صحافة

الأيام :هل يتحول العرس إلى مأتم؟

08 نوفمبر 2019
08 نوفمبر 2019

في زاوية آراء كتب طلال عوكل مقالاً بعنوان: هل يتحول العرس إلى مأتم؟، جاء فيه:

الجولات المكوكية، التي قامت بها لجنة الانتخابات المركزية برئاسة الدكتور حنا ناصر، لم تخرج عن التوقعات، ومآلاتها تكرر عملياً النتائج التي وقعت اكثر من مرة خلال مسيرة البحث والحوار عن معالجات لواقع الانقسام المرير.

في كل مرة، وفي هذه المرة، أيضاً، يبدأ العرس بأغان طربية تسعد السامعين، لكنها تنتهي إلى نواح وندب، وتبادل الاتهامات لمن يفسد العرس الذي يجتهد كل طرف في الهروب من المسؤولية عن إفساده.

الدعوة للانتخابات هذه المرة تختلف عن سابقاتها، وليست مبادرة فلسطينية مدروسة، تستهدف ضمان الخروج من مأزق الفشل في البحث عن معالجات للواقع الفلسطيني.

إن كثرة الحديث عن أن الانتخابات استحقاق فلسطيني ينطوي على احترام لإرادة الشعب وحقه في اختيار قياداته وممثليه، لا يمكن له، أن يخفي حالة الارتباط، التي تعم الساحة الفلسطينية خلال تداول هذا الملف.

من بين أحاديث وتصريحات كثيرة، كلها تنضح بالإيجابية لم نسمع من أحد شرحاً لمدى أهمية إجراء الانتخابات، إزاء تغيير الواقع القائم. لم نسمع من أحد، شرحاً لما سينجم عن تلك الانتخابات سوى موشحات الاحترام الكاذب لدور الشعب الذي جرى تغييبه لنحو اثني عشر عاماً.

من يجيب عن السؤال الذي يتعلق بمآلات الوضع الفلسطيني بعد الانتخابات، وما إذا كانت تلك الانتخابات ستؤدي إلى تعميق الواقع القائم، أم أنها ستقود إلى إعادة صياغة النظام السياسي على أساس الشراكة، التي تقررها صناديق الاقتراع؟ .

في الأساس، فإن تكليف لجنة الانتخابات للقيام بدور الوساطة ونقل الرسائل، إزاء ملف معقد جداً، ولا يتوقف عند حدود قضايا وخلافات وعقبات صغيرة ذات طابع فني، في الأساس فإن هذا التكليف كان يرفع علامة استفهام، حول إمكانية النجاح في تذليل العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات.

وترفع علامة استفهام أخرى، الأداء الفصائلي، الذي لا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى التعامل الإيجابي مع الناس من أجل تحقيق الفوز في أي انتخابات ستجري.

ردود حركة حماس الابتدائية بالموافقة على إجراء الانتخابات، التشريعية والرئاسية، على نحو متتال، وليس متزامنا، لم يكن بالتأكيد موقفاً نهائياً، فلقد أرفقت حماس وعديد الفصائل موافقتها بما يمكن اعتباره شروطاً، مقنعة عملياً، لكنها لم تكن مقبولة من حركة «فتح».

المطالبة بحوار وطني رفيع المستوى مسؤول ومقرر، أمر لا يخرج عن المنطق، بما انه يستهدف تحقيق توافق وطني هو شرط أساسي لإنجاح الانتخابات، لكنه عملياً، يعيد الأوضاع إلى النقطة التي وقفت عندها اتفاقيات المصالحة، وحكمت بالفشل على مبادرة الفصائل الثمانية.

الرد من قبل حركة فتح كان متوقعاً، فلو أنها وافقت من قبل على انعقاد اجتماع قيادي من هذا المستوى، لكان الوضع الفلسطيني، على نحو مختلف عما هو عليه الآن.

هي مسألة حسابات متناقضة، ومتصادمة، تحول دون الخروج من مأزق الانقسام الذي لم يعد فلسطيني واحد لا يدرك مدى خطورته على الشعب والقضية الفلسطينية.

عند هذه النقطة، والخلاف حولها، نعتقد أن لجنة الانتخابات المركزية ستتوقف عن دورها في الوساطة، ذلك أن الخلافات تفوق قدرتها على المعالجة.

والآن ما هي السيناريوهات المتوقعة، لتخطي ذلك الخلاف، فهل سيتم إقفال هذا الملف، والعودة إلى مربع تبادل الاتهامات لمن يصادر حق الشعب، أم أن ثمة إمكانية لإجراء الانتخابات، وان جرت فأي نتائج ستتولد عنها؟.

هذا بطبيعة الحال قبل أن نصل إلى العقبة الإسرائيلية التي تتعلق بالقدس، والتي لا يمكن إجراء الانتخابات دون مشاركة المقدسيين.

إن كان لأحد أن يتهمني باستدعاء الأسوأ، فإنني أشير إلى احتمال أن يصدر الرئيس مرسوما بإجراء الانتخابات التشريعية فقط، وتحديد زمانها، وعلى أساس قانون النسبية الكامل، الذي جرى إقراره عام 2007.

الأراضي المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس تكون دائرة واحدة، الأمر الذي سيضع حماس، ومن يؤيدها من الفصائل في حيص بيص، فإن هي شاركت في الانتخابات بقوائم تكون قد خضعت للأمر الواقع، وان قاطعت تكون فقدت فرصة تجديد الشرعية.

في هذه الحالة فإن إجراء الانتخابات التشريعية على هذا النحو من شأنه أن يقدم لنا مجلساً تشريعياً، شبيهاً بالمجلس الوطني، الذي تغيب عن المشاركة فيه فصائل أخرى عدا «حماس» و«الجهاد الإسلامي».