أفكار وآراء

مخرج إسرائيلي يبعث برسالة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين معا !

15 أكتوبر 2019
15 أكتوبر 2019

عاطف الغمري -

قبل حوالي عشرين عاما، أطلق الناشط الإسرائيلي دان ساتون، في حضور نخبة من كبار خبراء الشرق الأوسط، ومنهم يهود أمريكيون، تعبيرا أحدث صدى قويا، بقوله إن نتانياهو هو قنبلة انتحارية.

طوال هذه السنوات العشرين ازداد نتانياهو تطرفا وخطورة فى سياساته الهادمة لعملية السلام، دون أن يلقى من الولايات المتحدة، تصرفا يحد من خطورة سياساته، لكن حدث شيء آخر، إذ تزايدت أعداد المتخوفين من خطورة سياساته على يهود إسرائيل، من بين تيارات يهودية أمريكية، كان بعضها معروفا بتأييده لنتانياهو.

المناسبة لصيحة ساتون، كانت عندما جاء إلى واشنطن، ليعرض أمام نخبة من صناع القرار، فيلما سينمائيا من تأليفه وإخراجه بعنوان «القنابل الانتحارية»، في قاعة مجلس العلاقات الخارجية، وكنت حاضرا هذا اللقاء في أبريل 1998.

وأعقبت مشاهدة الفيلم مناقشة بالغة الأهمية لعملية السلام، وما يحيطها من عقبات. وكان ضمن الحاضرين مسؤولون سابقون بوزارتي الخارجية، والدفاع، ومجلس الأمن القومي، وسفراء أمريكيين سابقين، وأعضاء بمراكز الدراسات السياسية، ومسؤول من منظمة الإيباك، وعدد من الكتاب الصحفيين المعروفين، منهم أرنو دي بورجراف، الذي كان وقتها رئيسا لتحرير النيوزويك.

اتخذت المناقشات منحى واضحا، بفتح الستار على القاتل الحقيقي لعملية السلام وهو نتانياهو وحكومته، والذي لا يختلف ما يفعله عن كونه عملية انتحارية، حتى ولو لم يكن من يقوم بها يدرك عواقبها.

من المتحدثين من وصف سلوك نتانياهو، بالتراجع بعملية السلام إلى نقطة الصفر.

ومنهم من قال إن نتانياهو يبنى مفهومه للسلام على أحقيته منفردا، ومن جانب واحد، بتحديد الأرض التي ينسحب أو لا ينسحب منها، ودون أي اعتبار للفلسطينيين.

وطوال الفترة من 98 وحتى الآن، حدث شيء لافت للانتباه، بدأ بتشكيل صورة جماعية داخل المجتمع اليهودي الأمريكي، رافضة لسياسات نتانياهو.

وبعد أن كانت قد تكونت في بداية العشرين سنة الماضية تجمعات يهودية أمريكية رافضة لسياسات نتانياهو، من زاوية مخاوفهم على يهود إسرائيل من كارثة ستلحق بهم جراء تصرفات نتانياهو، وأبرزها منظمة «أمريكيون من أجل السلام الآن» و«إسرائيل بوليسي فورام»، و«روجي ستريت»، لكن العامين الماضيين شهدا ظهور جماعات أخرى، بدأت بين تيارات من شباب اليهود الأمريكيين النشطاء الذين أدانوا سياسات نتانياهو، ثم ظهرت بعدهم جماعات يهودية أمريكية، قررت التحرك الجماعي غير المسبوق بإرسال خطاب إلى الرئيس ترامب، تطالبه بالحد من اندفاع نتانياهو، وسياساته المتطرفة وآخرها تهديده بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.

وضمن هذه الجماعات حركة اليهود المحافظين الإصلاحية، واتحاد الإصلاح اليهودي، وحركة المعبد اليهودي المتحد، وجماعة دعم الحقوق المدنية اليهودية، والمجلس القومي للمرأة اليهودية، وغيرها.. ونبهت الرسالة إلى تراجع ترامب عن الالتزام الأمريكي الرسمي بحل الدولتين.

والغريب أن هذا التنبيه إلى خطورة ما يفعله نتانياهو والذي يتردد صداه في الولايات المتحدة طوال عشرين عاما حتى الآن، والذي يصدر عن يهود أمريكيين، لم يكن له صدى إيجابي من ناحية الولايات المتحدة، بل إنه – على حد قول الرسالة الجماعية اليهودية – قد وجد دعما مفرطا من ترامب.

لقد بقيت في نهاية ندوة واشنطن مقولة دان ساتون صاحب تعبير «نتانياهو هو قنبلة انتحارية» قوله إنني أردت بهذا الفيلم، أن أبعث برسالة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين معا، وهى أن عزل المتطرفين على الجانبين هو الطريق الفعلي إلى السلام.