إشراقات

المرأة ودورها في تماسك الوطن

14 نوفمبر 2019
14 نوفمبر 2019

مروة بنت مرهون السيابية -

لا يخفى علينا كيف تطورت دولة الإسلام وانتشرت في شتى بقاع الأرض، وكيف كان لأبناء الأمة الإسلامية رجالًا ونساءً وشيبًا وشبانًا في وصول دولة الإسلام إلى ما وصلت إليه من رقي وازدهار ونمو حضاري وثقافي وإنساني، فمنذ مجيء الإسلام المرأة والرجل يشكلان ركيزة المجتمع الإسلامي مع اختلاف دور كل واحد منهما عن الآخر، وباستعراض التاريخ الإسلامي منذ نزول الوحي نجد إن المساهمة في البناء الحضاري لأمتنا كان يتم بالتعاون بين كل مكونات المجتمع الإسلامي رجالًا ونساء، فلا يستطيع أحد أن يجادل في أهمية دور المرأة المسلمة في المجتمع، والمرأة بطبيعة الحال التي تدرك حقيقة دورها وتلتزم بواجباتها وتحرص على ممارسة حقوقها إنما تؤثر في حركة الحياة في وطنها تأثيرًا بالغًا يدفع به إلى مزيد من التقدم والرقي وملاحقة الركب الحضاري على مستوى المجتمعات الإسلامية والعالم أجمع، فما هو الدور المطلوب من المرأة العمانية من أجل إنجاز وعد الله تعالى في تعزيز النجاح والنمو والازدهار لمسيرة النهضة المباركة في وطننا الغالي عمان، وحتى تكون المرأة التي تمثل نصف المجتمع المؤثر واعية بأدوارها ومتسلحة بالقدر الملائم من المعرفة والثقافة والخبرات والقدرات والمهارات الفنية والحرفية وغيرها، لابد لها من إعداد وتربية يكون لها الأثر الفعال في بناء وتكوين شخصيتها، وممارسة مهامها في المجتمع وتوجيه الطاقة الإنسانية الوجهة البناءة، ونحن نتحدث عن الدور المأمول من المرأة في نهضة المجتمع وهي اللبنة الأولى في بناء الأمة، وللمرأة دور رئيس في الأسرة لا يمكن بحال من الأحوال تغريبه، فهي تقوم بدور حيوي في الحياة من إنجاب الأطفال وتنشئتهم ورعايتهم حتى يكونوا رعاة للوطن وحماة له بسواعدهم وجدهم واجتهادهم ومثابرتهم وعزمهم يقوم الوطن ويزهر ويرتقي، بل إن المطلوب من المرأة العمانية كمسلمة أن تعي وظيفتها الوجودية التي وجدت لأجلها في الحياة الدنيا، وهي الاستخلاف في الأرض.

ومما يجدر الإشارة إليه أن المرأة تساهم في تطوير المجتمع وبناءه فكريًا وماديًا وأخلاقيًا من خلال تربية الأبناء وتوجيههم، حيث إن من الواجب على كل امرأة عمانية أن تحافظ على تماسك الوطن، وتعمل على تنميته، وتسعى إلى ازدهاره، فحب الوطن يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأفعال الأفراد وتصرفاتهم، وليس فقط بالشعارات والأقوال والهتافات، وعليه يجب على المرأة العمانية من منظور ديني أن تظهر حبها لوطنها بالالتزام بالقوانين والأنظمة والمحافظة والحرص على سلامة ممتلكات الوطن وأيضًا وتحافظ على أموال الوطن وثرواته وتعمل على نشر الأخلاق الفاضلة وتتحلى بها أولًا، فهي القدوة الأولى، ولها المساهمة الإيجابية بالقول أو الفعل أو الفكر أو أي وسيلة تؤدي إلى خدمة الوطن ورفع منزلته، فحين تتكاتف النساء العمانيات مع بعضها البعض ومع أشقائهن الرجال دون عصبية وتباغض وتنافر يؤدي ذلك إلى وحدة أفراد المجتمع وارتفاع مكانته.

والوطن من المعاني المرتبطة بحب الأوطان في الإسلام وتربية الأبناء على تقدير خيرات الوطن وثرواته والمحافظة على مرافقه، لابد على المرأة العمانية أن تشعر بشعور فضل الوطن عليها بعد الله تعالى بأن تقابل الإحسان بالإحسان، وذلك من تعاليم الإسلام، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»، هذا الوطن نعمة وهو نعمة غالية بحد ذاتها، فهناك من ليس له مأوى، وهناك من يعيش الخوف في وطنه ونحن نعيش في ظل وطننا في أمن وأمان ونعمة وازدهار، حيث قال صلى الله عليه وسلم: « من أصبح آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، معافى في جسده، فقد حيزت له الدنيا» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الوطن والاستقرار بين الأهل نعمة عظيمة يجب شكر الله تعالى عليها، وعلى المرأة العمانية المربية على تعاليم الإسلام الحنيف أن يكون لها دور عظيم في إصلاح المجتمع، وفي نشر الوعي، وترسيخ العقيدة الصحيحة، والعلم وإصلاح الفرد والمجتمع، وهي المربية والمعلمة والقدوة في وطنها عمان، واليوم بفضل الله تعالى، ثم ما أولته الحكومة، نالت المرأة العمانية الكثير من الامتيازات والمراتب التي تمكنها من المشاركة مع الرجل في التنمية والنهضة الحديثة بالسلطنة، فبالشريعة الإسلامية والقيم العربية السامية الأصيلة والأخلاق الحميدة أصبحت المرأة العمانية عالمة وقيادية ومؤثرة، ولها دور بارز في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولقد برز الكثير منهن، وتم تكريمهن في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.

وأخيرًا لا يسعنا في ختام هذه الكلمات العابرة إلا أن نقول إنه لابد أن تتكاتف جهود النساء في خدمة عمان وإرشاد بنات جنسهن إلى التوعية بما ينفع الوطن وصلاحه وصلاح أبنائه في إطار ونسيج ديني محلى بعبق من السماحة والبهاء والعفة والكرامة والنزاهة.