1348168
1348168
تحقيقات

فهم تطلعات الناخب والعمل على تحقيقها والتواصل الفعّال أفضل ممارسات الحملات الانتخابية

22 أكتوبر 2019
22 أكتوبر 2019

الرئيس التنفيذي لمؤسسة العلامة للتسويق:-

هل يمكن فوز مُرشح حملته الانتخابية ضعيفة؟

أجرى الحوار: عبدالله بن سيف الخايفي -

الثقة المفرطة لدى المُرشح بضمان أصوات الناخبين دون قيامه بدعاية انتخابية أمر يحمل الكثير من المجازفة فلم تعد الوسائل«التقليدية» كافية ووعي المجتمع المتنامي يدفع المرشح لانتخابات مجلس الشورى للبحث عن افضل الوسائل للإقناع وكسب الثقة. كما أن الناخب يتأثر بحملات الدعاية الانتخابية المنظمة وقد يظل صوته متأرجحا بين مرشح وآخر حتى ساعة الحسم.

لكن هل يمكن لمرشح كانت حملته الانتخابية أضعف من حملات منافسيه أن ينجح؟ وإلى أي مدى تؤثر فعلا الدعاية الانتخابية في تشكيل رأي الناخبين في مشهد الانتخابات العماني؟

خبراء شركات الدعاية والتسويق لديهم الإجابة.. والحوار التالي مع حشر بن خميس المنذري الرئيس التنفيذي لمؤسسة العلامة للتسويق يكشف جانبا من واقع المشهد الانتخابي العماني ومدى استعانة المُرشحين لانتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة بمكاتب الدعاية والإعلان للتخطيط والترويج لحملاتهم الانتخابية. كما يتطرق الحوار إلى فاعلية الحملات الانتخابية في التأثير على رأي الناخبين وأدوات قياسها وتكلفتها المالية ونشاطاتها التسويقية المختلفة..

بداية يقول حشر المنذري: إن الحملات الانتخابية تندرج تحت فرع من فروع التسويق يسمى التسويق السياسي، وفيه يقوم المُرشح بعمل مجموعة من النشاطات التسويقية لفئة أو فئات محددة «الناخبين» بغرض إيصال رسالته لهذا الجمهور.

وذكر أن هناك الكثير من الأدبيات التي تتحدث عن تاريخ التسويق السياسي، وبأن اليونانيين أول من استخدم التسويق السياسي من خلال خطبهم السياسية.

وأضاف: تاريخيا تطورت أنظمة الحكم وأصبحت مشاركة أعداد أكبر من المواطنين في انتخاب من يمثلهم في المجالس بمختلف مستوياتها، ولكن ظهرت مشكلة أخرى في زيادة أعداد الناس فأصبح من الصعب أن يقوم المُرشح بالحديث مع كل ناخب بصفة شخصية فظهرت الحاجة لوجود حملة انتخابية بمفاهيم تسويقية تستطيع الوصول للناخبين وتوصل رسائل المُرشح لهم. وعبر التاريخ أيضا تطور التسويق والتسويق السياسي من ارسطو مرورا بميكيافيلي وحتى فيلب كوتلر وصولا للتسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وعند الحديث عن التخطيط والتنفيذ للحملات الانتخابية استهل المنذري توضيح الفرق بين فريقين أولهما فريق الحملة الانتخابية القائم على جمع الأصوات من خلال مجموعة من النشاطات الاجتماعية، وفريق الدعاية الانتخابية. وقال: إن الدعاية الانتخابية هنا ليست مجموعة من صور المرشح أو إعلاناته في الشوارع والجرائد، بل هو أعمق من ذلك بكثير.

أفضل الممارسات

وقال: إن أفضل الممارسات في حملات الدعاية الانتخابية عالميا هي قيام المُرشح بدراسة جمهوره المستهدف من الناخبين ومعرفة ماهي احتياجاتهم وتطلعاتهم وإلى أي مدى يمكنه فعلا إقناعهم بنفسه كممثل له، ونقاط القوة التي تتمثل فيه. وعلى ضوء تلك المعطيات يضع مجموعة من الرسائل الانتخابية، ثم يحدد القنوات التي سيستخدمها لإيصال هذه الرسائل بكفاءة للجمهور الذي يستهدفه، معتبرا أن أفضل الممارسات هي التي تذهب للناخب نفسه وتفهم تطلعاته، وتعمل على تحقيقها عمليا ثم التواصل بشكل فعّال حيثما تواجد الناخب. وقال: إن هذا التواصل يجب أن يكون مبنيا على استراتيجية، فوضع إعلانات غير ممنهجة يشبه التسديد في الظلام! فربما تصيب الهدف، ولكن في الغالب ستخطئه.

