1365695
1365695
العرب والعالم

العراق: الرئاسات الثلاث تؤكد رفضها أي حل أمني للتظاهر السلمي

10 نوفمبر 2019
10 نوفمبر 2019

العفو الدولية تحذر من «حمام دم» والأمم المتحدة تستنكر «مناخ الخوف» -

بغداد ـ عمان ـ جبار الربيعي - وكالات:

أكدت الرئاسات الثلاث في العراق أمس رفضها أي حل أمني للتظاهر السلمي، مشيرة إلى أن هذه الاحتجاجات الشعبية السلمية هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده رئيس الجمهورية برهم صالح في قصر السلام ببغداد أمس وحضره رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.

وأصدر المجتمعون بيانا أشاروا فيه إلى أن «الاحتجاج الشعبي الذي نهض به شبابُ العراق المتطلع لحياة حرة كريمة بإرادة وطنية سلمية تحترم السياقات القانونية والدستورية وتقدّر مصالح البلاد وتصونها هو احتجاج عظيم في مسار إعادة بناء الدولة وتطهير مؤسساتها والارتقاء ببنائها بما يستحقه العراق».

وأكدوا الموقف الثابت بـ «الامتناع ورفض أي حل أمني للتظاهر السلمي، والمحاسبة الشديدة لأية مجابهة تعتمد العنف المفرط»، مشيرين بهذا الصدد إلى «أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة بمنع استخدام الرصاص الحي وجميع أشكال العنف التي تعتمد القسوة والمبالغة فيها».

ووفق البيان، «تناول الاجتماع باهتمام شديد حالات الاختطاف التي تجري ضد ناشطين من قبل جماعات منفلتة وخارجة عن القانون، وكذلك جرائم الاعتداء على المتظاهرين، وهي أعمال موجهة يجري التحري عنها والوقوف على المتسببين بها وإنزال العقاب القانوني بهم». وأكدت الأطراف المجتمعة أنه لن يبقى معتقل واحد من المتظاهرين، وسيحال للقضاء العادل والمنصف كل من تثبت عليه جرائم جنائية ومن أي طرف كان، وستلاحق العدالة الصارمة كل من يعتدي أو يخطف أو يعتقل أيّاً كان خارج إطار القانون والسلطة القضائية. مرة أخرى تتأكد أهمية حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما سيتحقق حتماً».

وشدد الاجتماع على ضرورة التقيد بالطبيعة السلمية الديمقراطية للتظاهرات وبما يحفظ الأمن العام والممتلكات ويمنع حرف مسار التظاهرات عن طبيعتها السلمية.

وأكد الاجتماع «احترام وتقديس التضحيات، للشهداء وللجرحى من أبطال التظاهرات السلمية ومن ميامين قواتنا الأمنية. دماؤهم التي سالت أضاءت الطريق وفتحت الأفق نحو المستقبل».

وجدد المجتمعون العهد على أن «لا قطرة دم طاهرة يمكن أن تذهب هدراً، وأن لا يتوقف عمل العدالة المخلص من أجل الوقوف على أي متورط بهذا الدم الطهور»، وقالوا «هذه مسؤولية السلطات الحكومية والقانونية، مسؤوليتنا جميعاً، مجتمعاً وحاكمين، أن لا تتوقف الجهود ولا تكلّ في القبض على القتلة والمتسببين بالقتل وسفك الدماء، مسؤوليتنا في تأمين حقوق عائلات الشهداء، وفي تأمين علاج الجرحى بأفضل القدرات المتاحة».

وبحسب البيان «باشرت السلطتان التنفيذية والقضائية فعلاً العمل القانوني في الشروع بفتح الملفات التحقيقية الخاصة بالفساد وملاحقة المتهمين فيها لتحقيق العدالة واستعادة الحقوق المنهوبة، سيتواصل فتح هذه الملفات، وبهذا لا أحدَ مهما كان منصبه ومركزه وموقعه بالقادر على الإفلات من سير العدالة، لا تسييس ولا محاباة في فتح الملفات وفي التحقيقات والمحاكمات. مصلحة البلاد وحقوق الشعب وتطبيق القانون هو الفيصل في كل شيء، كما تمت المباشرة باتخاذ الإجراءات القانونية من قبل القضاء بحق من تسبب في استشهاد وإصابة عدد من المتظاهرين والقوات الأمنية ومن اعتدى على الممتلكات العامة حيث تم توقيف قسم منهم وصدرت مذكرات قبض بحق قسم آخر ولا يزال التحقيق مستمراً».

