1340993
1340993
المنوعات

حرب «الأمور طيبة» تعصر «ولد البلد» بين ضميره الحي وعصبة الشياطين

14 أكتوبر 2019
14 أكتوبر 2019

عمل مسرحي يتناول قضايا مجتمعية بكوميديا سوداء -

كتب : عامر بن عبدالله الأنصاري:-

مسرحية «ولد البلد»، تستعرض قصة «مرهون» الذي أدى دوره الفنان عبدالحكيم الصالحي، فيصارع مطرقة شياطين الأنس، أبناء ابليس، ومطرقة الضمير الحي الملازم له، يُضرب بشده من قبل عصبة الظلمة الشياطين، كلمة «الأمور طيبة» أقل ما يُطلب من مرهون أن يقولها.

«صلاح» صاحب السلطة الظالمة، الذي أدى دوره الفنان «جمعة هيكل»، يستعرض على «مرهون» أخبار الصحف والتي تقول «الأمور طيبة»، وتقول في صفحاتها الاقتصادية «الخير جاي»، وغيرها من العناوين الرنانة، ليقنع «مرهون» بأن يقول العبارة ويفرج عنه ويرتاح من الضرب، وموسيقى الإذاعات تصدح بأغاني «الأمور طيبة».

«الخسيس» هو ضمير مرهون الصالح، وأدى دوره الفنان قاسم الريامي، لا يترك مرهون في حاله، يجاهده على المواصلة في موقفه، لا يرتضي أن تخرج من فمه كلمة «الأمور طيبة»، فالأمور ليست كذلك، والنفاق طريق لا يعرفه مرهون، أو بالأحرى ضمير مرهون.

يدخل «عادل» أحد ابناء ابليس، الذي أدى دوره الفنان عبدالغفور البلوشي، ليواصل رحلة أقناع مرهون، ولا جدوى، أما «أمينة» الابنة المدللة لإبليس، والتي أدت دورها الفنانة فخرية خميس، تحاول إقناع مرهون بطرق أخرى، الأنوثة سلاح قد لا يصمد مرهون أمامه.

لكل واحد من الشخصيات الرئيسية ضمير مقترن، «صياد» الأخ الوحيد لمرهون، والذي أدى دوره الفنان قحطان الحسني، بين خيارين كلاهما مر، أن يتدخل لوقف الضرب عن أخيه، أو أن يلتزم الصمت لكي لا يناله الضرب والعقاب، إلا أن ضميره «محبوب» الذي أدى دوره الفنان الصلت السيابي، لا يرضى أن يقف «صياد» موقف المتفرج مما يحصل لأخيه، فيصدر في حقه القرار بأن تقلع عينه.

فماذا يفعل كل واحد مع ضميره الحي، الذي يجرهم إلى الإحسان والصلاح في مجتمع يسوده الظلم، ويحكمه شياطين الانس من أبناء ابليس، فقد يقرر أحدهم قتل ضميره، وآخر يقرر بيعه، على «دَلَّال» الضمائر، الضمير الفاسد الذي يحمل اسما نبيلا ليس له من اسمه شيء، «الشريف» الذي أدى دوره الفنان سامي البوصافي تاجر يقتات على بيع الضمائر، فهل ينجح في محاولاته لبيع الضمائر على التاجرة، الابنة المدلل لإبليس «أمينة»، فهي التي تشتري الضمائر، وهي المشعوذة التي تصنع المشروبات للمجتمع ليعيشوا رغم الظروف القاسية في أوهام، فمشروب يجعلهم يقولون «الأمور طيبة»، وآخر لـ «الخير جاي»، وغيرها من المشروبات.

تحاول صنع مجتمع زائف، لتكون المدللة عند «ابليس»، والذي يظهر أخيرا، ويؤدي دوره الفنان صالح زعل، يوبخ المقصرين من أبنائه، ويجازي المنجزين منهم والمساهمين في ظلال المجتمع ووصولهم إلى مرحلة النفاق والحقد والحسد والنصب.

في حرب الضمائر، وحرب الشياطين، وبين الفساد والصلح، يعيش مرهون في صراع وأحداث كثيرة، وأخوه صياد كذلك يختار طريقا آخر.

فكيف تنتهي الأحداث بين تلك الحروب، وهل ينتصر الخير كالعادة أم ينتهي على غير المتوقع، تلك أسئلة تجدون إجابتها في مسرح مدينة العرفان اليوم، في ثالث عروض مسرحية «ولد البلد» وآخرها.

الفكرة

تقوم فكرة العمل على التناقضات، مؤلف العمل ومخرجه «مالك المسلماني» وضع رمزيات تمثلت في أسماء الشخوص، «مرهون» اسم يرمز للإنسان البسيط المغلوب على أمره، أما «أمينة» بعيدة كل البعد عن الأمانة فهي ابنة ابليس، وكذلك «عادل» و «صلاح» ليس فيهم عدل ولا صلاح، وأسماء الضمائر لها دلالات، «الخسيس» الضمير الصالح الذي يحض على الخير، و»الشريف» هو الضمير الفاسد، تلك الأسماء ترمز إلى التناقض والنفاق في المجتمعات الفاسدة، فالصالح بين زمرة الفاسدين يُعتبر فاسدا، والطالح بين الفاسد أصبح شريفا.

الكثير من الإسقاطات السياسية والاجتماعية تطرق لها العمل، إشارات للباحثين عن عمل، وانتخابات الشورى، والتوظيف المسبق للإعلانات، وغيرها من الإشارات التي يعيش المجتمع معمعتها ويتداولها الناس بين حقيقة وأوهام.

العمل المسرحي لم يخلُ من الملاحظات، شيء من الخروج من النص، المسرح رغم جماله وفضاؤه الرحب لا يعتبر الصف الأول منه أو الصفوف الثلاثة الأولى منه ملائمة للمشاهدة حيث إن مستوى تلك الصفوف أقل من مستوى المسرح، كما أن الإضافة لا تخدم العمل، فالمسرح وتفاصيله في وضوح كبير حتى مع إطفاء الضوء، ويبقى الجمال والروعة والروح المرحة التي صاحبت العمل المسرحي لأكثر من ساعتين هو المتسيد للمشهد العام للمسرحية، النقاشات الكثيرة بين الجمهور ما بعد العرض، لمسنا معظمها والتي تؤكد روعة العمل المسرحي والذي أخذ الجمهور في رحلة مع الكوميديا السوداء والشد المستمر للأحداث والضحك لأكثر من ساعتين.

جدير بالذكر أن العمل من إنتاج شركة أكاسيا، وتم عرضه الأول أمس الأول الأحد، واليوم الجمهور على موعد مع آخر عروضه حسب الجدول المعد.