1335941
1335941
العرب والعالم

الجيش التركي يقصف الحدود السورية - العراقية لقطع خطوط الإمداد

08 أكتوبر 2019
08 أكتوبر 2019

الأكراد يشيرون لمحادثات مع دمشق -

دمشق -عمان- بسام جميدة - وكالات:

قال مسؤولان تركيان أمس إن الجيش التركي نفذ ضربات جوية استهدفت الحدود السورية-العراقية الليلة قبل الماضية لمنع القوات الكردية من استخدام الطريق لتعزيز شمال شرق سوريا.

وقال مسؤول أمني «أحد الأهداف الرئيسية كان قطع طريق المرور بين العراق وسوريا قبل العملية في سوريا.

بهذه الطريقة تم قطع طريق عبور الجماعة إلى سوريا وخطوط الإمداد بما في ذلك بالذخيرة». ولم يتضح حجم الدمار أو ما إذا كان هناك قتلى أو جرحى.

وقالت تركيا أمس إنها صارت مستعدة تماما لشن عملية عسكرية في شمال شرق سوريا بعدما بدأت الولايات المتحدة سحب قوات لها من هناك، مما يمهد الطريق لهجوم تركي على القوات التي يقودها الأكراد والمتحالفة مع واشنطن منذ وقت طويل.

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حذر من أنه «سيدمر ويمحو تماما» اقتصاد تركيا إذا أقدمت على شيء في سوريا يعتبره «متجاوزا للحدود» في أعقاب قراره الذي أعلنه الأحد بسحب 50 من القوات الخاصة الأمريكية من المنطقة الحدودية.

ومن شأن الانسحاب الأمريكي أن يضعف وضع القوات، التي يقودها الأكراد والتي تعتبر شريكة لواشنطن في سوريا، أمام توغل القوات المسلحة التركية التي تعتبرها جماعة إرهابية بسبب صلتها بمتشددين أكراد يشنون تمردا داخل تركيا منذ عقود.

وواصل الرئيس الأمريكي أمس الدفاع عن علاقات واشنطن مع أنقرة بعد أن انتقد الحزبان الجمهوري والديمقراطي قراره سحب قوات أمريكية من شمال شرق سوريا في خطوة يخشى منتقدون أن تفتح الطريق أمام هجوم تركي على القوات التي يقودها الأكراد.

وكتب ترامب على تويتر «ينسى الكثيرون بسهولة أن تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة. في حقيقة الأمر هم يقومون بتصنيع الإطار الهيكلي الفولاذي للمقاتلة الأمريكية إف-35. كما أن التعامل معهم كان جيدا». وأضاف ترامب «لنتذكر دائما، وعلى نحو مهم، أن تركيا عضو مهم للمكانة الجيدة لحلف شمال الأطلسي».

وأعلنت سوريا عن أول موقف رسمي لها تجاه مايجري على الحدود السورية التركية ونية أنقرة شن عملية عسكرية في شرق الفرات، عن موقفها الثابت في الدفاع عن أراضيها، وأكد نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، أن بلاده ستدافع عن كل أراضيها، ولن تقبل بأي احتلال لأي أرض أو ذرة تراب سورية، ومن يرتمي بأحضان الأجنبي سيرميه الأجنبي بقرف بعيداً عنه، حسب تعبيره.

وقال المقداد: لكن على الآخرين وفي هذا المجال، ألا يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة، لأننا على استعداد للدفاع عن أرضنا وشعبنا.

وأضاف في رده على سؤال حول تخلي القوات الأمريكية عن المقاتلين الأكراد وبدء الانسحاب الأمريكي من المناطق الحدودية قال: (كل من لا يخلص للوطن ويبيعه بأرخص الأسعار سيجد أنه سيرمى به خارج التاريخ، ونحن حذرنا في الكثير من المرات من هذه المؤامرات على الوطن وعلى الشعب السوري، وقلنا إن من يرتمي بأحضان الأجنبي فسيرميه الأجنبي بقرف بعيداً عنه وهذا ما حصل)، وتابع: (نحن نريد أن نحل كل المشاكل السورية بطريقة إيجابية وبطريقة بعيدة عن العنف لكن بطريقة تحافظ على كل ذرة تراب من أرض سورية).