الوسائل المستخدمة..

وأكثرها تأثيرا

وعن الوسائل المستخدمة في الحملات وأكثرها تأثيرا قال: الفكرة تكمن فيما يشاهده أو يسمعه أو يقرأه الناخب، المضمون والشكل والتصميم والجودة وغيرها من العوامل تؤثر حتما في عمق الرسالة ورسوخها، وان التكرار كذلك يشكل عاملا قويا يستدعيه العقل اللاواعي في صناعة القرار على المدى الطويل، ولكن نحن أهل التسويق تواجهنا مشكلة في هذه الأيام، وهي كثرة الرسائل الإعلانية، فنتعرض إلى طوفان من الإعلانات بشكل يومي!.

لافتا إلى «شد الانتباه» هذه الكلمة السحرية التي يجب أن يصل لها المُرشح، مشددا على كيف يستطيع المُرشح شد الانتباه، بطريقة إيجابية غالبا، وربما تخدم الظروف البعض لأي سبب فيستطيع شد الانتباه وهنا تكمن أولى خطوات النجاح.

أفضل الطرق فاعلية

وحول مدى استخدام الحملات الانتخابية في الدعاية الانتخابية للمُرشحين لانتخابات الفترة التاسعة لمجلس الشورى قال المنذري: قام العديد من المُرشحين باستخدام حملات دعائية من الوسائل التقليدية والحديثة، كالاجتماعات المباشرة، والشبكات الاجتماعية، وإعلانات الشوارع، وغيرها، وهذا تطور طبيعي وصحي.

لكنه تساءل هل استخدمت بأفضل الطرق فاعلية؟! وأجاب : لا أعتقد، وقال: إن استهداف الجميع بإعلانات عامة أسلوب منهك جدا للمُرشح، وفي كثير من الأحيان تذهب الإعلانات إلى فئات غير مستهدفة، أو لا يحق لها التصويت أصلا، أو ربما ليست من تلك الولاية، وهذا كله يعد تكلفة وجهدا ضائعا، والحملات الآن يجب أن تتجاوز الإعلان إلى البيانات، من هم هؤلاء الناخبين، ماذا يشاهدون في هواتفهم؟ وكيف استطيع الوصول إلى كل شخص وأعرف ما هي المواضيع التي يحب سماعها فأتناولها برسالتي التي تصله. فمثلا، ناخب محتمل، رياضي وعضو نشيط في رياضة معينة، هل استطيع التعرف إليه إلكترونيا وإيصال رسالتي الخاصة عن موضوع الجانب الرياضي بشكل خاص له؟.

وأوضح: أن الموضوع ليس بتلك السهولة، فالعالم الآن يتحدث عن مشكلة الخصوصية والتي فجرتها الحملات الانتخابية أيضا في فضيحة «كامبريدج أناليتيكا». وهذا نقاش طويل يصعب حسمه حاليا، ولكن وجهة النظر التي أنحاز إليها كمسوق أن الاستهداف للفئات المهتمة أفضل بكثير من الإعلانات الاقتحامية التي تصل لجمهور غير مستهدف وتتحدث عن مواضيع غير ذات صلة، مع الحفاظ على حق من تصله هذه الإعلانات في إيقافها بكل سهولة، فليست وسيلة الإعلان إزعاج الجماهير.

