحيث تكون شخصيات مؤثرة عالميا، واللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم أخذت على عاتقها أن تقوم بهذا الجهد، بالتعاون مع المؤسسات الأخرى في الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وكذلك على مستوى الأفراد من الباحثين والعلماء وغيرهم، وهذا أمر نراه واجبا علينا، ونتخذ قضية بناء شراكات في هذا الموضوع حتى يكون العمل وطني بامتياز، مشيرا إلى أن هناك جهودا أخرى سوف نكمل الطريق كما اسلفت في هذا المشروع، وهو مشروع «الشخصيات العمانية المؤثرة عالميا»، والمشروع الآخر وهو مشروع «سلسلة أعلام عمان عبر الزمان».

أهداف وطنية

■ ما الغاية الكبرى من إدراج شخصيات عمانية باليونسكو؟

بطبيعة الحال نحن نهدف من ذلك إلى غاية كبيرة جدا نأمل أن نحققها من خلال هذه الجهود، وهي ان نقدم للناشئة نماذج من إبداعات الأجداد والأسلاف في جميع مجالات الحياة في الأدب وفي الثقافة وفي العالم وفي التجارة وفي الصناعة، وفي كل المجالات وهي جهود بسيطة في حق الوطن، فالإنسان العماني قدم الكثير ليس فقط لعمان فحسب بل وللحضارة البشرية بشكل عام، فعندما نتذكر جهود أحمد بن ماجد والمهلب بن أبي صفرة وناصر بن مرشد وسلطان بن سيف وسيف بن سلطان والإمام الصلت بن مالك وكذلك ابن عميرة وابن الذهبي والإمام نور الدين السالمي نجد ان العمانيين لم يكونوا لعمان فقط وإنما كانوا للعالم وللبشرية جمعاء، وبالفعل فقد استفادت البشرية من هذه الجهود الكبيرة في مختلف المجالات، في الفلك وفي الطب وفي الملاحة وغيرها من المجالات، وهذا الهدف هو الذي نسعى إليه وهو ان نقدم هؤلاء العظماء حتى تكون أعمالهم وإنتاجهم في ايدي الناشئة أبناء اليوم ورجال الغد بحيث تكون على شكل روايات وأعمال درامية وفنية وتلفزيونية، وأيضا من خلال إنتاج أفلام كرتونية لشخصيات تاريخية عمانية حتى يسهل عليهم استيعاب تلك الجهود وتلك الإبداعات التي قام بها أولئك الأسلاف، وهذا أمر مهم جدا، كذلك نفتح الباب للباحثين لكي يقوموا ببحوث حول هذه الشخصيات وحتى تكون لهؤلاء الباحثين أيضا بصمة في رفد الساحة العلمية ببحوث علمية رصينة تتحدث عن هذه الشخصيات، بحيث تكون تلك البحوث مراجع علمية فيما بعد للباحثين من بعدهم سواء من داخل السلطنة أو من خارجها، كذلك نهدف من ذلك الى إثراء المحتوى للمنصات الإلكترونية للمؤسسات الحكومية والخاصة بمادة علمية موثوقة عن «شخصيات العمانية عبر التاريخ»، لأهمية ذلك حيث اصبح العالم اليوم بأكمله وكأنه قرية صغيرة وبمكان أي إنسان في أي منطقة في العالم أن يبحث عن أي شخصية او عن أي موضوع علمي من أي مكان، وبذلك نقدم للباحثين من خارج البلاد لهم معلومات عن هذه الشخصيات العماني، وبالتالي نسهم في إبرازهم على المستوى العالمي.

تضافر الجهود

■ كلمة أخيرة تقولها بهذه المناسبة؟

نحن نتابع ما هو موجود في الساحة، ولكن نأمل أن تكون الجهود اكثر سواء كانت على الساحة الإعلامية او حتى على الساحة التعليمية في المدارس نأمل أن تضم المناهج الدراسية المزيد من هذه الشخصيات بالإضافة إلى الشخصيات الموجودة فعلا الآن في المناهج نريد أن تتضافر جهود جميع المؤسسات في كشف النقاب عن الكثير من الجوانب التي ربما تكون مخفية عن هذه الشخصيات، باعتبار أن هذا العمل هو عمل وطني وليس محصورا في مؤسسة او في باحث معين، وهكذا عندما تشترك هذه المؤسسات جميعها يكون العمل فيه نوع من التكامل، ومن الجودة كذلك، فندائي إلى كل مهتم بالشأن العماني وبتاريخ عمان وتاريخ أهل عمان عليه أن يبادر وأن يسعى وأن يقدم ما لديه ويضيف ما لديه حتى نترك بصمة لهذا الوطن المعطاء.

يشار إلى أن إدراج الشاعر العماني الكبير أبي مسلم جاء تتويجاً للجهود التي بذلتها وزارة التربية والتعليم ممثلةً في اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، والمتمثلة في اختيار الشخصيات التي تنطبق عليها معايير اليونسكو بالإضافة إلى إعداد ملف الترشيح بشكل متكامل مع مراعاة الجوانب الفنية المطلوبة. وتم اختيار أبي مسلم البهلاني باعتباره شاعراً ورائداً لصحافة المهجر في زنجبار، وكان تأثيره عالمياً تجاوز حدود الوطن ليصل إلى أجزاء كثيرة من الوطن العربي وشرق أفريقيا. وبذلك يخلد اسم شاعر عمان الكبير في قائمة مبدعي العالم. ويهدف هذا البرنامج إلى إبراز الإسهام الفكري والفني والإبداعي لرموز الإبداع في العالم لاسيما أولئك الذين لا يقتصر تأثير إبداعاتهم الفكرية في نطاق أوطانهم؛ إنما يتعداها إلى دول أخرى، وتستفيد البشرية من إسهاماتهم وعلومهم. وقد تم اعتماد هذه الشخصية من خلال اللجنة الإدارية والمالية والعلاقات الخارجية باليونسكو.