وفيما يشير إلى تحول آخر محتمل في ميزان القوى بالمنطقة، قالت القوات التي يقودها الأكراد إنها ربما تبدأ محادثات مع دمشق وموسكو لملء أي فراغ أمني في حالة انسحاب القوات الأمريكية بالكامل من منطقة الحدود مع تركيا.

وقالت وزارة الدفاع التركية على تويتر في ساعة مبكرة من صباح أمس «لن تقبل القوات المسلحة التركية أبدا بتأسيس ممر للإرهاب على حدودنا. اكتملت جميع استعداداتنا للعملية».

وأضافت «من المهم إقامة منطقة آمنة - ممر سلام للمساهمة في سلام واستقرار منطقتنا وحتى يعيش السوريون حياة آمنة».

وقال شاهد من رويترز إنه لم يلحظ من تل أبيض السورية الواقعة عبر الحدود أي نشاط عسكري قرب بلدة أقجة قلعة الحدودية التركية. ونُشرت مدافع هاورتز خلف سواتر على الأرض على الجانب التركي من الحدود وكانت موجهة صوب سوريا.

وعلى بعد نحو 60 كيلومترا غربا، جرى أيضا نشر العديد من راجمات الصواريخ متعددة الفوهات على متن شاحنتين وخلف سواتر قرب مدينة سروج التركية المواجهة لمدينة عين العرب (كوباني) السورية على الحدود.

وهناك تمركز للمدفعية في المنطقة حيث جرى أيضا رصد تجول جنود، سيرا على الأقدام، في محيط معسكر قريب.

وقال مسؤول أمريكي إن القوات الأمريكية أخلت نقطتي مراقبة في مدينتي تل أبيض ورأس العين السوريتين أمس الاول.

ويهدف تحذير ترامب على ما يبدو إلى إرضاء منتقديه الذين اتهموه بالتخلي عن الأكراد السوريين من خلال سحب القوات الأمريكية. وشارك في الانتقادات زعماء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومن مجلسي الكونجرس ومن بينهم السناتور الجمهوري ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ.

وقال ترامب على تويتر «أكرر ما أكدته من قبل، أنه إذا فعلت تركيا أي شيء أعتبره بحكمتي البالغة التي لا تضاهى تجاوزا للحدود فسأدمر الاقتصاد التركي وأمحوه تماما (لقد فعلت ذلك من قبل)».

قوبلت تعليقات ترامب برد فعل غاضب في تركيا حتى من ساسة منتمين لأحزاب معارضة مثل زعيمة حزب الخير ميرال أكشينار التي قالت إنه يجب تنحية السياسات المحلية جانبا في مثل هذا اليوم.

وقالت أكشينار لأعضاء البرلمان المنتمين لحزبها، في كلمة داخل مقر البرلمان، «تهديد اقتصاد تركيا كارثة دبلوماسية... اليوم يوجد حزب واحد فقط وهو علمنا (التركي) الأحمر».

وأضافت «أفضل رد على هذه الوقاحة هي الذهاب إلى شرق الفرات وقطع ممر الإرهاب».

ونددت القوات التي يقودها أكراد، وكانت أهم شريك لواشنطن في قتال تنظيم داعش، بالتحول الكبير المفاجئ في السياسة الأمريكية وقالت إنه مَثّل لها «طعنا بالظهر».

وقال مصطفى بالي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية «لا تزال الحشود التركية على الحدود مستمرة. ولدينا بعض المعلومات التي تشير إلى أن الدولة التركية جلبت بعض فصائل (المعارضة) من الجيش الحر من جرابلس وإعزاز وعفرين إلى الحدود. وهذه التحركات تدل على هجوم وشيك، ونحن نتوقع حدوث هجوم في وقت قريب».

