1359974
1359974
المنوعات

حافياً تحت مطر الياسمين.. تصوير الحياة بمرآة الفصول

06 نوفمبر 2019
06 نوفمبر 2019

عمّان، «العمانية»: في النصوص التي يتضمنها كتاب «حافياً تحت مطر الياسمين»، تبدو د.جيهان الشهابي وكأنها تكتب على ورق الياسمين لرقّة التعابير وأريجها.

ويحيل عنوان الكتاب الصادر عن «الآن ناشرون وموزعون»، إلى الصور التي تتبادل فيها الفصول طباعها، وكأن الكاتبة تصور الحياة بمرآة الفصول ومزاجها.

يشتمل الكتاب على أربعة أقسام تمتد بين الزمان والمكان وما بينهما من مساحة للذاكرة، حيث تدوّن الكاتبة في القسم الأول مشاهدات الحياة باستعادة التجربة، وتسلط في القسم الثاني الضوءَ على اللحظة الراهنة، وتركن في القسم الثالث إلى شيء من التأمل تتخلله فيوض الأسئلة، وتعود في القسم الرابع إلى لحظة بدء الأشياء وولادتها، وذلك حين تكون الأشياء طازجة وناضجة قبل أن تتعرض لأحوال الحياة وتقلباتها وخدوشها.

وتجسد الكاتبة في نصوصها تلك اللحظة البدئية أو اللحظة البكر عند ملامسة التراب الذي يحمل عبق الياسمين ورائحته ملامسةً ناعمة برذاذ يشبه الندى، فالمشي كفيلٌ باكتشاف الطريق ومعرفتها وقيادة الخطوات نحو الحرية والنور.

ولا تخرج غالبية عناوين النصوص عن فضاء الطبيعة بأحوالها وانعكاساتها على الذات والنفس، مؤكدةً أن الطبيعة مرآة للنفس وصورة لتقلباتها، ومن ذلك: «حكاية من قلب السحاب»، «في الروح قافلة مسافرة»، «حين يصحو الإحساس»، «همس الفصول»، «أسرار خريفية» و«ها قد أطل الياسمين».

وتمثل النصوص التي تندرج تحت عنوان الخواطر على سيل من الأحاسيس والمشاعر التي تختار كلماتها من قاموس الحديقة وألوان قوس قزح وتبدلات الفصول، وهي نصوص قصيرة تشبه وميض البرق أو الكاميرا لحظةَ تصوير المشهد، غير أن تلك المشاهد المرئية تتكون في غرفة النفس بما تظلل الكاتبة عليه من مشاعر الإنسان وهمومه وهواجسه وأحلامه. فهي تؤنسن اللحظة الفيزيائية وتصبغها بمشاعر الكائن.

وتعيش الشهابي ألفة الطبيعة وتقلبات فصولها، وتُسقط تغيراتها على الحالة الإنسانية بمفردات الحضور والغياب، والسكون والتمرد، بصور متحركة تعكس دواخل الإنسان وجوانياته التي تضارع صور الطبيعة.

وتلجأ الكاتبة للحلم الذي أسعف الروح لتقبّل تلك التقلبات في الطبيعة والكائن، وأكثر من ذلك فهي تذهب لإعادة ترتيب الأشياء في الطبيعة: «لا بأس من الحلم في عالم جامد ففي الخيال رحابة لا تطالها سلاسل الحقيقة».

وتقف الشهابي لنتأمل ظلال الأشياء بموحيات الغياب، التي تستحضرها في الذاكرة بصور مبللة باللغة الطازجة، التي تعيد تشكيل الطبيعة كما كانت أول مرة، وتعيد النفس إلى طفولتها الإنسانية وطهرانيتها وحسن ظنها، من خلال جماليات التشبيه التي تهمس بها بخفوت يقترب من الوشوشة، لتدخل إلى جوانيّات الإنسان، ليس بالبصر أو السمع، إنما من جهة القلب ومساحة الروح: «ما العالم الحقيقي إلا الكينونة التي تسكن عمق كل منا..

هذا النابض خلف الضلوع، هو الكون بكل ما فيه..

وما الروح.. هذي الروح بشفافيتها.. بتفردها وتميزها بخلودها بعد الفناء في الأجساد..

إلا فضاء رحب.. فضاء يتلألأ ويضيء».