1367756
1367756
المنوعات

كتـاب حـول الـروايـة النسـوية الـعـربيّـة الـجـزائـريـة

12 نوفمبر 2019
12 نوفمبر 2019

الجزائر «العمانية»: صدر عن دار إيكوزيوم أفولاي للنشر والتوزيع والترجمة بولاية سوق أهراس، شرقي الجزائر، كتابٌ بعنوان «الرواية النسوية العربية الجزائرية»، للدكتورة إيمان مليكي. يقع الكتابُ في 280 صفحة، وينقسمُ إلى سبعة فصول، وهي على التوالي: تداخل السردي المسرحي، وتداخل السردي الشعري، وتداخل السردي السينمائي، وتداخل السردي السير ذاتي، والميتاقص، وتداخل السردي والتاريخي، والتعدُّد اللُّغوي الحواري.

وتؤكد المؤلّفة، بين ثنايا هذه الدراسة، أنّ الرواية النسوية العربية الجزائرية، لم تظهر حتى عام 1979، لمّا كتبت زهور ونيسي روايتها «من يوميات مدرسة حرة»، وقد كان قبلها مشروع رواية لم يكتمل للرّاحلة زليخة سعودي.

وتُمثّل حقبة الثمانينات، مرحلة التأسيس للرواية النسوية العربية الجزائرية بوصفها جنساً أدبيّاً، وقد كانت شحيحة، بفعل الأوضاع التاريخيّة التي عاشتها الجزائر تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي، ممّا أثّر على حركيتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية. كما أنّ فعل الكتابة، كان حكراً على الرجل، واعتُبرت المرأةُ، حينها، تابعة له؛ فعاشت تهميشاً من طرف العُرف الاجتماعي الجزائري المُحافظ، وهذا ما يُفسّرُ، بحسب ما تذهبُ إليه الباحثة، محاكاة كتابة زهور ونيسي، الكتابةَ الرّجالية، ونقلها لمواضيع الثورة والتحرُّر وفق منظور رجاليّ موضوعي؛ وبالتالي ابتعادها عن الذاتية، وعدم البوح عن مكنوناتها الأنثوية. وقد حافظت هذه الروائيّة على أسلوبها الموضوعي في الكتابة في جلّ أعمالها، وصولاً إلى روايتها «تغريدة المساء» (2015).

ثم أطلّت حقبة التسعينات بأسماء روائيّة أكثر تحرُّرا، لعلّ أبرزها أحلام مستغانمي، وفضيلة الفاروق؛ وهما روائيتان مثّلتا نضجاً في الرواية النسوية، وتأصيلاً ضمن الأعمال الأدبيّة العربيّة؛ حيث وُلدت الرواية لدى هاتين الروائيتين، مُنفتحةً وجديدة، ويرجعُ السببُ إلى تأثُّرهما بمكان إقامتهما (لبنان)، بعيداً عن التقاليد والأعراف الاجتماعية المحافظة.

وقد سلك نهجَ مستغانمي والفاروق، روائيّاتٌ أُخريات، كتبن وفق منظور حداثيّ، لعلّ أبرزهنّ، زهرة ديك (في الجبة لا أحد)، وإنعام بيُّوض (السمك لا يُبالي)، وسارة حيدر (لعاب المحبرة.. شهقة الفرس)، وعائشة بنور (اعترافات امرأة)، وسميرة قبلي (بعد أن صمت الرصاص).

وتُضيف المؤلّفة بأنّ الإنتاج الروائيّ تدفّق مع مطلع القرن الحادي والعشرين، بفعل زوال العديد من العقبات النفسية والاجتماعية، ما أدّى إلى تطوُّر كمّيّ في الرواية النسوية العربية الجزائرية، وهو ما مثّلته مرحلة الانفتاح والانتشار، حيث تمكّنت الروائيّات الجزائريات من التعبير عن ذواتهنّ بكلّ أريحيّة، وترجمة أفكارهنّ أدبيّاً، دون أيّ حواجز أو منغّصات. وقد مثّل هذه المرحلة العديد من الروائيّات، أمثال ربيعة جلطي (نادي الصنوبر، الذّروة، عازب حيّ المرجان)، وهاجر قويدري (نورس باشا، الرّايس)، وآمال بوشارب (سكرات نجمة).

وعلى هذا الأساس، يطرحُ الكتاب جملة من التساؤلات، أهمُّها كيف تداخلت الأجناسُ الأدبيّة وغير الأدبيّة، في الرواية النسوية العربيّة الجزائرية؟ وكيف عبّر هذا التّداخل في الرواية عن هموم الحاضر، ومدى قدرة الرواية النسويّة العربية الجزائرية على استيعاب قضايا الراهن، والتعبير عنها؟

ولمناقشة هذه التساؤلات، عاينت الباحثة عددًا من الأعمال الروائيّة الصادرة خلال فترات متباينة، ودرستها وفق ما تُمليه أبجديات الدراسات النقدية الأدبيّة المعاصرة، مُعتمدة في ذلك على جملة من المراجع.

وخلصت الدراسة إلى أنّ الكاتبة الجزائرية، اتّجهتْ نحو منحى كتابيّ جديد بُغية إيجاد جنس أدبيّ قادر على ترجمة هموم العصر؛ فلجأت إلى تهجين الشّكل الروائيّ عن طريق انصهاره مع الأجناس الأدبيّة وغير الأدبيّة، ومنه تلاقح السردي مع المسرحيّ والشّعري والسينمائي والتاريخي. وقد ولّد هذا الانفتاح الروائيّ على الأجناس المختلفة، شكلاً هجيناً وجديداً، أدّى إلى بلوغ نضج فنّي خلال فترة وجيزة.

كما أنّ تداخل الأجناس أحدث أيضاً تعدُّدًا لغويّا داخل النماذج الروائيّة المدروسة. وقد رفضت الروائيّة الجزائرية النوع الأدبيّ، وسعت إلى خلخلته، وتمكّنت من ذلك باستعمال طرائق وأشكال فنيّة متعدّدة، أسهمتْ في إيجاد حوار فاعل وخصب مع النّص الروائيّ.