وأضاف بالي لرويترز «طبعا ثمة تحضيرات لنا على طول الحدود مع الدولة التركية، وقواتنا في حالة الجاهزية».

وقال بدران جيا كرد، المسؤول بقوات سوريا الديمقراطية، إن السلطات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا ربما تبدأ محادثات مع دمشق وموسكو إذا ما انسحبت القوات الأمريكية بالكامل من منطقة الحدود مع تركيا.

وأضاف جيا كرد لرويترز «ممكن وقتها نتناقش مع دمشق والجانب الروسي لسد الفراغ وصد الهجوم التركي فهذا الأمر يمكن أن يتطور أو يحصل لقاءات أو تواصل في حال حصل فراغ في المنطقة من قبل التحالف الدولي وفي حال أصرت الدولة التركية على استغلال الفراغ للهجوم».

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية أمس الاول إن واشنطن تتوقع من تركيا تولي المسؤولية عن سجناء تنظيم داعش إذا سيطرت أنقرة خلال توغلها المرتقب في شمال شرق سوريا على مناطق احتجاز المتشددين.

وقالت روسيا، أقوى حليف أجنبي للرئيس السوري بشار الأسد، إنها لم تُبلغ مسبقا سواء من الولايات المتحدة أو تركيا بأي ترتيبات توصلتا إليها بشأن خطط لسحب قوات أمريكية من شمال شرق سوريا، مضيفة أنها تتابع الوضع «عن كثب شديد».

كما عبرت إيران، وهي حليف آخر للأسد، عن معارضتها لأي عملية عسكرية تركية في سوريا. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان «حدوث ذلك لن ينهي المخاوف الأمنية التركية كما سيؤدي إلى ضرر مادي وبشري واسع النطاق».

وحذرت بريطانيا تركيا أمس من القيام بعمل عسكري منفرد في سوريا.

وقال أندرو موريسون الوزير بوزارة الخارجية «كنا واضحين تماما مع تركيا بأنه لا بد من تجنب العمل العسكري المنفرد لأنه سيزعزع استقرار المنطقة ويهدد جهود إنزال الهزيمة النهائية بداعش».

ونأى موريسون بالحكومة البريطانية عن تأكيد الرئيس الأمريكي في وقت سابق أن بريطانيا سعيدة جدا لقراره سحب القوات الأمريكية.

وقال موريسون إنه «لا فكرة» لديه من أين جاء هذا التعليق وإنه ليس مبنيا بالتأكيد على محتويات اتصال هاتفي بين وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

وأيضا قال متحدث باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون أمس إن بريطانيا قلقة للغاية من خطط تركيا للقيام بعملية عسكرية في شمال شرق سوريا.

وحين سئل المتحدث عن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن بريطانيا «سعيدة جدا» بالتحول في سياسته بشأن سوريا، قال المتحدث باسم جونسون إن تحركات القوات الأمريكية مسألة تخص الولايات المتحدة.

وعبرت ألمانيا عن قلقها من خطط تركيا للتحرك العسكري. وقالت أولريكه ديمر المتحدثة باسم الحكومة الألمانية إن أي تدخل عسكري «ستكون له عواقب أمنية وسياسية وإنسانية دامية».

ويقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تعتزم إعادة توطين مليوني لاجئ في شمال سوريا. وذكرت وسائل إعلام تركية أن مسودة خطة إعادة التوطين تشمل مشروعا إنشائيا بتكلفة 151 مليار ليرة (26 مليار دولار). وتستضيف تركيا 3.6 مليون لاجئ سوري.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية للصحفيين عبر الهاتف إن الجنود الأمريكيين الخمسين الموجودين في المنطقة التي تستهدفها تركيا سينتشرون في أماكن أخرى في سوريا «حيث لا يكونون في مرمى النيران». وللولايات المتحدة نحو ألف جندي في سوريا.

ويشوب التوتر علاقات أنقرة مع واشنطن منذ وقت طويل بسبب قضايا منها السياسة إزاء سوريا وشراء تركيا لمنظومة دفاع صاروخي روسية.