Abdullah
Abdullah
أعمدة

رماد: طريق جديد

16 أكتوبر 2019
16 أكتوبر 2019

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

الطريق شارف على النهاية، والظلام قد حل في بداياته، فكان قرار أخذ استراحة صغيرة يريح بها قدميه المنهكتين من طول المسير أمر لا بأس به، فكان النوم رفيقه في تلك الاستراحة، ولكنه كان أطول منها بكثير، فقد امتد نومه إلى شروق الشمس، ثم استيقظ صارخا، فوصوله إلى النهاية لأجل تحقيق الهدف لم يكن يستحق هذا الوقت، فقد خسر الكثير من نومه طوال الليل.

النهاية لم تكن كما توقع، لكأن البناء قد انهار عند آخر قطعة طوب وضعها لإكماله، فخيم الحزن على كل جسده، فلم تعد نفسه تتحمل جسده، ولا جسده يتحمل روحه، ولا روحه تتحمل طموحه الذي رسمه في بداية مشوار مسيره نحو تحقيق الهدف، فسقط على الأرض في صمت يكسو خنجرته، وانكسار يطال عينيه، وانحناء يطوق رقبته باتجاه الأرض التي تمنى حينها أن تبتلعه.

أخذ وهو على تلك الحال يقلب صفحات ذاكرته، وينفض عنها بعضا من تفاصيل الأيام التي سعى واجتهد ليصل إلى مشارف النهاية، حيث سترسم له الدنيا ابتسامتها، وتشرق في عينيه شمس الحضور بعد أن غرق سنينا في الظلام؛ ذلك الذي أجبر على العيش فيه فقط لأنه يحمل في قلبه النقاء، بسريرة أنصع من بياض الثلج.

وبينما هو على تلك الحال البائسة، تحرك من نبضه ما يسمعه أنه لا يزال على قيد الحياة، وأن الحياة عطاء وجد متواصل، وأن الإخفاق مرة، لا يعني الموت، فاستنهض من همته، وعاد أدراجه، ليرسم من جديد طموحا يرجو من الله أن يرى بريق تحقيقه، والعيش فيه، فلا جد بلا عمل، ولا عمل بلا فشل أو تعب أو خيبة، لربما تكون جميعها أو إحداها منعطفا لطريق جديدة، فيها خير مما لم يصل إلى نهايتها.

فالعبرة ليست دائما في النهاية، بل في ما قبل النهاية، فانعطاف صغير قد يكون فيه الخير، وصدق الله إذ قال «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم».