صحافة

نيويورك تايمز : أمريكا تضحي بقيمة حرية التعبير خوفا من غضب الصين

22 أكتوبر 2019
22 أكتوبر 2019

قالت صحيفة نيويورك تايمز: إن الصين تنفذ حملة رقابة مشددة على ما يدور من أحاديث بشأن سياساتها، حتى خارج حدودها، ويأتي إذعان الشركات الأمريكية الراغبة في كسب المال في الصين، ليشكل تهديدًا خطيرًا ومتزايدًا لقيمة من أهم القيم الأساسية لهذه الأمة وهي حرية التعبير.

وقد صارت الدولة الشيوعية أكثر تجرؤا في الضغط على الشركات الأجنبية للاختيار بين أن تمارس نوعا من الرقابة الذاتية على ما تقوله بشأن السياسات الصينية وبين فقدان فرصة الدخول إلى سوق سيكون قريبا أكبر سوق في العالم.

والواقع أن هناك قائمة شهيرة من موضوعات يعتبر الحديث بشأنها من المحرمات وهي تبدأ جميعا بحرف التاء - أو باللغة الإنجليزية وهي «تبت وتيانانمين وتايوان» - وقد انضمت إليها موضوعات جديدة لا بد من ذكرها، بما في ذلك الاحتجاجات في هونج كونج وإساءة معاملة الأقلية المسلمة.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في هذا الشهر، ردت الصين على تغريدة قام بها داريل موري، المدير العام لفريق نادي هيوستن روكتس الأمريكي الشهير لكرة السلة، دعماً لمتظاهري هونج كونج، وهي رسالة نشرها أثناء وجوده في اليابان، على موقع إلكتروني لا يمكن الوصول إليه حتى في داخل الصين - حيث كان رد بكين بالمطالبة بتنحية موري وإلغاء بث مباريات الدوري الأمريكي لكرة السلة، في استعراض تمثيلي لا يهدف فقط إلى معاقبة الدوري الأمريكي، ولكن أيضا لتخويف مسؤولي الشركات الأجنبية الأخرى لفرض الرقابة على أنفسهم، رغم أن متحدثا باسم وزارة الخارجية الصينية أنكر أن الحكومة قد دعت إلى إقالة موري.

ولفتت الصحيفة إلى أن الدستور في كل من الصين والولايات المتحدة ينص على حرية التعبير، لكن النظام في الصين تبنى منذ فترة طويلة نظرة ضيقة لتلك الحرية، وقبلت الشركات الأمريكية هذه القيود من أجل الفوز بأعمال تجارية في السوق الصيني الهائل.

على أن بكين تسعى الآن لبسط سيطرتها ليس فقط على ما يقال في داخل الصين، ولكن أيضا ما يقال عنها في خارج أراضيها، فأي موضوع تراه خارجا عن الحدود المرسومة سيتم حذفه من لغة الخطاب العالمي. وذكرت الصحيفة أنه لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، تجد الولايات المتحدة نفسها في منافسة للأفكار والمبادئ مع دولة في مستوى ثقلها، ولكن هذه المرة مختلفة، حيث تتشابك الولايات المتحدة والصين اقتصاديا، وحجم التجارة بين البلدين هو الأكبر من أي مستوى تجاري بين بلدين في التاريخ العالمي.

ولا يوجد أي احتمال معقول لفك الارتباط بينهما، كما أنه ربما لن يأتي بنتيجة مرغوبة، ومن ثم فقد صار ضروريا أن يجد البلدان سبلا للعيش سويا، ويتطلب التعايش احترام الاختلافات.

وقد اتخذت الصين موقفا متشددا، وحان الوقت للولايات المتحدة للرد بالمثل، ومن واجب الولايات المتحدة والشركات الأمريكية ألا ترضى بالرقابة من جانب بكين، حتى لو كان سعر الإصرار على حرية التعبير هو فقدان دخول الأسواق الصينية.

وكان مسؤول الدوري الأمريكي آدم سيلفر قد أبدى اعتذارات للصين أثارت انتقادات واسعة في داخل الولايات المتحدة، مما اضطره إلى القول بعد ذلك إن الدوري ملتزم بحرية التعبير وإن اللاعبين وغيرهم من موظفي الدوري ما زالوا أحراراً في التعبير عن آرائهم رغم ما وصفه بـ «تداعيات مالية هائلة على الأعمال الضائعة في الصين».

لكن العديد من الشركات الأمريكية أظهرت أن قيمها معروضة للبيع، وإنهم حتى لا يساومون كثيرا على السعر، ففي العام الماضي، طالبت الحكومة الصينية شركات الطيران الأجنبية بإزالة الإشارة إلى تايوان من مواقعها على الإنترنت، لأن الصين تعتبر تايوان مقاطعة متمردة، وبدلا من الدفاع عن قيمها امتثلت الشركات الأمريكية، كما تم إقصاء مدير في فندق ماريوت في أوماها لأنه «نقر بالإعجاب» بتغريدة منشورة لمؤسسة تدعم استقلال إقليم التبت عن الصين.

وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ساهم في إضعاف قدرة الشركات الأمريكية على الوقوف دفاعا عن قيم بلادها بما في ذلك قيمة حرية التعبير من خلال عدم الإعلان عن الرفض الصريح للمطالب الصينية والوقوف بقوة إلى جانب الشركات الوطنية.

ولفتت الصحيفة إلى أن التزام أمريكا بحماية حقوق الإنسان في العالم، بما في ذلك حرية التعبير، يتطلب دائما الحزم في مختلف مواقفها، وواشنطن تواجه الآن اختبارا خاصا والعالم كله يشاهد ويتحدث.