hamda
hamda
أعمدة

الحب الحقيقي

29 أكتوبر 2019
29 أكتوبر 2019

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

كنت في حديث مع إحدى الأخوات حول انتشار الطلاق المقلق بين الشباب في السنوات الأخيرة، صادف هذا لقائي بإحدى العرايس المقبلات على الزواج، على مدى ساعتين قضيناها معا انحصر كلامها عن استعدادات الزواج وعن ليلة العرس، تحدثنا عن كل تفاصيله لكن ماذا بعد ذلك؟!، وجدتني أسألها، وأعتقد أن هذه هي المشكلة فنحن نبذل جل طاقاتنا وكثيرا من الأموال استعدادا لليلة لا تتعدى أربع ساعات، بعدها نبدأ نكتشف بأن الزواج ليس هو ليلة العرس، الزواج هو ما يحدث بعد ليلة العرس، وهو أمر تغفل الأسر عن تحضير بناتهن له للأسف الشديد.

فتحدث الصدمات التي يختلف التعامل معها من شخص إلى آخر، بعض هذه الصدمات ناتج عن الخيارات الخطأ من الطرفين، واستحالة التعايش بينهما، يستجمع البعض شجاعته ويعترف بالخطأ الذي ارتكب وينسحب بهدوء، في حين يقرر البعض الآخر أن يمنح هذا الزواج فرصة ويبدأ في بنائه من جديد، بينما تقرر فئة أخرى تجاهل المشكلة ومحاولة تجنب النظر إليها فيحدث الطلاق السلبي، حيث يشترك الزوجان في بيت واحد، لكن هذا هو كل ما يجمعهما.

كنت أستمع لأحد معلمي التنمية البشرية، وهو أمريكي من أصول هندية، رغم أنه ولد وترعرع في أمريكا لكنه ظل متمسكا ببعض المبادئ الشرقية، ومنها الزواج التقليدي، مبررا ذلك بأن الحب الحقيقي الذي يؤسس أسرة يأتي بعد الزواج، أما الحب قبل الزواج فهو تجربة جميلة يعيشها المرء في مرحلة ما وتنتهي، شخصيا من المؤيدين جدا للزواج التقليدي وأعتقد بأن الود الذي ينشأ مع العشرة ويتحول مع السنين إلى حب وانصهار روحي أبدي هو ما يبقى، وهو ما يحتاج البناء الأسري، ليس معنى هذا طبعا أن كل زواج يسبقه حب محكوم عليه بالفشل، إذ أن هناك كثيرا من الزواجات التي اجتمع قرار العقل فيها مع قرار القلب والأهل، كتب لها النجاح والاستمرار، لكن أتحدث هنا عن الاختيار المبني على الانبهار الأول، والحب غير الواقعي، صحيح أن الحب أحيانا يتأخر في بعض الزواجات التقليدية إلى أن ينشأ التآلف والود، لكنه حتما يأتي.

الزواج مؤسسة نعيش فيها حياتنا، ونؤسس فيها أسرة، وننشئ أجيالا، جميل أن تنشأ على قاعدة متينة من التكافؤ، والتآلف، والمبادئ والقيم المشتركة، إذ أنها النواة التي إذا صلحت صلح المجتمع البشري بأكمله، هي مصنع ومنشأ الإنسان ببساطة.