aasim
aasim
أعمدة

مجدك الذي تجلى على صفحة البحر

19 نوفمبر 2019
19 نوفمبر 2019

عاصم الشيدي -

[email protected] -

فرحت عُمان أمس كلها لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم-حفظه الله- عندما رأى حلمه اتجاه عمان وقد تحقق واقعا ملموسا على الأرض.. فرحت عمان لأن جلالة السلطان رأى مجد بلده يمتد من تاريخها العريق إلى حاضرها الزاهر عبر مشهد استدعته ضرورة اللحظة الراهنة وتفاصيلها وأن شعبه الذي راهن عليه من أول يوم لم يخذله أبدا في مسيرة البناء والتعمير من أجل استعادة أمجاد عمان.

فرحتُ أمس عندما رأيت جلالة السلطان شامخا وسط عرين قواته المسلحة، يرد التحية العسكرية على أبنائه حماة العرين بنفس الروح التي بدأت في مطلع سبعينات القرن الماضي، وبنفس الصرامة التي تســــتوجبها العسكرية من دقة وانضباط.. فرحتُ وفرحتْ عُمان لأن مثــــــــل هذا المشهد يبعث الطمأنينة في القلوب على الوطن وعلى السلطان وعلى المسيرة المباركة.

كانت نظرات السلطان تتجه ناحية طابور العرض الذي يهزّ الميدان فيتحول جزر البحر إلى مدّ، وهدوء الرمال إلى تحرك واستنفار.. لكنّ المشهد أمام تلك النظرة كان أكثر اتساعا من ساحة العرض المحدودة، كان المشهد أمام جلالة السلطان يكبر باتساع التاريخ، وبمساحة عددية تتجاوز أكثر من عشرة آلاف سنة هي عمر هذا الوطن الراسخ والزاخر بالمنجزات الإنسانية والحضارية التي صنعت اليوم توازنا مهما في الشخصية العمانية وأعطتها حصانة قوية ومزيدا من الثقة للمسير نحو المستقبل، وكانت المفردات التي شكلت المشهد في الميدان قادرة على استدعاء المخيلة واستدعاء التاريخ بشواهده التي لا تنطفئ لرسم صورة عُمان الأكبر، فالبحر الحاضر في المشهد كان على الدوام شاهدا على تاريخ عمان وأمجادها، بل كان ساحة واسعة لذلك التاريخ، ووجود اسم «سعيد بن سلطان» الذي حملت القاعدة البحرية اسمه جدير باستعادة مجد وفخر لا ينتهي أبدا، والنجاح الكبير الذي حققه العرض بكل تفاصيله مدعاة لاستذكار قدرات الإنسان العماني في المساهمة في صناعة التاريخ، سواء كان ذلك على المستوى العسكري أو على المستوى المدني إبداعا وتميزا في مختلف المجالات الإنسانية والعلمية. ولذلك فرحت عُمان كلها للسلطان لأنه رأى المجد الذي تحدث عنه وبشر به في أول خطاب وجهه للعمانيين بعد توليه مقاليد العرش وقد تحقق واقعا لا مراء فيه ولا جدال عندما قال، أعزه الله «كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي»، وعمل السلطان ومن ورائه عُمان كلها باتحاد وتعاون خلال نصف قرن، واستعادت عمان محلها المرموق ليس في العالم العربي فقط ولكن في المشهد العالمي. تمنيت لو استطاعت الكاميرا التي نقلت لنا الحفل، باحترافية، أن تلتقط اللحظة التي ابتسم فيها السلطان عندما أدرك أن مشروعه لعمان قد تحقق، وأن ما كان حلما في عام 1970 تجاوز حتى حدود الحقيقة التي لا جدال بعدها. أنا على يقين تام أن ابتسامة الفرح تلك حضرت خلال العرض وحملت دلالتها التاريخية التي تزيدنا فرحا اليوم وثقة وإنْ لم تلتقطها عدسة الكاميرا.

فرحتْ كل عمان أمس لك لأن السماء كانت تبارك مسيرك، والمجد كان رفيقا لك ومؤيدا، ومن باركته السماء لم يُضِمْهُ التاريخ أبدا.

فرحتُ لك يا مولاي أمس عندما أوقدت أول مشاعل النور نحو اليوبيل الذهبي لمسيرتكم الظافرة.. عُمان كلها معك من أجل ذلك المجد المنتظر.