وزاد البيان انه «جرت المباشرة أيضا بالعمل من أجل تشريع قانون جديد للانتخابات وبما يجعل من هذا القانون ضامناً لتحقيق العدالة في التنافس الانتخابي، ومساعداً على وصول الأكفاء من المرشحين بموجب رؤية وقناعات الناخبين، والحدِّ من فرص الاحتكار الحزبي التي تُبقي على ركود الحياة السياسية ما بين عدد محدود من الأحزاب وتَحول دون تجديد دماء هذه الحياة بمرشحين من خارج دائرة الحياة الحزبية ايضاً، كما يساعد القانون الجديد على تعزيز فرص الشباب في بلوغ البرلمان والإسهام بصنع سياسة بلدهم. وسيخلص القانون الجديد إلى تحقيق مفوضية عليا للانتخابات مستقلة فعلاً ومهنية وكفوءة في كل مفاصلها وكوادرها».

كما أشار البيان «باشرنا فعلاً بالتمهيد للحوار الوطني لمراجعة منظومة الحكم والدستور وفق السياقات الدستورية و القانونية، ويؤكد الاجتماع تقديره واحترامه لعزيمة الشباب الذين كان معظمهم في أوج تطلّعهم للحياة واعتزازه بما حققوه من حراك هزّ البلد من أقصاه إلى أقصاه وقدم الصورة العظيمة لهذا الشعب الغيور، وهو الحراك الأهم بين ما تحقق بعد 2003، والذي قاد إلى مراجعة شاملة ليس لبنى المؤسسات فحسب وإنما أيضاً للسياسات وخطط البناء والتطوير وتغيير القوانين بما يضع البلد والشعب في القلب من الحياة المعاصرة لأرقى البلدان. إنه حراك جدّد إرادة التغيير من أجل إصلاحات أكبر يمكن بلوغها بمثل هذه العزيمة وهذا الوثوب».

ميدانيا: أبقى المتظاهرون أمس على زخم الاحتجاجات الداعية إلى «إسقاط النظام»، بعد اتفاق بين الكتل السياسية على إبقاء السلطة الحالية حتى لو استدعى الأمر استخدام القوة لإنهائها، فيما حذرت منظمة العفو الدولية من «حمام دم». وتوصلت الكتل السياسية العراقية أمس الاول إلى اتفاق لوضع حد للاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر. وترافق ذلك مع تزايد القمع الذي ارتفع لمستوى جديد ضد التظاهرات.

وقتل أربعة متظاهرين ثلاثة منهم بالرصاص الحي، في ساحة التحرير وسط بغداد، وثلاثة آخرون في البصرة، ثاني أكبر مدن البلاد الواقعة في أقصى الجنوب.

وتواصلت الاحتجاجات في البصرة الغنية بالنفط حيث فرضت قوات الأمن طوقاً لمنع المتظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة، غداة موجة اعتقالات نفذتها بحق المحتجين.

وفي مدينة الناصرية الواقعة كذلك في الجنوب، أطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على متظاهرين كانوا يحاولون إغلاق دائرة حكومية جديدة في إطار موجة العصيان المدني الذي أدى إلى شل عدد كبير من المؤسسات الحكومية.

وتجددت في مدينة الديوانية، احتجاجات طلابية في ظل انتشار قوات الشرطة قرب المدارس والكليات لمنع الطلبة من الانضمام إلى التظاهرات.

وبقيت المدارس والكليات وأغلب المؤسسات الحكومية مغلقة في مدينتي الحلة والكوت كلاهما إلى الجنوب من بغداد.

من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى «إصدار أمر فوري بإنهاء الاستخدام المتواصل وغير القانوني للقوة المميتة»، ضد المتظاهرين.

وأكد بيان عن المنظمة المستقلة التي تعنى بحقوق الإنسان «يجب أن يتوقف حمام الدم هذا، ويجب محاكمة المسؤولين عنه».

وقال ناشطون وأطباء يشاركون في التظاهرات طالبين عدم الكشف عن أسمائهم، أنهم يشعرون بأن الخناق يضيق عليهم مع ملاحقتهم وتلقيهم تهديدات بالقتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في قلب التظاهرات.

من جهتها، أعلنت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخرت أمس، أنها تتلقى «كل يوم معلومات عن متظاهرين قتلوا واختطفوا أو تعرضوا لاعتقال تعسفي او الضرب والترهيب».

واستنكرت «مناخ الخوف»، الذي تفرضه السلطات العراقية، مؤكدة أن «الحقوق الأساسية تنتهك باستمرار»، في العراق.