دراسات غير كافية

ولكن كيف يمكن رصد وتقييم تأثير الحملات الانتخابية وفاعليتها في إقناع الناخبين؟ يقول: بالنسبة للمشهد الانتخابي العماني، في الحقيقة ليست هناك دراسات بالعمق الكافي التي توضح العلاقة بين الحملات الانتخابية ومدى فاعليتها في التأثير على رأي الناخبين، بمعنى أنه قد يفوز مُرشح كانت حملته الانتخابية والدعائية اضعف من حملات منافسيه، والأسباب كثيرة. وقال: إن هناك العديد من الناخبين حسموا أصواتهم حتى قبل انطلاق الحملات الانتخابية باختيار مرشحيهم، وهناك فئة لم تحسم أمرها بعد، وهذه الفئة تستهدفها الحملات التسويقية في الدرجة الأولى ثم تسعى لاستمالة الأطراف التي حسمت أمرها مسبقا بالزخم الذي تشكله الحملات الانتخابية. ولكن المبشر أنه أصبحت هناك قناعة لدى الغالبية العظمى أن التواصل والإعلان والإعلام أصبحت ضرورة لكل مُرشح، وهي تمثل سلوكا ديمقراطيا ووطنيا محمودا، فمن حق الناخبين على المُرشح أن يتعرفوا عليه، مؤهلاته وقدراته ومهاراته وخططه ووعوده. وهو يخدم المُرشح إن كتب له الفوز حتى بعد نهاية الانتخابات ودخوله في مجلس الشورى، حيث يؤسس لمكانة أقوى للعضو بعد الفوز في وسائل الإعلام والحضور الجماهيري والمتابعة الشعبية .

أدوات القياس

أما بشأن أدوات لقياس نجاح الحملات الانتخابية لمعرفة نتائجها فقال: للأسف ليست هناك آليات لقياس مدى تأثير الحملات الانتخابية على حد علمي في السلطنة، مع أن هذا الموضوع مهم! (في إحدى الدول الأجنبية قامت إحدى سلاسل محلات البقالة المشهورة بوضع صورتين مختلفين على أكواب القهوة، كل صورة تمثل مرشحا مختلفا، وقيل للزبائن: خذ كوب القهوة الذي عليه صورة مرشحك، واستطاعوا خلال فترة معينة قياس فرص نجاح كل مترشح).

هي فكرة بسيطة وربما تكون معطياتها ليست دقيقة ١٠٠٪ لكنها تعطيك صورة مبسطة عن اتجاهات الرأي العام حول العملية الانتخابية. هذه الممارسات لاتزال غائبة في انتخاباتنا كما يقول لكنه توقع أن تأتي في قادم الأيام كتطور طبيعي للتنافس والمهنية التي وصل إليها عدد من حملات المُرشحين للمجالس المختلف في السلطنة.

تجربة تسويقية متكاملة

وعن الأدوار التي تقوم بها مؤسسات وشركات الدعاية والتسويق في إدارة الحملات الانتخابية وتولي التخطيط والتنفيذ لها قال المنذري : في شركة العلامة للتسويق نختص بالاستراتيجيات التسويقية، الهوية التسويقية، الشبكات الاجتماعية، كتابة المحتوى، والحلول الرقمية. وأضاف : نعتقد أن هذه التخصصات تعطي تجربة تسويقية متكاملة للحملات التسويقية. وقد عملنا فعلا على حملتين سابقتين لمجالس مختلفة، والحمد لله حصل أصحابها على أعلى الأصوات في تلك الدورات، ولكن لا نستطيع نسبة هذا النجاح لنا كشركة، هو نجاح للمُرشح بالدرجة الأولى، حيث إن الحملة التسويقية داعمة للمُرشح وليست جوهرا في ذاتها.

الجوانب البصرية

وقال: تتلخص مهمتنا في الشركة في تقديم خيارات استراتيجية عن التوجهات العامة للحملة، وقد نتدخل في إخراج الرؤية الانتخابية من ناحية اللغة والشكل. ثم نهتم بكل الجوانب البصرية المتعلقة بالحملة، من صورة المُرشح وشعار الحملة والألوان. بعدها نتجه إلى الجانب الإعلاني، أين يظهر الإعلان، ولمن يظهر، ومتى يظهر. نبتكر أيضا إعلانات وأحداثا من شأنها استقطاب الاهتمام المجتمعي والإعلامي لنشاطات الحملة المختلفة. كما نقدم النصائح والاستشارات في التعامل مع وسائل الإعلام، والتحضير للمؤتمرات العامة وكتابة الأخبار الصحفية.

وقال : هل هذا يعني أننا نتحدث نيابة عن المُرشح؟ بكل تأكيد لا، كل النشاطات التسويقية في الانتخابات العالمية تقوم بها شركة أو عدة شركات أو متطوعون، يساعدون المُرشح في إيصال صوته والتعبير عن أفكاره بطرق مختلفة.

