1357822
1357822
الرئيسية

بعد دراسة في جبل سمحان استمرت 8 أشهر متواصلة: رصد 92 نوعا من الطيور تنتمي إلى عائلة مختلفة

02 نوفمبر 2019
02 نوفمبر 2019

كتبت - مُزنة بنت خميس الفهدية -

كشفت نتائج دراسة علمية قام بها المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني بالتعاون مع بعض الجهات المختصة استمرت لمدة 8 أشهر متواصلة في محمية جبل سمحان بمحافظة ظفار، تسجيل جديد لأربع عينات من حيوان الجرد ذي الذيل الكثيف في أربع مناطق من المحمية، ورصد نوع جديد من الأسماك النهرية في التجمعات المائية للأودية، ورصد ما يقارب 92 نوعا من أنواع الطيور التي تنتمي إلى 33 عائلة من الطيور، واكتشاف جديد لأحد النباتات من فصيلة النجميات بالمحمية ، ورصد 250 نوعا من النباتات في الجبل.

ويصنف جبل سمحان كأحد المواقع ذات القيمة الطبيعية الاستثنائية التي لا تقتصر على تضاريس الطبيعية المذهلة وجيولوجيته الضاربة في القدم ومناظره الطبيعية الوعرة بل تتعداها إلى الموائل التي تؤوي العديد من التجمعات الحيوانية والنباتية المختلفة، لذلك تعد محمية جبل سمحان بمحافظة ظفار أكبر محمية طبيعية حيث تبلغ مساحتها 4500 كم مربع.

الأهداف

وهدف البحث إلى توثيق التنوع الأحيائي ودراسة أحوال الموائل الطبيعية من أجل تشكيل قاعدة يمكن من خلالها قياس الصحة البيئية، وتقديم توصيات حول رسم تقسيمات المحمية وإدارة جهود حفظ البيئة لكافة المحمية، وتحديد مؤشرات بسيطة للصحة البيئية يمكن لموظفي حفظ البيئة استخدامها من أجل رصد التغيرات البيئية، وتسليط الضوء على المجتمعات المحلية التي تتفاعل مع بيئات الجبل.

خطط لوجستية

وركزت الدراسات على الأحوال الجوية وجودة المياه، كما التزم فريق البحث بعدد من المبادئ الأخلاقية عند إجراء الأنشطة البحثية، كذلك تم وضع خطط لوجستية دقيقة والالتزام بقواعد السلامة في العمل الميداني، بالإضافة إلى ذلك تم تحديد الأوقات المناسبة وتقسيمها على حسب الأنشطة البحثية وطبيعة المفردات البيئية التي تتم دراستها.

التحديات

وأبرز تحديات الباحثين أثناء عمليات البحث والاستكشاف لجبل سمحان هو تعذر الوصول إلى بعض مناطق الجبل وذلك لوعورتها وطبيعتها الجيولوجية، كما أن الحرارة والعوامل المناخية شكلت تحديات، حيث كانت درجات الحرارة النهارية خلال الصيف أكثر من 40 درجة مئوية، وواجه فريق العمل تحديا كبيرا في سبيل الحفاظ على رطوبة أجسامهم في ظل هذه الظروف القاسية، وصعوبة ترك المعدات باهظة الثمن لفترات طويلة من غير مراقبة.

البيئة المادية والفيزيائية

واكد الباحثون من خلال دراستهم أن جرف جبل سمحان يرتفع ليصل إلى أعلى مستوى له عند نهايته الغربية ثم يهوي بشكل حاد باتجاه البحر في الجهة الشرقية، وقد وجد الباحثون بأن الأودية الأساسية في هضبة الجبل تنحدر باتجاه الشمال الغربي بينما يتغير الوضع في شرق الجبل حيث تنحدر الأودية الرئيسية باتجاه الشرق وتصب أخيرا في البحر.

وتشير الأدلة إلى جريان جميع الأودية قبل فترة وجيزة مما يدل على نشاطها خلال السنوات الأخيرة، كما تخضع أنظمة الوديان إلى عمليتين مختلفتين من دورة المياه هما الأمطار الموسمية ومياه أمطار والعواصف والأعاصير. وقد اختار الفريق كلا من وادي حضبرم ووادي ريكوت ووادي سمحان لتكون مواقع رئيسية للقيام بالمسوحات والدراسات البيئية المعمقة لتقييمها وبناء قاعدة بيانات دقيقة عن وضعها البيئي.

الموائل المائية

بدأت دراسة الموائل المائية باستطلاع أولي لتحديد عدد التجمعات المائية في الأودية الشرقية ورسم خريطة توزيعها ووصف سماتها الأساسية، أما المرحلة الثانية فتمثلت في اكتشاف الخصائص الكيميائية ودراسة النباتات واللافقاريات والأسماك، حيث تم تسجيل ما يقارب من 6 أنواع من الأسماك النهرية ورصد نوع آخر جديد لم يتم تسجيله من قبل ، وهي جميعا تحمل مؤشرات عن الصحة البيئية.

