إشراقات

البيئة الصحية

10 أكتوبر 2019
10 أكتوبر 2019

علي العلياني -

إن وجود الإنسان في بيئة معينة، يتنفس هواءها ويشرب من مائها ويتناول من غذائها وينام في محيطها، يعني أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بكل ذرة فيها، وبالتالي لا بد أن يستنشق ويشرب ويأكل ويضطجع في بيئة صحية تكفل له العيش بسعادة وراحة واطمئنان أي بما يضمن أن تكون كل هذه المعطيات خالية وسليمة من كل أسباب التلوث المختلفة من حيث إن أسباب التلوث لها من الأضرار التي تمس الإنسان في طعامه وشرابه وهواءه ما يكفي ليعيش في دوامة الأمراض المعدية والآفات الفتاكة، وبالتالي يعيش مريضا كئيبا حزينا غير فعال ولا منتج. من هنا جاءت أهمية البيئة الصحية لتخلق مجتمعا فاعلا قادرا على التنمية والعطاء والتطوير وبناء المجتمعات بناء قويا، وإيجاد البيئة الصحية قائم أساسا على وعي الفرد وتقديره لأهمية وجود بيئة جميلة نظيفة خالية من المخلفات الضارة والنفايات السامة ومن الجراثيم والحشرات التي تنمو وتتكاثر في البيئة القذرة التي يهمل فيها أبناؤها النظافة الشخصية والنظافة العامة وهنا نردد أن شعارنا البيئة الصحية هي بيئة قوية وعطاء متجدد.

فالبيئة الصحية هي هواء قوي منعش يتخلل الجهاز التنفسي فيبعث الأكسجين الصافي في الجهاز التنفسي مما يحمي الجهاز التنفسي شاملاً الرئتين والشعب الهوائية من الأمراض المتكررة، وأيضاً الهواء النقي هو مصدر سعادة وراحة، فهو يساعد على إبعاد الخمول والكسل.

والبيئة الصحية ماء عذب زلال خال من الفيروسات والبكتيريا والميكروبات الضارة وما أجمل أن يكون الماء الذي نشربه صافيا رقراقا يتخلل عروق الجسم ليحوله إلى كتلة من النشاط والحيوية والهمة، ويبعد عن الكليتين كل داء أو مرض ليعيش الإنسان موفور الصحة في هذا الجانب، وما أكثر أمراض الكلى الناتجة عن عدم صفاء الماء أو تلوثه.

تحوي طعاماً لذيذاً شهياً طازجاً بعيداً عن متناول الذباب والجراثيم والبكتيريا الضارة. فبنظافته وخلوه من كل ما يضر بالصحة ناتج بالدرجة الأولى عن نظافة البيئة والمواد والأوعية التي تحفظه. والطعام الصحي الخالي من الملوثات نعمة كبيرة تساعد على نمو جسم صحيح وبدن قوي قادر على تحمل المسؤوليات والمهمات الملقاة على عاتقه

مطلب اجتماعي ملح، وضرورة يفرضها الواقع من أجل سلامة الجميع من الأمراض والأوبئة التي تفتك بهم وتمنعهم عن القيام بوظائفهم الحياتية كما ينبغي. والبيئة الصحية تعني المزيد من العطاء والعمل والإنتاج وبالتالي مزيد من الرخاء الاقتصادي.

وتعني تكاتف الأيدي وتضافر الجهود وتعاونا مثمرا وعطاء مستمرا في سبيل إزالة كل ما من شأنه تغيير الحياة إلى الأسوأ، بل ودفعها إلى الأفضل والأحسن . وصمام أمان يقي من كل المهلكات ويزيل كل المنغصات ويبعد كل الأوبئة والآفات. فهي وقاية قبل أن نصرخ ونخرج الآهات من شدة قوة أمراضنا. وبالتالي لا بديل ولا خيار ولا توجه إلا أن تكون بيئتنا صحية. وهي ثقافة قبل أن تكون ممارسة ونتاج طبيعي للوعي والإدراك بمخاطر أن تكون بيئتنا قذرة ملوثة.

والبيئة الصحية هي أن نتخطى مرحلة التفكير في مسألة الخروج من محيط المرض والأوجاع والآلام إلى مرحلة العطاء بلا حدود والنشاط والهمة والحيوية التي تكفل لنا عيشاً رغيداً وحياة سعيدة نقبل بها على هذه الحياة بكل البهجة والفرحة بدل الإحباط والضيق والاكتئاب. وهي البحث عن الأفضل في سبيل الوصول إلى أهدافنا بأقصر الطرق وأيسرها وأكثرها أماناً بعيداً عن مزالق المرض والعوز والفقر والجهل والتخلف. وهي عنوان بارز لكل مجتمع يريد أن يرتقي وأن يظهر بصورة مهذبة جميلة وأن يكون مصدر احترام وتقدير وإشادة وأن يكون لديه أبناء أصحاء أقوياء يشيدون أرقى الحضارات ويبنون أحسن العمران.

وتعني ممارسة للحياة الصحية الناتجة عن القناعات الراسخة بفكرة أن النظافة هي أساس الحياة السعيدة وأن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء وهذا الأمر يرشدنا إلى أن البيئة الصحية هي أغلى ما نملك وأفضل ما نستطيع تقديمه وأرقى هدية ممكن أن نختارها لنرد الجميل والعرفان لهذا الوطن الغالي الذي أعطانا الكثير والكثير. وهي نتاج مجموعة من الوسائل والطرق المعينة على إيجاد جو جميل لطيف يمتزج فيه الجمال بالروائح الزكية والنفوس المهذبة الراقية التي تهفو إلى التقدم والأناقة التي تعني مزيداً من الإنسانية في أبهى صورها وابلغ معانيها وأدق تفاصيلها. كما أنها مثال حي ورائع للمثالية في العيش بعيدا عن كل زلل أو خطأ ناتج عن سوء التعامل مع البيئة من حيث عدم نظافتها أو تلوث جوها أو إهمال مرافقها الحيوية، وهي تعني المزيد والمزيد من المبادرات وابتكار الطرق والأساليب للحفاظ على البيئة نظيفة ورائعة. ومع أنها تحتاج إلى جهود ضخمة وتكاليف عالية إلا أنها في النهاية هي الحياة وعكسها الموت والعيش في دوامة من الأمراض المهلكة. ونتعلم من خلال الوقوف على تفاصيلها أننا إذا أردنا الحياة على حقيقتها لا بد أن ندرك مدى فداحة الخطر وعظم الخسارة إذا أهملنا أو قصرنا في حق البيئة التي نعيش فيها، ويشمل هذا التقصير جميع الجوانب المتعلقة بصحة البيئة سواء أكانت نظافة عامة أو خاصة وان التواكل في هذا الجانب يؤدي إلى فتح ثغرات قاتلة في جدار البيئة الصحية مما يؤدي في النهاية إلى سقوطه المدوي ودماره المريع. وتعني التزام الجميع بكل الأهداف والرؤى والتوجهات حتى لا نكون فريقا يبني وآخر يهدم كما قال الشاعر:

متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدمُ

فنحن في سفينة واحدة إذا أخذ الجميع بأيدي بعضهم نجونا ووصلنا بر الأمان وإذا تسلل إلى قلوبنا داء التواكل كل واحد ينتظر من الثاني فإن الغرق سيحل على الكل وهكذا الحياة كلها تكامل وتعاون بسبب أن سير الحياة يقتضي الشراكة التي تعني التكامل في سبيل ضمان استمرار الحياة بنفس الوتيرة والإيقاع.