1345635
1345635
الاقتصادية

صناعات محلية صغيرة تتطلع إلى دخول الأسواق العالمية

22 أكتوبر 2019
22 أكتوبر 2019

كتبت: رحمة الكلبانية -

تمثل الصناعات المحلية الصغيرة مصدر دخل جيدا لروادها يغنيهم عن مزاولة الوظائف الروتينية الثابتة، ويفتح لهم آفاقًا واسعة ومجالا رحبا للتطور والتعلم، وذلك وفقًا لمجموعة من الصناع العمانيين التقت بهم «عمان» لسؤالهم حول اختيارهم للعمل في صناعاتهم الصغيرة في الوقت الذي يتجه فيه آخرون للوظيفة بحثا عن الأمان الوظيفي. حيث أكد الصناع بأن العمل في مهنة يحبونها أمر مجد اقتصاديًا واتفق الجميع على رغبتهم في تخطي الحدود المحلية والدخول إلى السوق العالمية.

ويعد حسين بن علي الشيخ، صاحب شركة الدسار لأعمال النحت وتشكيل الأخشاب، أحد هؤلاء الصناع الطموحين، فبعد دراسته للهندسة المدنية، وانضمامه للكلية المهنية كمدرب نجارة، أخذ حسين يفكر بالطريقة التي يمكن أن يستخدم بها مهاراته في النجارة لبدء عمل خاص به بعيدًا عن صنع الطاولات والأبواب، وذلك حين قرر استخدام بقايا الخشب التي يجدها خارج محيط منزله لصنع منحوتات وهدايا تذكارية مميزة وبيعها.

ويقول حسين: بدأت بالعمل في شركتي الخاصة منذ أكثر من عام، ساعدني في ذلك مهاراتي التي اكتسبتها كمدرب نجارة بلا شك، ولكن لي أن أقول بأن التعلم الذاتي من الإنترنت ومواقع التواصل هي من كان لها الأثر الأكبر في بلورة موهبتي، وما مكنني من إنتاج منحوتات مختلفة ومميزة جاذبة للناس. ويطمح حسين إلى أن تلاقي منحوتاته يومًا استحسان الذوق العالمي، وأن تصل للأسواق الخارجية.

وحول الجدوى الاقتصادية من عمله، قال حسين بأن عمل النجارة عملٌ مربح للغاية، خاصة إذا ما كان نابعا من رغبة وشغف، حيث يضم هذا الفن خيارات واسعة وإمكانيات غير محدودة وسط طلب متزايد من السوق المحلية. وأضاف: أحزن عندما أرى أن من يشغل هذه المهنة أغلبهم من غير العمانيين في حين أن العماني يمكن أن يبدع فيها ويوصلها لآفاق أبعد حيث إنه سيحظى بدعم المجتمع. وأدعو المدارس إلى ضرورة أن تأخذ الأطفال والشباب لزيارة معارض الصناعة لتعريفهم بأهمية الأعمال اليدوية والحرف.

إصرار وتطوير

ورغبة منها في إيجاد مصدر دخل يلائم طبيعة حياتها التي لا تسمح لها بقضاء وقت طويل خارج المنزل، التحقت عديلة الغافرية بدورة تدريبية لصناعة المنحوتات التقليدية مكنتها من بدء مشروع خاص بها في صناعة المناديس والمشغولات العمانية التقليدية بالخشب.

تقول الغافرية: بدأت في مشروعي هذا منذ عام 2014 حيث بدأت بصنع منحوتات خشبية تقليدية وبيعها على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رزق لي، حيث إنني من أسر الضمان الاجتماعي، واحتاج لما يعيل عائلتي. وفي البداية لم يكن العائد المالي مجديًا، حتى أني فكرت بالبحث عن وظيفة، إلا أنه ومن خلال زيادة تواجدي في منصات التواصل والمشاركة في المعارض المختلفة التي تعقد في السلطنة تمكنت من كسب قاعدة زبائن جيدة.

وأضافت: وبعد أن ازدادت الطلب على أعمالي، قمت بالعمل على تطوير منحوتاتي الخشبية من خلال إدخال خامات طبيعية أخرى كسعف النخيل وغيرها. وتطمح الغافرية إلى أن تؤسس شركة خاصة توظف من خلالها غيرها من الحرفيين والصناعيين العمانيين.

التعلم ذاتيًا

وأكدت نجى النعمانية، صاحبة مشروع «أروما كارت» لصناعة الصابون الطبيعي، أن البدء بحرفة ومشروع من الصفر لم يعد بالأمر الصعب أو المستحيل، وأنه لا يحتاج إلى شهادة أكاديمية أو تخصص دقيق، حيث بات بإمكان الراغبين في البدء بمشاريعهم الخاصة التعلم ذاتيًا عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعرض آلاف الأفكار وتوفر كافة التفاصيل الدقيقة لتطبيقها.

