صحافة

نيوزويك :هل يمكن لملياردير أن يشتري الانتخابات ؟

12 نوفمبر 2019
12 نوفمبر 2019

عرضت مجلة النيوزويك لتداعيات التقارير التي أفادت بأن المليادير الأمريكي مايكل بلومبرج ، عمدة نيويورك الأسبق ، يدرس جديا خوض سباق المنافسة على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية 2020 وأن عددا من أبرز المرشحين الديمقراطيين اعتبروا أن رجل الأعمال الثري يحاول «شراء الانتخابات».

ونقلت المجلة عن السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز المرشح الرئاسي قوله في حشد انتخابي لأنصاره في ولاية آيوا «إننا نقول اليوم لمايكل بلومبرج وسائر المليارديرات ، معذرة ، لن تشتروا هذه الانتخابات».

وذكر ساندرز في تغريدة له على تويتر أنه « يعمل مع ومن أجل الطبقة العاملة» وأنه سيشن حملة ضد طبقة المليارديرات وسوف يهزمهم . ومن جانبها وجهت إليزابيث وارين المرشحة الديمقراطية انتقادات مشابهة في مقابلة تلفزيونية بعد أن سئلت بشأن ترشح بلومبرج حيث قالت « أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك تحرك شعبي من أجل إحداث تغيير حقيقي في الولايات المتحدة، ولا أظن أن الديمقراطية ستتحقق من خلال أن يتم شراء الانتخابات » وكان بلومبرج قد تولى لثلاث فترات متتالية منصب عمدة نيويورك ، أكبر مدينة أمريكية اعتبارا من عام 2002 وحتى عام 2013 ، وتبلغ ثروته 53 مليار دولار ، بما جعله ضمن أغنى عشرة أثرياء في الولايات المتحدة . وعلى الجانب الآخر فإن كلا من وارين وساندرز هما من أبرز ثلاثة متنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في معظم استطلاعات الرأي . وقد دعا الاثنان إلى تطبيق زيادة ملموسة في الضرائب على الأمريكيين الأكثر ثراء حتى يتمكنوا من تغطية البرامج الاجتماعية مثل الرعاية الصحية العالمية والتعليم بالمعاهد والحفاظ على البيئة . وتعرض ساندرز على وجه الخصوص لتعليقات سلبية بسبب انتقاده للمليارديرات ، بل لقد عرض على أنصاره ملصقات تقول « المليارديرات لا يجب أن يوجدوا» في مقابل المساهمة في الحملة . وأشارت النيوزويك إلى أنه رغم الانتقادات الموجهة لبلومبرج من جانب أكثر المرشحين جرأة ، فإنه ليس من الدقة بمكان القول بأن المال هو العامل الأكثر تأثيرا في نجاح المرشح .

ففي عام 2016 ، تكلفت الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي آنئذ نحو 2ر1 مليار دولار، بالمقارنة بترامب الذي أنفق نحو نصف ذلك المبلغ ، وتحديدا حوالي 5ر616 مليون دولار ، بينما ساهم ترامب نفسه بـ66 مليون دولارا في حملته الانتخابية ، في حين نجح في جمع 280 مليون دولار من متبرعين صغار يساهمون بـ 200 دولار أو أقل .

وعلى أية حال فإن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كان قد تخطى خصومه عندما فاز في الانتخابات في عامي 2008 و 2012، ففي الفترة الأولى أنفق 730 مليون دولار ، بزيادة 400 مليون دولار عن خصمه، السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين .

وفي الفترة الثانية عام 2012 أنفق أوباما أقل قليلا أي نحو 722 مليونا، بينما أنفق منافسه في ذلك السباق السيناتور ميت رومني نحو 450 مليون دولار ، لكن أوباما أمكنه كذلك حشد تأييد شعبي واسع من صغار المتبرعين .

وبالطبع ليس من الواضح ماذا يمكن أن يحدث إذا ترشح بلومبرج رسميا وأنفق عدة مليارات من الدولارات من ثروته الشخصية على حملته الانتخابية، فحتى الآن كانت حملة هيلاري كلينتون هي الأضخم إنفاقا بالمقارنة لأي مرشح آخر في تاريخ الولايات المتحدة ، بينما كان ترامب هو أول ملياردير ينجح في الوصول إلى منصب الرئاسة الأمريكية.

وتاريخيا كان بلومبرج يبدي رغبته في إنفاق عشرات الملايين من ماله الخاص ليفوز في الانتخابات.

ففي عام 2009 في حملة انتخابه كعمدة ، أنفق نحو 102 مليون دولار أو ما يقارب 174 دولار لكل صوت، وفي عام 2005 في حملة إعادة انتخابه أنفق 85 مليون دولار .

كما أن بلومبرج أنفق من ماله الخاص على حملاته الانتخابية الناجحة أكثر مما فعل ترامب، الذي تقدر ثروته بحوالي 3 مليارات دولار، في حملته الرئاسية الانتخابية عام 2016 . وقالت النيوزويك إن إنفاق الملايين من الأموال الخاصة للأثرياء لا يضمن لهم بالضرورة تحقيق النجاح، فعلى سبيل المثال تلقت ميج وايتمان الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة إيباي درسا صعبا بعد أن أنفقت 104 ملايين دولار ، وهو رقم قياسي ، على حملتها التي لم تحقق النجاح لتكون حاكمة لكاليفورنيا في عام 2010 ، وكانت ثروتها آنئذ تقدر بـ 1.3مليار دولار، لكنها حصلت على 4.1 مليون صوت أي كانت قيمة ما أنفقته على كل صوت 33 دولارا فقط .

ورغم أن نجاح ترامب وأوباما وبوش في الانتخابات الرئاسية المتتالية السابقة لم يكن مرتبطا فقط بحجم الإنفاق على الدعاية الانتخابية ، بل كانت هناك عوامل أخرى منها ما يخص طبيعة الدوائر في الولايات وعلاقات المرشحين في الأوساط السياسية والإعلامية ، ورغم أنه لم يترشح أحد يتمتع بمثل ثراء بلومبرج من قبل للانتخابات الرئاسية ، لكن هذا لا يجعل من المؤكد الجزم بأن هناك معادلة مضمونة النجاح لما يسمى بـ«شراء الانتخابات» .