صحافة

الحياة الجديدة : مفاتيحنا للحرية.. المساواة والعدل للمرأة

25 أكتوبر 2019
25 أكتوبر 2019

في زاوية مقالات كتب موفق مطر مقالاً بعنوان: مفاتيحنا للحرية.. المساواة والعدل للمرأة 26 أكتوبر اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، جاء فيه:

سيكون تخصيص يوم وطني للمرأة الفلسطينية إنجازا حقيقيا لحكومة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وللمرأة الفلسطينية إذا اعتبرناه إشارة لإطلاق ثورة ثقافية، تحفر عميقا في رواسب المفاهيم الاجتماعية الظالمة للمرأة، تفككها وتفتتها تحرقها وتبخرها، وتعيد تهيئة تربة المجتمع لاستنبات بذور التحرر والحرية، وغرس فسائل الأفكار والنظريات والقوانين والمفاهيم التقدمية الإنسانية المتحررة من التعصب والتمييز أيا كان مصدره ، أو مرجعيته ، فالمرأة الفلسطينية ليست ممن ينتظر المكرمة، وإنما هي مكافحة تمضي بعزم وثبات وإرادة في دربي التحرر المتوازيين، في الأول تنتزع ما اغتصبه المجتمع السلطوي الذكوري من حقوقها الطبيعية المخلوقة معها وفي الآخر تنتزع حقوقها في أرض وطنها فلسطين التاريخية والطبيعية، وتأكيد حقها في الحرية والاستقلال ككل نساء العالم اللواتي يعشن في كنف دول ومجتمعات ديمقراطية، فالمرأة الفلسطينية تعتقد أن التحرر من الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي العنصري سبيلها الرئيس لتكريس العدالة والمساواة في دولة القانون التي تنشدها.

المناضل الوطني الفلسطيني - نعني بهذا المصطلح الجنسين- يدرك أن ساسة الاحتلال الاسرائيلي هم أصحاب المصلحة الأولى في بقاء المفاهيم الظالمة للمرأة الفلسطينية، وأنهم يكرسون طاقات مادية وبشرية لإحياء اظلمها واشدها فتكا بالإنسان الأنثى، حتى لا تقوم قائمة للمجتمع، وحتى تبقى حاضنة المجتمع مقهورة، مكبوتة ، مسلوبة الحق والإرادة ، فتعجز عن تربية الجيل المطلوب لتحقيق الحرية والاستقلال والسيادة ، فالفلسطينية فاقدة الحرية والسيادة على نفسها وجسدها ورغباتها ومشاعرها وقرارها ورؤاها وآمالها لا يمكنها أن تفعل أكثر من إرضاع ابنها والسهر عليه حتى يشتد عوده ويبلغ فقط، وما فوق ذلك فمستحيل.

لم تخضع المرأة الفلسطينية، ولم تمنعها من التحرر حدة مفاهيم اجتماعية جارحة سُلِطت على رقبتها كحد سيف، ولعلنا إذا قرأنا الصفحات المبهرة في سجل تاريخنا المعاصر، سيفخر كل وطني فينا، بأن المرأة الفلسطينية كرست كل إنجازاتها في سياق الحقوق والتحرر لصالح المجتمع، قبل التفكير بجني مكاسب تخص نوعها، ولعل ما أوردناه في مقالتنا السابقة ونعتبره فقرة في صفحة من كتاب نضال المرأة الفلسطينية العظيم يثبت صحة ما نعتقده، أما ما نشهده اليوم مباشرة في كل لحظة من حياتنا، فانه لا يحتاج لتأكيد وإقناع، والسبب بسيط أن المرأة الفلسطينية قد أدركت كينونتها الإنسانية وليس نوعها وجنسها وحسب، وباتت تفكر وتعمل وتتخذ أمثل سلوك للتعبير عن ذاتها، فتوسعت بذلك دائرة المؤمنين والمؤمنات بالمساواة والعدالة، لإيمانهم وإيمانهن المطلق بكمال إنسانيتهم وتساوي حقوقهم دون اعتبار للجنس (النوع).

اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية في 26 أكتوبر لم يقره مجلس الوزراء الفلسطيني ليكون يوم إجازة أو عيد، وإنما هو يوم عمل بمقدار سنة ، فيه يعكف الجميع على ملفات ومخططات سابقة، يقرأون ما انجزوا منها، ويبحثون معيقات ما لم ينجز، ويقررون ما يلزم لإزالة العراقيل.

المشرعون في السلطة التشريعية يناقشون ويبحثون، يعتمدون أحسن القوانين الرافعة لقيم الحرية والتحرر، وإلغاء نصوص مضادة للحق الإنساني، واستبدالها بنصوص مقتبسة من روح العدل والمساواة، فيما تعمل السلطة التنفيذية وأصحاب الصلاحية على تحويل القوانين إلى قرارات نافذة تطبق باسم الشعب، أما قضاة السلطة القضائية، أهل بيوت العدالة فبأيديهم مفاتيح البوابات الكبرى التي سيمر منها المجتمع خارجا من مدينة الصراع الدائم على الحقوق، إلى مدينة الاستقرار والسلام المجتمعي، ويبقى أن نذكر هنا أن قوانين القضاء في بلادنا لا يمكننا رؤيتها إلا انعكاسا للرؤى التحررية والثورية - التغيير الجذري - وليس للمفاهيم الاجتماعية السائدة، وما التسليم بالسائد إلا تضييع وعبث بأرواح ودماء المناضلين.

كلنا - بدون استثناء - مدعوون لتعزيز كفاحنا التحرري، لا مجال بيننا لمن يشدنا بحبل رجعيته ومفاهيمه الأنانية الذكورية إلى الخلف ليسقطنا في مستنقع المجتمعات القشرية الاتكالية العاجزة عن إنتاج أفكار بناءة ، وتجسيد مشاريع مادية عملاقة.

كلنا - بدون استثناء - نتحمل مسؤولية تحويل اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية إلى يوم استطلاع للمسافة بيننا وبين النصر، فحرية الوطن الكبير المقدس لن نحققها ما لم يدافع كل منا عن إنسانيته، ويمنحها شرف المساهمة النظرية والعملية في تجسيد حقوق وطنه الصغير المقدس (المرأة) أيضا، فحرية الإنسان - الأنثى والذكر لا تتجزأ أبدا، ولا يمنحها واحد للآخر، فهو سيبقى ناقص القيمة والقيم من دون حريتها وهي كذلك ستبقى ناقصة القيمة والقيم من دون حريته، إنها العلاقة السرمدية التي لو أدركناها بالمعرفة والعلم والإيمان لكنا الآن في فردوس سلام.