وعن تجربتها الخاصة قالت النعمانية: بدأت مشروعي الخاص في صناعة الصابون الطبيعي وتشكيله إلى قوالب فنية مختلفة منذ خمسة أعوام، وذلك بعد تخرجي من تخصص التصميم الجرافيكي، حيث كنت في وقت فراغي أقوم بمشاهدة مقاطع مرئية حول كيفية صناعة الصابون وأقوم بتطبيقها وتطويرها ومن ثم عرضها في وسائل التواصل وبيعها، حتى تمكنت أخير من فتح محل خاص بي في بركاء قبل 7 أشهر.

وكغيرها من الصناع العمانيين، تطمح نجى بمنافسة العلامات التجارية العالمية والكبرى في صناعة الصابون، وأن تكون الخيار الأول في السوق المحلية. وحول ما تحتاجه للوصول إلى هذا الهدف قالت النعمانية: أحتاج إلى الدعم المعنوي من المجتمع، وأن يقوموا بدعم الصناعات العمانية وإعطائها فرصة، كما نحتاج من الجهات المعنية تسهيل إصدار التراخيص لتشجيع الصناع لأخذ مشاريعهم خطوة أخرى للأمام.

شغف بالمهنة

وبدأ كل من قاسم المعمري ويوسف الجهوري، أصحاب مؤسسة المدر مشروعهما في تشكيل الطين وصنع تماثيل مختلفة معاصرة وتقليدية منذ أكثر من 6 سنوات كعمل جانبي وكهواية، إلا أنهم بعد أن قطعوا شوطًا في هذه الصناعة ووجدوا إقبالا داخليا وخارجيا على منتجاتهم قاموا بفتح ورشة خاصة بهم في السويق. وباتوا يشاركون في المحافل والمعارض المختلفة في داخل وخارج السلطنة.

وحول قصة نجاحهم، قال قاسم المعمري: بدأنا الأمر كهواية، حيث كنا نشكل بالطين الأحمر أشكالا مختلفة، وتلوينها، وبعد تمكننا من ذلك أخذنا بتطوير هذه الصناعة وبتنا نستخدم أنواعا أكثر جودة من الطين وتشكيله في قوالب اكثر احترافية لسيارات ومراكب وغيرها مستخدمين مقاييس الرسم الصحيحة لذلك، بعدها نقوم بمعالجتها بدرجات حرارة عالية جدًا وتلوينها بأصباغ ذات جودة عالية مقاومة للرطوبة والمتغيرات الحرارية. مؤكدًا بأن عملية التطوير والتحسين المستمرة للمنتج كانت أحد أهم عوامل نجاح مشروعهما.

وقال المعمري: ليس هناك أفضل من أن يعمل المرء ما يحب، وأن يحول هوايته لمصدر دخل، لكن ذلك لا يتحقق في ليلة وضحاها، إذ على الصانع أن يعمل بجد وأن يطور من صناعته لتتواءم مع متطلبات السوق، وأن يبقي أماله مرتفعة. كما يحتاج الصانع للنجاح الدعم من عائلته ومجتمعه ومن الدولة من خلال تقديم التسهيلات له وتشجيعه.

توجه مختلف

وقالت صفاء الريامية: إن صناعتها للقصص التعليمية التفاعلية بالصوف والخامات المختلفة للأطفال جاءت صدفة، بعد أن طلبت منها إحدى المعلمات أن تصنع لها مجموعة من الوسائل التعليمية المختلفة. إذا تقول: لطالما أحببت الرسم والأشغال اليدوية ولكنني لم أتوقع يومًا بأن تمثل مصدرًا للدخل لي يومًا، وأن يتعدى الأمر إلى صناعة الدمى وعقد مسارح لها وورشات تعليمية للأطفال وفي المدارس فيما بعد.

وأضافت: بدأت في مشروعي منذ خمسة أعوام حين كنت أعمل في رياض الأطفال، مما أعطاني الخبرة الكافية لفهم احتياجاتهم من الوسائل التعليمية، وكانت رغبة مني في تقديم أمر مختلف ومميز وغير مسبوق. وفي البداية لم يكن المشروع مجديا ماليًا خاصة فيما يتعلق ببيع الوسائل التعليمية، إلا أن الفرص الذي توفرت لي من بعد ذلك من خلال تقديم ورش العمل والعروض فتحت لي المجال للوصول إلى مدارس وجهات تعليمية أكبر.