تنافس شديد

وغياب الإحصائيات

وحول مدى استعانة المُرشحين بمكاتب وشركات الدعاية والإعلان للتخطيط وتنفيذ حملاتهم الانتخابية؟ قال المنذري: ليست لدي إحصائيات، ولكن كشركة العلامة للتسويق تواصل معنا أكثر من ١٠ مترشحين لإدارة حملاتهم ولكننا اعتذرنا من الجميع لارتباطنا بأعمال أخرى مسبقة يصعب معها إدارة حملة تسويقية متكاملة لانتخابات مجلس الشورى، لإيماننا أن حملات من هذا النوع عبارة عن خلية نحل لا تهدأ. ففي وقت قصير هناك الكثير من الأعمال التخطيطية والفنية التي يجب أن تنجز، مع تحد في الحصول على بيانات تفصيلية يمكن استخدامها في الحملات الدعائية. لذلك اعتذرنا للجميع ولكننا كنا نراقب الحملات البارزة ونناقشها بغرض الاستفادة من التجارب. هذه الدورة كانت هناك حملات انتخابية مختلفة، واتسمت الحملات في بعض الولايات بالتنافس الشديد وهذه ظاهرة صحية كما أراها.

تخطيط استراتيجي

ووقوفا على الجانب المالي للحملات الانتخابية وكم تبلغ تكلفة الحملة الانتخابية قال المنذري: يصعب وضع تسعيرة واحدة للحملات الانتخابية، لأن هذا السؤال يعتمد على الكثير من المتغيرات. ولكن يمكن تقسيم التكلفة إلى جانبين، جانب وكالة الدعاية التي ستخطط استراتيجيا وتقوم بعمل التصاميم وإنتاج الأفلام والإعلانات، وهنا أيضا الأسعار متفاوتة، فقد تنتج فيلما مدته دقيقة بـ ٢٠٠ «مائتي ريال عماني»، وربما يكلفك ١٥٠٠٠ «خمسة عشر ألف ريال عماني» اعتمادا على جودة الأدوات ومواقع التصوير وفريق العمل، وهذا يندرج أيضا على تفاوت خبرة وكالة الدعاية وطاقم عملها.

المساحات الإعلانية

أما الجانب الثاني فهو شراء المساحات الإعلانية، بمعنى ما هي وسائل الإعلان المدفوعة التي سيستخدمها العضو ليضع إعلانه أو صورته فيها، كاللافتات الخارجية والصحف، والمطبوعات، والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي. وتتفاوت هذه الوسائل في أسعارها على حسب المكان والحجم وعدد مرات الظهور. ولكن بشكل عام الحملة الإعلانية المتكاملة تكلف مبالغ تصل إلى عشرات آلاف الريالات.

غرفة عمليات متحركة

وحول مدى قدرة الشركات ووكالات الدعاية والإعلان الموجودة في التخطيط والتنفيذ للحملات الانتخابية وهل لدينا فعلا وكالات متخصصة في هذا النوع من الدعاية؟

في عدد من دول العالم المتقدمة في مجال الانتخابات هناك قطاع كامل يعمل في التسويق السياسي، أي أنهم متخصصون في إدارة حملات المترشحين المختلفين، ولديهم كوادر لها تاريخ طويل في العمل على حملات المُرشحين، وهناك أيضا المتطوعون من مؤيدي المُرشح والذين يشكلون جيشا من المعاونين لوكالة الدعاية والإعلان. وهذه الشركات لا تقوم بالدعاية للمُرشح فقط، بل قد تكون عبارة عن غرفة عمليات متحركة، تجلب المعلومات والأرقام والأخبار واستطلاعات الرأي وتستهدف المؤثرين والجماعات، وتراقب حملات الخصوم، وتستهدف جماهيرهم.

التأثير بالحملات

قضية غير محسومة

وفي السلطنة قد نكون في شركة العلامة للتسويق من الشركات القليلة التي عملت على حملات الدعاية للمُرشحين بشكل منهجي مستخدمين أدوات تسويقية في الاستهداف والتواصل في الدورات السابقة، ولكن اعتذرنا لكل المُرشحين لهذه الدورة بسبب ارتباطاتنا في أعمال مسبقة. هذا في حد ذاته يفتح المجال لشركات أخرى لتقدم هذه الخدمات كونها مطلوبة في السوق. ولكن التخصص في الحملات الانتخابية صعب، كونها موسمية، وتتعامل فيها مع مُرشحين مستقلين ولا تزال قضية التأثير بالحملات غير محسومة، ولكن أعتقد أن هناك فرصة مواتية للشركات الناشئة في هذا المجال.