ولاحظ الباحثون تشكل طبقة كثيفة من الطحالب على سطح بعض التجمعات المائية والتي تؤثر على كمية الضوء والأوكسجين وقد تشير هذه الظاهرة إلى ارتفاع العناصر الغذائية في هذه التجمعات.

مسح الطيور

واتبع الباحثون أسلوبا بسيطا لدراسة مسح الطيور وذلك من خلال تحديد مناطق ثابتة يطلق عليها منطقة العد، يكون لها قطر دائري ثابت وتتم الملاحظة لمدة ثابتة من الزمن وخلال فترة ثابتة من اليوم الواحد، وقد لاحظ الفريق تعددا في أنواع الطيور تماشيا مع التنوع في الظروف البيئية، حيث تنجذب أكثر للبيئات الواقعة في الأودية التي تكثر بها المياه الجارية ومناطق نمو أعواد البوص، وتم تسجيل 92 نوعا من أنواع الطيور التي تنتمي إلى 33 عائلة، وكان لوادي حضبرم النصيب الأكبر من الطيور حيث سجل 63 نوعا .

الغطاء النباتي

أراد فريق البحث أن يصل إلى فهم أعمق لمدى كثافة الغطاء النباتي في جبل سمحان، بالإضافة إلى فهم التغيرات الموسمية التي يمر بها، حيث زار الباحثون 15 موقعا داخل منطقة الدراسة التي تضمنت أنواعا مختلفة من المجتمعات النباتية.

وكشفت النتائج أن الغطاء النباتي في جبل سمحان كان أقل بشكل كبير مقارنة بجبل القرى المجاور إلى الغرب، مما يدل على تأثير أقل للرياح الموسمية في جبل سمحان، كما أشارت النتائج إلى أن اكثر كثافة للغطاء النباتي في الجبل تقع على المنحدرات الجنوبية للجرف، وهي المنطقة الوحيدة لجبل سمحان التي تلامس الرياح الموسمية، وهناك تزداد كثافة الغطاء النباتي بشكل ملحوظ بعد الأمطار الموسمية.

وسجل فريق البحث من خلال مسح الغطاء النباتي في جبل سمحان 250 نوعا من النباتات المختلفة من 55 عائلة نباتية، كما تم اكتشاف أحد الأنواع التي يحتمل أن تكون اكتشافا جديدا من فصيلة النجميات، وقد وجد الفريق في المتوسط 12 نوعا نباتيا في كل قطعة ارض اختبارية، مع أن بعض الأراضي كانت خالية تماما من النباتات، وأكثر قطع الأراضي الاختبارية تنوعا احتوت على 26 نوعا مختلفا، أما أعلى كثافة نباتية فتم تسجيلها في المواقع التي تحتوي على الماء الدائم، حيث وجد الباحثون في هذا النوع من الأراضي أكثر من 20 نوعا في كل قطعة ارض.

كما تم تحليل تركيبة الأحياء النباتية المسجلة في 173 قطعة ارض اختبارية، وتحليل وفرة الأنواع النباتية التي تم العثور عليها، وذلك بهدف تأسيس تصنيف للمجتمعات النباتية المسجلة في جبل سمحان، وتشمل هذه العملية القيام بإجراء إحصائي معقد يتمثل في التحليل العنقودي وتمخضت هذه العملية عن تحديد 20 موئلا أحيائيا في أراضي محمية جبل سمحان.

الحياة الفطرية والاجتماعية

وتشكل الجمال والماعز الغالبية العظمى من المواشي التي يربيها السكان في جبل سمحان وما حوله من مجتمعات، حيث رصد الفريق خلال جولاته وجود 4756 جملا، و20681 ماعزا، واستطاع الفريق البحثي من خلال البيانات التي جمعها أن يرسم خريطة لتوزيع الماشية التي ترعى في مختلف مناطق جبل سمحان، واكتشفوا أن التركيز الأكبر لقطعان الجمال والماعز توجد على طول الجرف الجنوبي، مع انخفاض أيام الرعي بالاتجاه شمالا، كما أن توزيع الماشية في المناطق الداخلية من جبل سمحان اقل نسبيا نظرا لصعوبة التضاريس وصعوبة الوصول إلى هذه الأراضي.

وساهمت الدراسات الممنهجة في أنحاء جبل سمحان في تقديم دليل واضح عن طبيعة الضغط وحجمه الذي يهدد الأنظمة البيئية في الجبل في الوقت الحاضر، ووجه الباحثون أن التهديد الأكثر وضوحا على المدى القصير على بيئات جبل سمحان يتمثل بشكل عام في عدم تنظيم دخول المواشي في أرجاء الجبل، وآثار ذلك تتضح في بعض المواقع ذات القيمة البيئية العالية مثل أماكن مصادر المياه الدائمة، أو الأماكن ذات الكثافة النباتية العالية.